صدر العدد الأخير من الكتاب الذهبي بـ روز اليوسف، عدد مارس 2024، بعنوان «مصر والفكر القومي العربي»، للكاتب الصحفي عبده مباشر، والكتاب يناقش قضية بالغة الأهمية في توقيت تتعاظم فيه تحديات الأمة العربية والدولة الوطنية، في محيطنا العربي، ويغوص في عُمق الفكر القومي بمنهج علمي لتعظيم المُشترك وتعزيز صيغ التكامل القابلة للتنفيذ على أرض الواقع، والكتاب به جهد فكري وبحثي كبير، ويناقش المؤلف فيه تاريخ الفكر القومي العربي، وبداياته التأسيسية، وعلاقته بمصر منذ الحرب العالمية الأولى، وصولًا إلى بدايات القرن الواحد والعشرين، مرورًا بالتجارب العربية المشتركة، ويقدم الكتاب أيضًا نماذج متعددة للوحدة القائمة على المصالح المشتركة من العالم العربي وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
ويقدم أيمن عبدالمجيد رئيس التحرير للكتاب قائلًا إننا أمام بحث علمي عميق، لمُفكر موضوعي، يواجه قضية قديمة معاصرة، برؤية واقعية، بحثًا عن نموذج للتكامل قابل للتنفيذ، مصطحبًا القارئ العربي في عمق تاريخ القضية، وصولًا إلى شاطئ الأمل المُمكن، غارسًا بذلك البحث النقدي بذور معرفة عميقة، علَّ الأجيال الشابة تستفيد منها، في ظل تنامي المعرفة السطحية التي فرضها طوفان التناول الإعلامي القشري للقضايا.
علّنا بهذا العمل الذي نقدمه للقارئ نخدم الوطن ونضع لبنة جديدة في حصون وعي المهتمين من أبناء شعب مصر الذي هو جزء من الأمّة العربية بنص المادة الأولى من الدستور ” يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمي إلى القارة الإفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية”.
علاقات تاريخية
ويحتوي كتاب مصر والفكر القومي العربي على ستة أبواب، و٢٨ فصلًا تتناول بالمناقشة والتحليل تفنيد أفكار ومضامين مرتبطة بعنوان الكتاب، ومن أبرزها: مفهوم القومية ومعناها، وموقف الفكر القومي تاريخيًا، وميلاد الدولة في المنطقة العربية وأبرز الإشكاليات التي واجهت مفهوم القومية مع التيارات الفكرية الأخرى، ومصر والعروبة، وعلاقتهما تاريخيًا، ومحنة الفكر القومي ورواده، والآباء المؤسّسون للفكر المصري، والعلاقة بين الدولة الوطنية والفكر القومي، والقومية.. عربيًا.. وأوروبيًا، ما بَعد القومية، ودرسان ألمانيان لأنصار الفكر القومي.
ويقول عبده مباشر في كتابه “نحن لا نفرّط في يوم واحد من عمر مصر ولا في عطاء واحد من معطياتها وعطاءاتها وحضاراتها.. فمصر عندنا هي مصر الفرعونية ومصر المسيحية ومصر الإسلامية ومصر الحديثة في يقين عقلي ووجداني جامع وشامل، والإسلام لم ينكر أوطان الناس أو جذورهم بل تعامل مع البشر والبلاد في سماحة وذكاء معًا.. تمثلا للآية الكريمة (وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا)، وقد بارك الإسلام مصر فأعطته وأعطاها، ونمته ونماها وكانت له بيئة حضارية وقفت وراءه بالعِلْم والمال والرجال مما يملأ تفاصيله مجلدات.. ثم إن مصر هذه، حبها دين.. حبها من الدين.. أو حبها، حبان: حب من حب الله بما وقفت وراء الأديان وأعطت الإنسان وأعلت الحضارات، الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» نفسه يقول: «حب الوطن من الإيمان»، ماذا يريدون بعد هذا؟!، وحب لذاتها، بكل يوم من أيامها.. بكل ذَرّة من ترابها.. بكل قطرة من نيلها.. بكل قسمة من قسمات وجهها النبيل، وهي بهذا كله أهل للولاء والفداء.
ويضيف أنه مع الاقتناع بأهمية وضرورة الحفاظ على الحلم العربي، فإن الحاجة تدعو الآن إلى التركيز على العمل العربي المشترك والبحث عن القواسم المشتركة وتعظيمها واشتراك مصر مع دول المحيط العربي في استكشاف وتعظيم المصالح المشتركة.