لعل السؤال عن لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر ؟ يعد من الأمور المخفية العظيمة وأحد أسرار هذه الليلة المباركة التي ينبغي معرفتها، حيث إن حقيقة أن ليلة القدر – ليلة واحدة- خير من ألف شهر تبدو عجيبة بعض الشيء، وهذا ما يثير التساؤل عن لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر ؟، فليس يسيرًا أن يفوق ثواب العبادة في ليلة واحدة عبادات ثلاثة وثمانين سنة، الأمر الذي يوجب اغتنام ليلة القدر وعدم تفويتها بأي حال من الأحوال بل وجميع الليالي العشر الأواخر من رمضان، فليس من العقل المجازفة بذلك الفضل العظيم ، كما أنه لا أحد يعرف إن كانت ستسنح له الفرصة مرة أخرى لإدراك ليلة القدر برمضان المقبل أم لا؟، كما أنه قد تحمل إجابة هذا التساؤل عن لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر ؟، مزيدا من الدلالة على فضل ليلة القدر ومن ثم الحرص على اغتنامها .
لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر
قالت دار الإفتاء المصرية، في توضيحها لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر ؟، إن فضل ليلة القدر كبير وعظيم لأنها الليلة المباركة التي يقول الله تعالى عنها : ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ “(القدر 001-003) فهي ليلة خير من ألف شهر في الثواب والأجر وهي ليلة القدر والمعنى ليلة التقدير وسميت بذلك لأن الله تعالى يقدر ما يشاء من أمره أي يظهره في تلك الليلة بعد ما كتبه في الأزل.
وأضافت “ الإفتاء” أنه وقيل سُميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها من قولهم لفلان قدر – أي شرف ومنزلة .وقد قيل أن العابد فيما مضى لا يسمى عابدًا حتى يعبد الله ألف شهر أي ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر فجعل الله تبارك وتعالى لأمة محمد عبادة هذه الله خير من ألف شهر كانوا يعبدونها.
واستشهدت بما قال ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المسلمون من ذلك فنزلت : ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ” (القدر 001-003) المدة التي حمل فيها الرجل سلاحه في سبيل الله ففي هذه الليلة : ” تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ” (القدر 004) . أي تنزل الملائكة من السماء إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر .
وتابعت: وقد اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر : والذي عليه أكثر العلماء أنها ليلة سبع وعشرين وحجتهم حديث زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول : من يتم الحول يصب ليلة القدر فقال : يغفر الله لأبي عبد الله لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنه أراد ألا يتكل الناس ثم حلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين وقيل هي في شهر رمضان دون سائر العام ، وهو قول أبي هريرة ، والصحيح المشهور كما قال القرطبي رحمه الله تعالى أنها في العشر الأواخر من رمضان وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد .
وأشارت إلى أنه قال قوم : هي ليلة الحادي والعشرين ومال إليه الشافعي ، والصحيح أنها في العشر الأواخر دون تعيين والحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس في العبادة في العشر الأواخر كلها، كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى.
وورد فيها أن الله سبحانه وتعالى فضل ليلة القدر وميزها عن غيرها من الليالي، فجعلها خير من ألف شهر، والحكمة من ذكر القرآن أن ليلة القدر خير من ألف شهر ، في قوله عز وجل: «لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» الآية 3 من سورة القدر، مما جاء في بيان الألف شهر هذه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمال الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمال أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر».
ودللت بما روي عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر قال فعجب المسلمون من ذلك قال فأنزل الله عز وجل «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)» التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف.
ما معنى خير من ألف شهر
ورد أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر ليلة القدر في محكم كتابه بأنها خير من ألف شهر، كما ميّزها الله عز وجل واختصّها بعظيم ثوابه، حيث إن ليلة القدر ليست كألف شهر بل هي خير من ألف شهر، لأنها ليلة تروي ظمأ القلوب المتعطشة للعفو والرحمة، المتطلعة إلى المغفرة بعد أن لوثتها الذنوب، وارهقتها الغفلة، وطمست ضياءها.
