للمجرم عقلية تبرر أي جريمة يرتكبها كي ينجو من العقاب، ربما تحثّه رغبته الجامحة في التخلص من تبعات الجريمة إلى امتلاك مهارة روائية فيصنع القصص ويروي الحكايات ويبني مسرحا آخر للجريمة تظهر من خلاله براءته ثم يلقي بكل تلك الروايات إلى محضر التحقيق.
لا يخفى على المحقق الممتلك لوسائل المعرفة ما إذا كانت القصص التي يرويها المجرم حقيقية أم يحول بينها وبين القصة الحقيقية ستار الترديد والإبهام، لذلك فهو لا يقتنع بالروايات التي ينطق بها لسان المجرم وتكذبها حركات جسده، فيواصل المحقق السعي مرارا وتكرارا حتى يصل إلى لب القضية، وجوهر الحقيقة.
أحداث كثيرة قد يرويها المجرم من بنات أفكاره، لكن قصة هذا الفيلم الذي بثته الجزيرة الوثائقية بعنوان “قتل بأمر الجن” يثير الدهشة حول اعترافات القاتل “إبراهيم طراف” الذي أقدم على جناية مزدوجة قَتل فيها عائلة مكونة من سيدة وابنها ثم قطّع أعضاءهم ووضعها في أكياس ووزعها على أنحاء الحي الذي يسكن فيه، ثم ادّعى أمام المحقق أنّه متصل بعالم غيبي لا يمكن للإنسان مشاهدته عيانا، ولا يمكن للمحقق استجواب أحد منه حتى لو أوقد الشموع وتلا الأوراد المطلوبة واستحضر الأرواح الغائبة.
رأس إنسان داخل كيس.. الجريمة الاستثنائية
يبدأ مخرج الفيلم بعرض قصاصات صحف كتبت بها أخبار تشير إلى جريمة استثنائية غريبة على أهل بيروت الذين لم يعرفوا لها مثيلا حتى مع اشتداد أوزار الحرب الأهلية عام 1979.
جريمة نشرت حالة من الخوف والهلع بين السكان. يقول صلاح عبدو: أثناء طفولتي، رأيت رأس إنسان داخل كيس على جانب حديقة الصانع، تملكني الخوف وفررت مذعورا من المكان، لم أصدق ما رأيت، فرجعت للمشاهدة مرة أخرى فرأيت بقية الأعضاء.
رأس رجل مشوه المعالم وجسم امرأة مقطعة في داخل تلك الأكياس ربما عمد القاتل إلى تشويه وجه الضحية؛ حتى لا يَتعرف عليها أحد من العالمين.
محلات الخوري.. فرضيات عقيمة
توالت الاتصالات على مركز الشرطة لإخبارهم بوجود أكياس فيها أجزاء من جثث بشرية، وبدأت الشرطة بالبحث عن المجرم من خلال وضع بعض الفرضيات لعلها تتعرف على الجاني. يقول الملازم أول فضل ضاهر: أول فرضية وضعتُها هي أن هذه الجريمة وقعت إما نتيجة خيانة زوجية أو خلاف عائلي.
أثناء التحقيقات وجدت الشرطة على المعطف “الجاكيت” الذي لف به رأس الضحية اسم محلات الخوري فذهبت الشرطة لاستجواب التاجر صاحب المحل، لكنه لم يتمكن من الإدلاء بشهادة على شخص بعينه؛ لأنه ليس لديه ملف بأسماء المشترين.
وصلت التحقيقات إلى طريق مسدود، وشعر الناس بالخوف على أمنهم. يعلل الصحفي سليمان بختي ذلك الخوف قائلا “مثل هذه الجريمة مقدمة لجرائم أخرى”، خاصة وأن بيروت منقسمة سياسيا ومذهبيا بين مسيحيين يحكمون شطرها الشرقي، ومسلمين يسيطرون على شطرها الغربي حيث مسرح الجريمة.
