تتوالى الفضائح التي تهز البرلمان البريطاني، لا سيما في أوساط نوابه المحافظين، كاتهامات باعتداءات جنسية ومشاهدة محتويات إباحية في مقر المجلس، مما يزيد من ريبة الناخبين حيال المسؤولين المنتخبين.
وتم الخميس تعليق عضوية النائب مارك منزيز إثر اتهامه بإساءة استخدام أموال خلال حملته الانتخابية، ليزداد بذلك عدد نواب حزب المحافظين المستهدفين بشكاوى أو المستبعدين بسبب سلوك غير ملائم.
وحتى من دون انتظار موعد الانتخابات التشريعية في نهاية السنة، يواجه الحزب الحاكم منذ 14 عاما والذي تشير الاستطلاعات إلى تقدم حزب العمال المعارض عليه بأشواط، ضغوطا متزايدة لترتيب شؤونه الداخلية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن تيم بايل الأستاذ المحاضر في السياسة في جامعة الملكة ماري قوله “كل مرة تعتقدون أنها الفضيحة الدنيئة الأخيرة، تهزّ فضيحة جديدة أركان المحافظين”، مشيرا إلى أن “ّذلك يؤكد ما يدور في بال غالبية الناخبين بحسب الاستطلاعات. فهم يعتبرون أن هذه الحكومة منهكة ولا بد من استبعادها من السباق في أقرب وقت”.
وأفادت صحيفة “التايمز” بأن النائب مارك منزيز (52 عاما) دفع نفقات طبية بآلاف الجنيهات من أموال المانحين بعدما حبسه “أشخاص سيئون” في شقة في وقت متأخر من الليل إثر موعد ضربه مع رجل عبر موقع تعارف. وينفي منزيز من جهته قيامه بأي فعل مذموم.
وقبل أيام من ذلك، انسحب النائب وليام راغ من المجموعة البرلمانية المحافظة بعدما أعطى أرقام هواتف نواب لشخص من تطبيق تعارف للشواذ، وقال إنه يخشى أن يكون في حوزة هذا الشخص معلومات محرجة بشأنه.
ولا تقتصر الفضائح على هذين النائبين، فقد استقال النائب المحافظ سكوت بنتون الشهر الماضي بسبب قضية مورست فيها ضغوط، وذلك بعد فترة وجيزة من تعليق عضوية زميله بيتر بون الذي ثبت ذنبه في ممارسة التخويف وسلوك جنسي غير لائق بحق معاون برلماني سابق.
وانسحب نواب محافظون آخرون من حزبهم إثر اتهامات باعتداءات جنسية، في حين عُلّقت عضوية نائب في أواخر السنة لإدلائه بتصريحات عنصرية.
مزيد من الفضائح
وفي مايو/أيار 2022، حكم على النائب المحافظ السابق عمران أحمد خان بالسجن 18 شهرا على خلفية الاعتداء جنسيا على مراهق. وقدّم نيل باريش استقالته في الفترة عينها بعدما تبيّن أنه شاهد محتويات إباحية على هاتفه في البرلمان.
في السنة عينها، تسببت فضيحة النائب المحافظ كريس بينشر المقرب من بوريس جونسون والذي قام بملامسة رجلين عندما كان مخمورا، بمفاقمة الضغوط على رئيس الوزراء لدفعه إلى التنحي.
وفي أوساط الأحزاب الأخرى، استقال زعيم الوحدويين لأيرلندا الشمالية جيفري دونالدسن من منصبه في مارس/آذار إثر إدانته بجنح جنسية.
واستبعد وزير الدفاع غرانت شابس -يوم الخميس- فكرة أن يكون المحافظون على وجه الخصوص يسلكون سلوكا جدليا أكثر من غيرهم، قائلا “في كل الميادين، سينحرف أشخاص، كما الحال سابقا”.
ونتيجة لقرارات تعليق العضوية المتتالية، بات 18 نائبا يشغلون مقاعدهم بصفة مستقلة. ومنذ انتخابات 2019، سُجلت 20 حالة أخرى من الإقالة أو الإقصاء في أوساط النواب.
وترى الباحثة المتخصصة في السياسة البريطانية صوفي ستويرز أن هذا العدد مرتفع فعلا بالمقارنة مع الولايات التشريعية السابقة.
ومنذ تكشّف أولى فضائح الانتهاكات الجنسية في البرلمان البريطاني في 2017 وتوجيه عشرات الاتهامات، بات مسار تلقي الشكاوى أيضا أكثر دقة.
غير أن استطلاعا حديثا أظهر أن أقل من ثلث البريطانيين يعتبرون أن مجلس العموم يحافظ بفعالية على معايير سلوكية عالية. ويعزى ذلك جزئيا إلى تصدر الفضائح المتوالية لنواب تبنوا سلوكا غير لائق عناوين الصحف، مقوضة بالكامل ثقة الجمهور.