تونس- تجمّع أمام السفارة الإيطالية بتونس اليوم الأربعاء عدد من النشطاء احتجاجا على زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني للبلاد معتبرين أنها تسعى لابتزاز تونس من أجل مزيد من تضييق الخناق على المهاجرين، فيما رفض الرئيس قيس سعيّد أن تكون بلاده معبرا أو مستقرا للمهاجرين.
وأتى الاحتجاج تحت حراسة أمنية مشددة، إذ أقيم طوق أمني حول محيط السفارة بينما رفع المحتجون أصواتهم للتعبير عن سخطهم مما وصفوه إصرارا من رئيسة الحكومة الإيطالية على تحويل تونس إلى حارس بحري للبوابة الأوروبية ومركزا لاحتجاز المهاجرين الأفارقة تمهيدا لترحيلهم.
من جهتها، نشرت اليوم رئاسة الجمهورية التونسية بيانا حول مضمون الزيارة الثالثة من نوعها لرئيسة الحكومة الإيطالية منذ تقلدها هذا المنصب، أعرب فيه الرئيس التونسي مجددا عن موقفه الرافض لأن تكون تونس “مستقرا أو معبرا للمهاجرين غير النظاميين”.
ودعا سعيّد إلى اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر والأعضاء في جنوب المتوسط وشماله، مؤكدا أن تونس بذلت جهودا كبيرة لرعاية المهاجرين غير النظاميين، لكن لا يمكنها كأي دولة تقوم على القانون أن تقبل بأوضاع غير قانونية على أراضيها.
توقيع اتفاقات
وعلى هامش الزيارة، أعلنت الرئاسة التونسية عن توقيع 3 اتفاقيات، الأولى تتعلق باتفاق بين الحكومتين التونسية والإيطالية لدعم الميزانية العامة للدولة التونسية، والثانية بين البنك المركزي التونسي ومؤسسة الودائع والقروض الإيطالية بخصوص دعم وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
أما الاتفاقية الثالثة، فتتعلق بمذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الجامعة والبحث الإيطالية للتعاون في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي.
ولم تشر الرئاسة التونسية إلى توقيع أي اتفاق بخصوص ملف الهجرة غير النظامية خلال الاجتماع الذي دار بين سعيّد وميلوني.
من جانبه، قال الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن هناك تناقضا بين الخطاب والممارسة لدى السلطة التونسية في قضايا عديدة ومنها الهجرة، مبينا أن هناك خطابا رسميا موجها للرأي العام يدافع عن السيادة ويرفض لعب دور الحارس لأوروبا، لكن الممارسة عكس ذلك.
وأكد في حديثه للجزيرة نت أن توقيع هذه الاتفاقيات يدخل في سياق الاتفاقيات التي يعقدها اليمين الأوروبي مع قادة دول الجنوب كمقابل للحد من تدفق المهاجرين نحو سواحل أوروبا ومزيد تبني مقاربات أمنية زجرية على طول السواحل التونسية وتحويل تونس لمصيدة ومركز حجز للمهاجرين.
ورأى أن تواتر زيارات ميلوني إلى تونس يندرج في سياق “لعبها ورقة مكافحة الهجرة غير النظامية” قبل موعد الانتخابات القادمة في أوروبا، مضيفا أنها تستبق بخطوة تحسن العوامل الجوية في المتوسط بمحاولة للضغط على تونس للحد من تدفق المهاجرين.
ابتزاز إيطالي
كما أفاد بأن المؤشرات تدل على أن إيطاليا تبتز تونس بدعم مالي واتفاقات ثنائية مقابل الحد من تدفق المهاجرين، مشيرا إلى أن تونس منعت العام الماضي عبور أكثر من 80 ألف مهاجر من مختلف الجنسيات إلى سواحل إيطاليا، ومنعت منذ بداية العام الجاري عبور أكثر من 21 ألف مهاجر.
من جهته، قال رئيس جمعية الأرض للجميع عماد السلطاني للجزيرة نت إن أمله خاب من بيان رئاسة الجمهورية التونسية عقب لقاء سعيّد بميلوني، معتبرا أن البيان الرئاسي كان مليئا بالشعارات الفضفاضة في مجال الهجرة غير النظامية لا غير.
وعبر عن استيائه من تجاهل رئاسة الجمهورية التونسية لملف المفقودين التونسيين خلال رحلات الهجرة غير المنظمة باتجاه إيطاليا جراء تدهور الأوضاع المعيشية منذ عام 2011، إضافة إلى تجاهل رئاسة الجمهورية إلى معاناة المهاجرين الأفارقة العالقين خاصة في مدينة صفاقس (جنوب)، وفق قوله.
واعتبر أن تنظيم الوقفة الاحتجاجية اليوم أمام السفارة الإيطالية بمثابة الرسالة الموجهة للرئاسة التونسية والسلطات الإيطالية للتنديد بما يتعرض له المهاجرون غير النظاميين سواء الأفارقة أو التونسيون الذين يتم ترحيلهم جماعيا من إيطاليا في تعد صارخ على حقهم في التنقل، بحسب تعبيره.
وتربط تونس وإيطاليا العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الهجرة غير النظامية، وتم توقيع مذكرة التفاهم حول الشراكة الإستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي يوم 16 يوليو/تموز الماضي بقصر قرطاج الرئاسي لتعزيز الشراكة بين الجانبين في المجال الاقتصادي ومجال الهجرة تحديدا.