بيت باحوط.. مدفأة وإنارة يستصرخان
قررت الشرطة دراسة حالة المنطقة في الفترة الممتدة مما قبل حدوث الجريمة بأسبوع إلى ما بعدها بأسبوع آخر، ثم توصلت إلى خبر مفاده أن منزلا يسكنه مسيحيان وسط حي مسلم، وهما الأم المسنّة ماتليد وابنها مارسيل؛ قد اختفيا منذ فترة.
أثار غيابهما عن الحي شكوك الشرطة، ثم قال جيران العائلة إنهم لاحظوا أن أدخنة المدفأة وإنارة المنزل لم يتوقفا عن العمل منذ ثلاث أيام، الأمر الذي دعا قائد السريّة الإقليمية نديم لطيف للذهاب إلى ذاك المنزل والتحقيق في ملابسات القضية.
الشرطة في المنزل.. هواجس الطائفية
عند وصول الشرطة إلى منزل باحوط وجدت على الباب بالصدفة مسؤولا كبيرا في الشرطة القضائية، وهو اللواء محمود أبو ضرغام يُسلّم على إبراهيم طراف، ويقول له “أنا سعيد بالتعرف عليك وهذه بطاقتي”.
يقول لطيف: سألت اللواء أبو ضرغام عن إبراهيم فأخبره أنه شاب متدين، وشهد له بحسن السيرة ثم توجهت الشرطة وقرعت باب المنزل.
فتح إبراهيم الباب ودخلت الشرطة لاستجوابه عن نفسه وعن العائلة فقال إنه يستأجر غرفة من المنزل، وأن العائلة مسافرة ومن عادتها أن تتأخر، وتحدّث عن حادثة اختطاف تعرضت لها العائلة من قبلُ وأطلق سراحها بسبب خدماتها وعلاقاتها مع المجتمع المحيط.
من بين الفرضيات التي توصلت إليها الشرطة أن حاجزا طائفيا قد أوقف عائلة باحوط وقام بتصفيتهم، ثم قرر آمر مفرزة بيروت فايز رحال التحقيق مع طراف.
الجمود العاطفي.. محاكاة غير مباشرة للجريمة
يظهر إبراهيم طراف في غرفة التحقيق مرتديا بيجامة يبدو عليه الارتباك مخفيا يديه في جيبه، وجد الشرطي علي معاد آثارا لجروح على يدي طراف، وعند سؤاله عن أسباب ذلك لم تقتنع الشرطة بما قدمه من تبريرات.
توجهت الشرطة إلى بيت باحوط مصطحبة معها طراف، وفي داخل البيت لفت أنظار الملازم أول ضاهر نقطتين من اللون الأحمر كانتا ظاهرتين على الجدار، وعند سؤال إبراهيم عنهما أجاب مسرعا: هذا ليس دما، بل هو معجون دهان، ثم تبين بعد الفحص أنه كان دما. يقول رحال: “وهذا الدم من يد شبيهة بيد إبراهيم”.
ثم أعطى المحقق لإبراهيم وسادة وحبلا وطلب منه ربط الوسادة فربطها بذات الطريقة التي رُبطت بها الأكياس التي وجد في داخلها الضحية. يقول الشرطي المشارك في التحقيق علي معاد: ثم طلب منه إعادة ربط الوسادة فربطها بطريقة مغايرة، مما عزز الشك لدينا أنه المجرم.
أُخذ إبراهيم إلى مكان الأكياس التي فيها الضحايا وفُتحت أمامه، فبدا عليه “الجمود العاطفي” وهو تصرف المجرم حين مشاهدة الضحية دون أن يبدو عليه أي انفعال طبيعي، ثم قال: “هذا مارسيل!” عندها تأكدت الشرطة من هوية القتلى، وتعززت الشكوك أن له علاقة بالجريمة.
ماتليد.. العجوز الودودة
ينتقل بنا مخرج الفيلم إلى مشاهد تمثيلية تظهر فيها ماتليد ذات الوجه البشوش والحالة المالية المريحة، كانت تذهب إلى صالونات التجميل ستة أيام في الأسبوع للحفاظ على شكلها، تحب الناس وتدعوهم للنوم في منزلها دون أن يدفعوا أي مقابل مادي.
نتيجة لطيب أخلاق العائلة تمكّن إبراهيم من استئجار غرفة في منزلها، فكانت ماتليد دائما ما تشكو له تصرفات ابنها مارسيل الذي ينجرف في لعب القمار وشرب الخمر وسباق الخيل.
يقول محمود قانصو صديق الضحية: سمعنا بخبر تقطيع الجثث، وكان رأس مارسيل يحمله شخص يدعى عدنان أصيب بالهلع نتيجة لحمله ذاك الرأس الذي وجده في مكب النفايات، ولم يتعرف عليه أحد.
عهد الحرب الأهلية.. أكبر جرائم بيروت
شهدت بيروت عام 1979 عدة جرائم بسبب الحرب الأهلية من قتل الأبرياء إلى تفجير وإحراق الممتلكات، وينقل مخرج الفيلم جانبا من مشاهد الحرب الأهلية وحجم المأساة التي عاشتها بيروت.
يقول المحامي منيف حمدان: أسماء الضحيتين المسيحية تؤكد أن عملية القتل بهذا الشكل العنيف هي حدث طائفي.
حاولت الصحافة تفسير هذه الجريمة وبيان أبعادها فتم تقسيم دوافعها إلى ثلاثة محاور؛ إما طائفي أو جنسي أو مالي، أمّا المحققون فلديهم عدة فرضيات منها أنهم قتلوا على حاجز لمسلحين أو لأسباب عائلية، أو أن إبراهيم طراف هو الجاني.
شمّاعة المليشيات.. عذر يقصم الظهر
أنكر طراف علاقته بالجريمة وأكّد على العلاقة الطيبة التي تجمعه مع العائلة، وتحدّث عن قصة جديدة تعود إلى قائد مليشيا في لبنان يدعى أبو جلال مستعينا بهذه القصة ليبعد التهمة عن نفسه.
يقول إبراهيم: “جاءت قوة مسلحة إلى البيت واضطررت للاشتباك معها، ثم قتلوا سكان البيت من المسيحيين وهددوني، وقالوا: إنهم سيعودون مجددا إلى البيت ليلا”.
هنا يتساءل علي معاد: لماذا لم يخبرنا بالأمر ونحن مهمتنا حماية المواطنين من الجريمة؟ ثم تحدث عن كسر في ظهره ليثبت عدم استطاعته جر الأكياس التي فيها الجثث.
العرّافة والكنز.. حين تلمع عيون القطة
ينتقل بنا مخرج الفيلم إلى عالم آخر حيث العرّافة والعفاريت، هنا يقول رحال: سمع إبراهيم وهو في طفولته عن كنز مدفون في قريته فذهب إلى عرّافة أخبرته بدورها أن يذهب إلى مكان الكنز ليلا، فإذا رأى قطة ولمعت عيناها فليحفر في ذات المكان فهو محل وجود الكنز.
وبالفعل ذهب ليلا إلى المكان الذي يعتقد أنه مدفن الكنز وانتظر حتى رأى قطة لمعت عيناها ثم بدأ في الحفر دون أن يجد شيئا، وأثناء وجوده داخل الحفرة سقطت على ظهره صخرة أدت إلى كسر ظهره، ومكث سنوات في العلاج.
يقول المحامي منيف حمدان “كان لتعرّفه على عزيز عطا المصري دور هام في سلوكه مسلك الشعوذة” حيث كان يسعى للحصول على دم إنسان طازج ليقدمه كهدية لأحد ملوك الجن؛ حتى يرشده إلى مكان الكنز المدفون.
طراف يؤمن بتلك القضايا الغريبة، إذ يظهر في الفيلم وهو يوقد الشموع في أجواء مظلمة، يتلو أورادا خاصة يستحضر فيها الجن، هذه إحدى ملامح شخصيته المتناقضة والغامضة، والتي كان لنشأته أثر في تكونها.
والد مُسنّ وأمّ صغيرة.. الرغبة في الانتقام
عاد والد إبراهيم من فنزويلا وله من الأبناء محمد وعبد المحسن، واكتشف أن زوجته قد توفيت، فعرّفه أبناؤه على فتاة في الثالثة عشر من عمرها يتيمة محتاجة، فتزوجها ورُزق منها بثلاثة أبناء أصغرهم إبراهيم.
كان يشاهد إبراهيم العنف النفسي الذي يمارسه أخوه عبد المحسن ضد والده المسن ووالدته الصغيرة مما جعله يعيش حالة من الخذلان، والشعور بالدونية أفقدته الثقة بالمجتمع المحيط به، وملأت قلبه بالكراهية السوداء والرغبة في الانتقام.
كلية الحقوق.. العودة إلى جلباب الإنسانية
عندما بلغ إبراهيم سن الشباب انتقل إلى منطقة النبعة بالقرب من بيروت؛ لتأمين قوت يومه، لم تمنعه أوضاعه الاقتصادية من دراسة الحقوق فالتحق بالجامعة، اتصف بالخجل الشديد من الفتيات حتى أن زملاءه كانوا يرسلون له زميلاته للسلام عليه، ليشاهدوا خجله ويتندروا على سلوكه.
ثم تعرّف على مارسيل وانتقل للعيش معه مستأجرا غرفة في منزله بمبلغ 150 ليرة لبنانية شهريا، وقد أعاد إليه سكنه الجديد إنسانيته المهدرة بعد زمن من التشرد والضياع، حيث كان يعمل في الصباح بالحمرا عند كاتب عدل، ثم يذهب للدراسة في الجامعة، وإذا عاد الى المنزل وجد ماتليد قد أعدت له الطعام.
طعنة في الظهر.. جزاء من يؤوي الضباع
أرادت الشرطة أن تبحث عن أدلة دامغة فبدأت بالتحقيق مع أخته وزوجها، اللذين رفضا الإدلاء بأي معلومة عن الجريمة، ولكن بعد الضغط عليهما أقرَّ زوج أخته بأن إبراهيم جاءه يوم الجريمة لمساعدته في نقل جثث القتلى بواسطة سيارته، الأمر الذي دفعه لطرده من المنزل.
بعد تلك الشهادة لم يعُد أمام إبراهيم سوى الاعتراف بالحقيقة، لكنه قرر المراوغة فقصّ رواية جديدة مفادها أنه تعرض لضغط من أبو جلال ومجموعة المسلحين لقتل العائلة، وهُدّد بالقتل إن لم يفعل ما يؤمر به. ثم أدرك أن مراوغته باءت بالفشل، فقرر الاعتراف والتحدث عن الجريمة.
يقول طراف إن ماتليد ذهبت في زيارة إلى صديقاتها وتركت الطعام على النار في المطبخ مما أدى إلى احتراقه، وعندما عادت إلى البيت هرعت إلى المطبخ وأطفأت النار من تحت الطعام الذي كانت تعده لي. ثم عاتبَته لأنه لم يحرك ساكنا تجاهه فلم يطفئ النار عن الطعام أثناء غيابها، ثم قالت له: عليك أن تترك المنزل. رفض طراف ذلك وتشاجر معها، ويظهر في الفيلم أنه قد هجم عليها وقام بخنقها.
كان ابنها مارسيل قوي الجسم ولم يكن طراف ليتفوق عليه في مواجهة مباشرة جسديا، وعند عودته إلى المنزل وجد أمه ملقاة على الأرض ميتة فبدأ بالصراخ “أمي، ماذا فعلت بأمي يا إبراهيم” عندها فاجأه غدرا بطعنات قضت عليه، وبعد مقتل العائلة باشر بتقطيع الجثث إلى أجزاء متعددة، ثم وضع الأجزاء المقطعة في أكياس وبدأ بنقلها إلى القرب من حديقة الصنائع.
الشعور بالمظلومية.. تناقض النتائج النفسية
احتلت هذه الجريمة المساحة الأولى من حيث الانتشار على كافة وسائل الإعلام اللبناني؛ بسبب حادثة التقطيع، وشخصية المجرم المتناقضة.