وتعد ليلة الجلال والجمال، وهي تحتضن المصلين الخاشعين الذاکرین الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، الذين رفعوا أكفهم وضجّت زوايا المساجد بدعائهم بقلوب خاشعة مخبتة، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا ظالمين، والسماء يتلألأ نورها ويزهو ضياؤها حيث تتنزل منها ملائكة الرحمة والمغفرة، يرافقهم الروح الأمين جبريل عليه السلام.
واستطردت: وليشهد الجميع السلام من السلام، وتبرُد أكباد التائبين، وتسكُن قلوب المذنبين، وتُجبر نفوس المنكسرين، فما أعظم معنی غفر له ما تقدم من ذنبه، حينها غدراتنا وذنوبنا تمحى، والصحائف المسودة بالغفلات تطوى، والزلّات والخطايا في مسيرة العمر الماضية يحلّ بها عفو الله، تقصير المرء وضلاله في سنينه السابقة يبلغها سلامٌ ليلة القدر.
و قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر»، وليلة القدر لا يخرج الشيطان معها، فقد روى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ» سـلام هي حتى مطلع الفجر فهي خيرٌ كلها، ليس فيها شرٌ إلى مطلع الفجر.
سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم
ورد فيها أن الله تعالى يقدر ما يشاء من أمره أي يظهره في تلك الليلة بعد ما كتبه في الأزل، وقيل في سبب تسميتها ليلة القدر لعظمها وقدرها وشرفها، وجعل الله تبارك وتعالى لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- العبادة فيها خير من ألف شهر .
و قيل في تسمية ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر وهو القرآن الكريم، على لسان ملك ذي قدر، على أمة لها قدر، ولعل الله تعالى إنما ذكر لفظة القدر في هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب، «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» (القدر: 1 – 3).
وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر، وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر، كما قيل لأن للطاعات فيها قدرًا عظيمًا، كما قيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر، قال أبو بكر الوراق: سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر ولا خطر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها”، والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها، فليلة القدر، حيث الغفران والقرب من الله سبحانه وتعالى، والاتصال، وتضيق الأرض بالملائكة، فلا يكون مكان لشيطان، وقال الله تعالى : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)» من سورة القدر.
و قال العلماء القدر بمعنى التضييق، أي أنها ليلة التضييق، لأن الأرض تتسع وتنزل فيها الملائكة ولا يكون فيها مكان لشيطان، وهي ليلة العظمة والشرف، لأن من يقوم فيها ويدعو فيها ويقرأ القرآن فيها ويتقرب إلى الله فيها بأعمال الخير ينال القدر والشرف عند الله تعالى، وقيل ليلة القدر بمعنى التقدير، فالله سبحانه وتعالى يُقدر في تلك الليلة آجال العباد وأرزاقهم وما يجري عليهم من أحداث في هذا العام، فهنيئًا لمن قُدر له رزقه وأجله وهو قائم يُصلي بين يدي الله عز وجل.
معنى ليلة القدر
ورد في معنى ليلة القدر فيها أنزل الله تعالى القرآن وهي من أفضل الليالي ، وقد أخفاها الله سبحانه وتعالى في اليالي الوترية بالعشر الاواخر من رمضان ، وورد فيها أن الله تعالى يقدر ما يشاء من أمره أي يظهره في تلك الليلة بعد ما كتبه في الأزل، وقيل في سبب تسميتها أو معنى ليلة القدر لعظمها وقدرها وشرفها، وأنها تكتب فيها مقادير الخلائق، وجعل الله تبارك وتعالى لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- العبادة فيها خير من ألف شهر.
فضل ليلة القدر
1- في ليلة القدر غفران للذنب لمن قامها محتسبًا الأجر عند الله عز وجل، فعن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه قال: «مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه» رواه البخاريُّ (35)، ومسلم (760).
2- أنزل الله تعالى في ليلة القدر القرآن الكريم، قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ».
3- خصّ الله تعالى ليلة القدر بالبركة، قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ».
4- تُكتب فيها الأعمار والأرزاق للعام القادم، قال تعالى: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ».
5- ميّز الله العبادة فيها دون باقي الليالي، قال تعالى: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ».
6- تتنزّل الملائكة في ليلة القدر لتحفّ المسلمين، وتملأ الأرض بالخير والرحمة والمغفرة، قال تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ».
7- ليلة القدر تكون خالية من الشّر، وتكثر فيها الطاعة والخير، فهي سلام من الأذى كلّه، قال تعالى: «سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ».