امتنعت إسرائيل عن التعليق رسميا على الهجوم المنسوب إليها في إيران، فجر الجمعة، رغم تأكيد وسائل إعلام أميركية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أن تل أبيب ردت عبر هذه الضربة على الهجوم الإيراني غير المسبوق قبل أيام.
ورأى محللون ومسؤولون إسرائيليون سابقون أن الهجوم كان بمثابة رسالة إلى طهران تفيد بقدرة تل أبيب على مهاجمة إيران داخل أراضيها.
كما لم يستبعدوا إمكانية أن يكون الرد المحدود محاولة لطي الحادث، مع سعي الحكومة الإسرائيلية لإعطاء الأولوية لإبقاء الحرب في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع.
وإذا ما صح الهجوم الإسرائيلي فإنه يأتي قبل أيام من حلول عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ الاثنين ويستمر أسبوعا.
وفي 13 أبريل/نيسان الجاري، أطلقت طهران نحو 350 صاروخا ومُسيرة وصلت إسرائيل فجر الأحد، في أول هجوم تشنه إيران من أراضيها على إسرائيل، ردا على هجوم صاروخي استهدف القسم القنصلي بسفارتها لدى دمشق مطلع الشهر نفسه.
وصرحت تل أبيب حينها بعزمها الرد على الضربات الجوية التي نفذتها إيران، مما تسبب في تصعيد التوتر بالمنطقة.
لا جولة جديدة
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل العسكري في موقع “واي نت” الإخباري رون بن يشاي أنه أيا كان من نفذ الهجوم في إيران فقد فعل ذلك على موقع أو مواقع عسكرية تابعة لسلاح الجو في الحرس الثوري، وكان ينوي السماح للنظام في طهران باحتواء الحادث، دون الحاجة لجولة أخرى من تبادل الضربات مع إسرائيل.
بدوره، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيال حولتا: مما لا شك فيه أن شيئا ما حدث في الساعات القليلة الماضية.
وأضاف لإذاعة الجيش الإسرائيلي: إيران لا تريد الاعتراف، إما أنه لم يحدث شيء كبير بالفعل أو أنها تريد تقليصه لأنها لا تريد الرد وتخشى أن يتم إلقاء اللوم عليها.
وتابع: من المهم لإيران أن تفهم أنه عندما تعمل ضدنا، لدينا القدرة على ضرب أي نقطة ويمكننا أن نحدث أضرارا جسيمة، لدينا قوة جوية ذات قدرات والولايات المتحدة تقف إلى جانبنا.
من جهته، قال المراسل والمعلق العسكري في موقع والا الإخباري أمير بوحبوط: بحسب المنشورات الأجنبية، هاجمت إسرائيل قاعدة عسكرية في أصفهان. وهذا حدث درامي. لو لم نكن في وضع حيث تقاتل إسرائيل على عدة جبهات، أعتقد أن السلوك تجاه إيران سيكون مختلفا.
وأضاف لإذاعة “103 إف إم”: لقد قررت الحكومة أن قمة أولوياتها هي في قطاع غزة، وهناك 133 سبباً لكونها الساحة الرئيسية. وحاولت عملية الليلة إعادة المواجهة المباشرة التي سعى الإيرانيون لإخراجها إلى الظل.
خيارات إيران
قال آفي ماير، رئيس التحرير السابق لصحيفة جيروزاليم بوست، في منشور على منصة إكس: يبدو أن الرد الإسرائيلي اقتصر على عدد قليل من الأهداف العسكرية في عمق إيران.
وأضاف أن رسالة إسرائيل واضحة: إننا نرد بطريقة محسوبة، ولكن لا تخطئوا فنحن نستطيع أن نضربكم، وبشدة، ونستطيع أن نضربكم في أي مكان. لا تختبرونا مرة أخرى.
ورأى ماير أنه أمام النظام الإيراني عدة خيارات، فيمكنه أن يثرثر ولكنه يترك الرد الإسرائيلي يمر دون رد عسكري، مدركا أنه كان رداً مستهدفاً ومدروساً على العمل العدواني غير المسبوق الذي قامت به إيران تجاه إسرائيل السبت، وهذا من شأنه أن يؤدي لوقف التصعيد وسيكون الخيار الحكيم والأفضل للمنطقة.
وقال: بدلاً من ذلك، يمكنها (إيران) إرسال موجة ثانية، وربما أكبر، من الطائرات المسيرة والصواريخ نحو إسرائيل، مما يستدعي رداً إسرائيلياً مماثلاً نوعياً لما حدث اليوم حسبما أفادت التقارير، إن خطوة واحدة خاطئة أو سيئة التقدير ومثل هذا التبادل يمكن أن يتحول بسهولة إلى مواجهة أوسع.
وأضاف: أخيرا، يمكنها (إيران) تعبئة قواتها العسكرية، وتفعيل جيوشها الوكيلة بشكل كامل، وأبرزها حزب الله، الذي يمتلك ترسانة تبلغ 150 ألف صاروخ، وشن هجوم كامل على إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى حرب شاملة، وربما تشمل جهات فاعلة أخرى.
واعتبر ماير أن هذا الخيار الأخير ربما هو الأقل احتمالا، وسيكون، إلى حد بعيد، الأكثر تدميرا لكلا الطرفين والمنطقة.
وأكمل: يمكن لإيران أن توجه إلى إسرائيل ضربة قوية، لكن من المؤكد تقريباً أنها ستهزم في أي سيناريو معقول.
وزاد ماير: ما سيحدث بعد ذلك يعتمد كليًا على مسار العمل الذي يقرر النظام الإيراني اتباعه.