كشف الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، صحة ما يتداول من حديث (كذب المنجمون ولو صدقوا).
كذب المنجمون ولو صدقوا
وقال مرزوق عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك إن “كذب المنجمون ولو صدقوا” هي عبارة مشهورة على الألسنة وهي ليست حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن معناها صحيح.
وتابع: نبهنا على حرمة تصديق الأخبار التي تنشر عن النجوم والأبراج وتأثيرها في حياة الناس، وأن هذا الكلام لا أساس له في الشرع، مضيفا: ورغم ذلك مازالت بعض الفضائيات تروج لذلك الجهل كل فترة وأخرى، وعلى وجه الخصوص عند بداية كل عام ميلادي .
واستدل العالم الأزهري على تحريم تصديق أخبار الأبراج والنجوم، بقوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو)، حيث إن غيب المستقبل لا يعلمه إلا الله تعالى.
كما حذّرت السنة النبوية الصحيحة من الذهاب إلى العرافين ويصدق ذلك على المنجمين ومن يقرأ الفنجان ونحوهم
قال صلى الله عليه وسلم (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم في صحيحه في كتاب السلام باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان.
ونبه إلى معنى عدم قبول صلاته أنه لا ثواب له من صلاته في خلال تلك المدة ، فصلاته تعتبر إسقاط فرض فقط .
حقيقة وجود السحر
وعن السحر, وهل هو موجود فعلاً؟ وإذا كان موجوداً فكيف يمكن العلاج منه؟ وما أعراضه؟، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن السحر موجود, وهذا السحر الموجود ضعيف {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} وقال تعالى: {وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}, فالسحر موجود, وهو شبيه تماماً بشيء مثل الإنفولونزا, أما كيفية ذهابه, فإنه يذهب بقراءة القرآن، أما تخيل بعض الناس أن السحر هذا في منتهى القوة بحيث إننا نقرأ القرآن كله عليه فلا يشفى, ولا يتم تحرره منه, فهذه أوهام يجب أن ننتهي منها, وهذه من عقليات الخرافة, فالسحر موجود والسحر له علاج.
وبيّن أن علاجه في منتهى البساطة, آية الكرسي تذهبه, المعوذتان تذهبانه, قراءة الفاتحة تذهبه؛ لأن كيد الشيطان ضعيف, ولم يجعل الله – سبحانه وتعالى – لهذه الشياطين علينا سبيلاً {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فليس هناك سلطان من هذا الذي يرانا هو وقبيلة من حيث لا نراه, هذه الأشياء أخبرنا عنها الله – سبحانه وتعالى – وهو أعلم بغيبه.
وتابع: أخبرنا أيضاً أنها محدودة, فلا يستطيع الساحر أن يحكم البلاد مثلاً أو أن يتصرف في العباد, أو أن ينتصر في الجيوش, وإلا لفعلوها السحرة قديماً وحديثاً, لكنهم لم يستطيعوا؛ لأنها توهيمات {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} فهي تخيلات.
وأضاف: حكم الساحر ضربه بالسيف, فهذا حكم شديد, ولكن من الذي قال إنه ساحر؟ ولذلك هنا ينبغي لنا أن نحيله إلى القضاء, والقضاء هو الذي يتأكد من سحره أو عدمه. ومن هنا قالوا للقاضي: تعلم السحر ولا تعمل به. فالعلم بالشيء أفضل من الجهل به, وقالوا: إن القاضي يُباح له أن يدرس السحر من أجل أن يكتشف الساحر, ومن أجل أن يحكم عليه إذا كان فعلا هو ساحرا أو دجال, لأن السحرة الذين يقولون: نحن سحرة, ومتصدون للسحر, 99.9% منهم كذابون ودجالون, ولا يعلمون سحرا ولا أي شيء.
أما الباقي, وهو واحد في الألف, فيكتشفه القاضي بشكوى الناس, فيشكو الناس, ويقولون: إن هذا الرجل قد آذي فلانا, يشكي إلي القاضي, والقاضي يأتي ويري إذا كان هذا ساحرا أم لا .. وبالطبع معرفة الساحر من عدم الساحر قد لا تتأتي إلا بالإقرار, أنه يقر علي نفسه فيتوبه القاضي .. وهنا ليس عليه عقوبة .. فالقاضي يتوبه, ويقول له: لا تفعل هذا ثانية. ويأخذ عليه التعهد .. وينقله من بلدته التي هو فيها, ويسكنه بلدة أخري من أجل أن يبدأ حياة جديدة, أما ضرب الساحر بالسيف فيكون إذا قتل الساحر بسحره أحدا, فالساحر لو قتل يقتل, فهو عندما يصل حجم ضرره إلي قتل الآخرين يقتل .. أما مجرد السحر هكذا, بأن جعل أحدهم يصاب بالصداع, أو يقع من علي دابته .. فعقابه التتويب, والابتعاد عن البلدة, أو الحبس.
وماذا عن الشيوخ الذين يصدرون أنفسهم لعلاج السحر بالقرآن أو الدعاء ؟، قال جمعة: عمليا، أغلب هؤلاء دجالون .. والعلاج بالقرآن هو نوع من أنواع الدعاء لا علاقة له بالعلاج الإكلينيكي .. فليس عندنا كتاب مذكور فيه أن من يفعل كذا يحدث كذا, أو أنه جرب علي البشر فوجد صحيحا .. وإذا كان الشخص المعالج من غير أموال يأخذها ولا منافع يطلبها, وإذا كان علاجه بالدعاء والقرآن فقط فلا بأس به.
أما الذين يتاجرون ويربحون الأموال الطائلة فهؤلاء مجموعة من الدجالين والمنحرفين, يستعملون الدين في غير ما هو له, هذا الدين هداية, وبعض الناس يريدون استعمال الدين في السياسة, وبعض الناس يستعملون الدين في الاقتصاد, وبعض الناس استعملت الدين في الرياسة والزعامة مع الناس, والسيطرة والهيمنة عليهم وعلي عقولهم, وفي الدجل, وفي الإرهاب الفكري, وفي الإرهاب من ناحية العنف والدم … كل هذا لم ينزل الله الدين من أجله, إنما قال: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}, وليس دجلا للدجالين, ولا سلاحا لمن يريد أن يصل إلي كرسي الحكم, أو وضع اقتصادي يجمع فيه أموال الناس بالباطل ويأكلها فالعملية واضحة جدا .. والحق موجود, واستعمال الحق في غير ما هو له قضية أخري. الجن موجود, والسحر موجود, والدعاء موجود, واستجابة الدعاء موجودة, وقراءة القرآن نوع من أنواع استجابة الدعاء.