لعب اعتراف إبراهيم بعلاقته مع الجن وحاجته لدم إنسان طازج حتى يستطيع مخاطبة ملوك الجن؛ دورا هاما لدى محامي الدفاع كي يبرئه بدعوى عدم امتلاكه أهلية قانونية، وعندها خاطبت المحكمة جهات طبية لمعاينة الجاني نفسيا، ثم حصلت على تقريرين متناقضين: الأول يعفيه من المسؤولية الجنائية، والثاني يحمله تبعات الجريمة المرتكبة.
يقول الأستاذ الجامعي والطبيب النفسي مصطفى حجازي: لدى إبراهيم تضخّم في الشخصية ظهرت عندما ظهر وهو يرافع عن نفسه في قفص الاتهام معتقدا أنه ذو مكانة مرموقة في عالم الحقوق، إضافة إلى جنوحه إلى الميول الارتيابية التي تشعره بالمظلومية دائما.
اقتنعت المحكمة أنه القاتل، وتعددت الأدلة عليه من جروح اليد الظاهرة على يديه إلى شهادة أخته وزوجها وعشرين آخرين ضده، ومن أكبر الأدلة اعترافه الصريح بارتكاب الجريمة، وكانت رغبته في البقاء في البيت هي الدافع له للقيام بالقتل.
مقتل الأم البديلة.. الجناية العاطفية
يصف حجازي الجريمة بأنها “جناية عاطفية انفعالية”، فبعد أن فقد إبراهيم الحنان في حياته العائلية مع أبيه الثمانيني وأمه المراهقة الذين يعتدي أخوه عليهما معا؛ فإنه وجد في العائلة الجديدة أُمًّا بديلة تراه الابن الجدير بالاهتمام.
وعندما طلبت العائلة منه مغادرة المنزل شعر بأنه سيفقد الحياة المثالية التي يعيش فيها ويعود إلى حياة الحرمان، فحدث لديه تفجير كياني جعله يُفكر إجرائيا بشرعنة القتل، ويخطط لذلك بكل وعي وقوة؛ أما ذهنيا فهو يفكر في الكارثة التي ستحل بكيانه مجددا.
أثناء انتظار إبراهيم لحكم المحكمة هاجمت قوات مسلحة سجن بيروت وحررت كافة الأسرى، وقد رفض إبراهيم الهروب، غير أن القوات أجبرته على المغادرة، وعندما استعادت الدولة الفارين وطاردت بقية الهاربين، جاء إبراهيم وسلم نفسه للدولة مباشرة، وقال للمحقق إنَّه لم يهرب وجاء ليسلم نفسه؛ لأنه يعلم أن بإمكانه إقناع محكمة التمييز أنه بريء.
الوحش الضحية.. إعدام في حديقة الصنائع
يقول فضل ضاهر: أمَا كان يستحق هذا الملف القضائي تكليف لجنة مختصة من علم النفس الاجتماعي وعلماء جنائيين لإصدار أحكام أكثر إنسانية؟
يعترف المحامي منيف حمدان أنه يتعذب كثيرا قائلا: كنت أتمنى لو طلبتُ إلى المحكمة أن تُعيّن لجنة ثالثة حتى تُقدِّم تقريرا نهائيا يؤيد أحد التقريرين الطبيين المتناقضين”، مع اعتقاده أنه المجرم ونفذ جريمة عن سبق إصرار.
وفي السادس من نيسان أبريل عام 1983 أُعدم إبراهيم طراف في حديقة الصنائع حيث نفَّذ الجريمة، وبعد خمسة وأربعين عاما ما زالت تلك القصة مثيرة للجدل بين الناس فالبعض يراه وحشا قاتلا وآخرون يرونه ضحية مجتمع.
وهكذا طوى القضاء اللبناني قصة ذاك المجرم، وعُرفت حقيقة تلك الأكياس التي تحوي بعض الأجزاء البشرية المقطّعة التي أثارت الرعب في قلوب المشاهدين لها، كما ألقت الهلع في نفوس السامعين بها. إنها قصة رجل يبحث عن دم إنسان طازج، أزهق حياة من أحسنوا إليه، فأزهقت العدالة حياته.