قال الكاتب الفرنسي البارز باسكال بونيفاس إن مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بإصدار مذكرة دولية باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، كرّست مصداقية هذه المحكمة الدولية.
وأضاف، في مقال له بصحيفة لاكروا الفرنسية، أن إنشاء الجنائية الدولية كان خطوة أساسية لتفادي “عدالة المنتصرين”، وبالمقابل ترسيخ عدالة عالمية تُفرض على الجميع من دون استثناء.
وتابع الكاتب مشيرا إلى أن القضايا التي وصلت إلى الجنائية الدولية اقتصرت سابقا على أسماء وشخصيات من خارج المنظومة الغربية، ولم تطل أي قائد لدولة غربية، أو لدولة مرتبطة بالغرب ارتباطا وثيقا.
إعصار كبير
في هذا السياق، يعتبر إعلان المدعي العام للجنائية الدولية “إعصارا كبيرا”، وخطوة متقدمة مهمة بإمكانها تعزيز مصداقية منظومة العدالة الدولية، على حد تعبير بونيفاس.
ويزيد الكاتب الفرنسي أنه مع هذا الإعلان بات واضحا أنه لا حصانة لحلفاء القوى الغربية، أو حتى لقادة الدول الغربية أنفسهم.
وعبّر عن أمله أن تدفع الخطوة التي أقدم عليها المدعي العام للجنائية الدولية كل قادة العالم للتفكير جيدا قبل اتخاذ أي قرارات من شأنها أن تقودهم إلى ردهات هذه المحكمة.
وبحسب بونيفاس، فإن قرار الجنائية الدولية لن يكون له أثر فوري سواء على قادة إسرائيل أو قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكنها صفحة جديدة تفتح في تاريخ القانون الدولي والعدالة العالمية.
4 أسئلة
وكان الكاتب البريطاني جدعون راخمان قد وصف مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بأنه “ضربة ساحقة لإسرائيل ومقامرة هائلة للمحكمة”، حسب عنوان مقاله بصحيفة فايننشال تايمز قبل أيام.
وقال راخمان إن ارتدادات هذه الخطوة ستكون عاتية، مشيرا إلى أن 4 أسئلة رئيسية تطرح نفسها على الفور.
أول تلك الأسئلة حول التأثير الداخلي للقرار في إسرائيل، وثانيها تأثير القرار على الحرب في غزة والشرق الأوسط عموما، وثالثها مستقبل الجنائية الدولية التي يبدو أنها “تجرأت” للمرة الأولى على الاقتراب من أسماء مرتبطة بالمنظومة الغربية.
أما السؤال الرابع فمرتبط بموقف الولايات المتحدة من القرار، وهل سترد على الاتهامات، والكيفية التي سيتم بها ذلك الرد في حال صدوره.
يذكر أن باسكال بونيفاس مفكر فرنسي متخصص في العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية، أسس عام 1990 معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (إيريس)، الذي يعد من أبرز مراكز التفكير في العالم.
لكنه منذ انتقاده لبعض ممارسات إسرائيل، وهو يعاني من مختلف أنواع المضايقات، أبرزها التهمة المعتادة “معاداة السامية”. ومن أبرز مؤلفاته “هل بالإمكان انتقاد إسرائيل؟”، و”معادٍ للسامية”.