قال جيش الاحتلال الإسرائيلي -ظهر اليوم السبت- إنه تمكّن من استعادة 4 أسرى في عملية مركّبة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تم التخطيط لها منذ أسابيع، وأسفرت عن مئات الشهداء والجرحى الفلسطينيين، ومقتل ضابط في القوات الخاصة الإسرائيلية.
وفيما يلي شرح للعملية، وتفاصيلها وآثارها:
كيف تمت العملية؟
أظهرت صور خاصة حصلت عليها الجزيرة استخدام القوات الخاصة الإسرائيلية شاحنة مساعدات وسيارة مدنية لتنفيذ العملية.
وتظهر الصور دخول السيارات المدنية بحماية من دبابات إسرائيلية المناطق الغربية لمخيم النصيرات، في الوقت الذي شنت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات غير مسبوقة استهدفت المخيم ومناطق متفرقة وسط القطاع، وخلفت مئات الشهداء والجرحى.
كما نقلت وكالة الأناضول عن مصادر أن القوة الإسرائيلية الخاصة استخدمت في عملية التسلل إلى مخيم النصيرات، شاحنة نقل مغلقة ومركبة مدنية.
وبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يتابعان العملية من غرفة العمليات في تل أبيب، بدأت قوات الاحتلال الهجوم في اتجاه المنزلين اللذين احتجز فيهما الأسرى الـ4، وهم فتاة كانت في منزل بمفردها و3 كانوا في منزل آخر ليس بعيدا في منطقة النصيرات.
وباشرت قوات الشرطة الإسرائيلية وقوات خاصة من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عملية مداهمة المنازل، بينما كان الجيش الإسرائيلي قد دفع بقوات كبيرة برية من ناحية الشرق وطائرات مروحية عسكرية قامت بقصف واسع.
وتشير التقديرات إلى أن معارك ضارية دارت في محيط مستشفى الشهداء شهداء الأقصى ومحيط سوق النصيرات استمرت حوالي 3 ساعات، ثم على إثرها تم نقل المحتجزين الأربعة في طائرتي هيلوكوبتر من منطقة البحر إلى مستشفى بتل أبيب.
ونشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مقطع فيديو يظهر نقل المحتجزين من مخيم النصيرات إلى مروحية كانت تنتظرهم على شاطئ غزة أقلتهم لاحقا إلى إسرائيل.
من شارك فيها؟
قال المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن مختلف الوحدات العسكرية البرية والجوية والبحرية شاركت في العملية.
وأضاف أن العملية قادها رئيس الأركان ورئيس الشاباك جنبا إلى جنب بعد أن تم إعداد الخطة لأسابيع على أساس معلومات استخباراتية بالتنسيق مع غرفة عمليات الشاباك، وقيادة عمليات “المختطفين”.
وأشار إلى أن العملية كانت “مركبة جدا” وشارك فيها مئات العناصر المقاتلة من الشاباك، والكتيبة 98، وسلاح المظليين، وأيضا عناصر من سلاح الجو وسلاح البحر عملوا لتأمين التغطية النارية.
وذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية أن القوات الإسرائيلية استعدت لأسابيع لهذه العملية، بمشاركة مئات الأفراد من الجيش، وجهاز المخابرات الداخلي، ووحدة خاصة من الشرطة.
هل شاركت قوات أميركية في العملية؟
أفاد موقع أكسيوس -نقلا عن مسؤول بالإدارة الأميركية- أن ما وصفها بـ”خلية المختطفين الأميركية في إسرائيل” ساعدت في إعادة المحتجزين الأربعة.
من جهتها، نقلت “سي إن إن” عن مسؤول أميركي -لم تسمّه- قوله إن خلية أميركية في إسرائيل ساهمت في العملية مع القوات الإسرائيلية.
ولم يستبعد مدير مكتب الجزيرة وليد العمري أن تكون الولايات المتحدة قد ساعدت في استعادة المحتجزين الأربعة. وقال إنه منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة استقبلت تل أبيب جنرالات أميركيين مدربين كانوا قد خاضوا المعارك في الفلوجة والموصل بالعراق، وأشرفوا ووجهوا الطواقم الإسرائيلية خلال حرب غزة.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن أنها تلقت دعما أميركيا من أجل استعادة أسراها، فإن المسؤولين الأميركيين، السياسيين والعسكريين، سبق لهم وأن أعلنوا أنهم سيساعدون إسرائيل في الوصول إلى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
وذكرت مواقع إسرائيلية أن مسؤولا أميركيا وصل أمس تل أبيب لمتابعة العملية. وكان المسؤول ينتظر في الرصيف المائي التي تم إنشاؤه لحظة تنفيذ العملية.
من الذين تم استعادتهم؟
ذكر بيان لجيش الاحتلال أن الأسرى الأربعة كانوا ضمن من تم أسرهم من حفل في منطقة غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهم ثلاثة ذكور وأنثى، وهم: نوعا أرغماني، وألموع مئير، وأندري كوزلوف، وشلومي زيف.
وذكر بيان الجيش أن وضع الأسرى الصحي جيد، وأنهم نُقلوا لإجراء الفحوص الطبية في مستشفى تل هاشومير.
ما الخسائر التي أعلن عنها الاحتلال في العملية حتى الآن؟
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن الضابط في “وحدة اليمام” أرنون زامورا قُتل خلال عملية استعادة المحتجزين الأربعة.
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أن “مسلحين لاحقوا السيارة التي أجلت الأسرى، وأطلقوا عليها النار، وأصابوها بأضرار”.
وأضافت الهيئة أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في إدخال مروحية قرب مكان إجلاء الأسرى، كما أنه اضطر للاستعانة بتعزيزات إضافية.
في المقابل، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أنها استهدفت بالاشتراك مع كتائب الشهيد أبو علي مصطفى مروحية أباتشي بصاروخ “سام 7” في سماء مخيم النصيرات.
وأكدت حماس -في بيان- أن مقاتلي المقاومة اشتبكوا مع جنود جيش الاحتلال لساعات طويلة في مخيم النصيرات وألحقوا بهم الخسائر.
ما حصيلة المجزرة التي ارتكبها الاحتلال؟
أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بارتفاع عدد شهداء مجزرة الاحتلال في مخيم النصيرات إلى 210 وأكثر من 400 مصاب.
ويكتظ مستشفى شهداء الأقصى بالمصابين وجثث الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء الذين وضعوا على الأرض وفي ممرات المستشفى نظرا لقلة الأسرة والمستلزمات الطبية الأساسية.
وتواصل سيارات الإسعاف نقل المصابين من مختلف مناطق مخيم النصيرات التي تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف.
ما أبرز ردود الفعل؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:
- “إسرائيل لا تستسلم للإرهاب”.
- “سنستعيد كافة المحتجزين بهذه الطريقة أو بأي طريقة أخرى”.
- العملية “ستسجل في كتب التاريخ”.
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت:
- القوات الخاصة عملت تحت نيران كثيفة وفي بيئة حضرية معقدة.
الرئيس الأميركي جو بايدن:
- “أرحب بإعادة المحتجزين الإسرائيليين الأربعة إلى أسرهم”.
عائلات الأسرى:
- على الحكومة الإسرائيلية أن تتذكر أن “واجبها إعادة جميع المحتجزين الـ120” بالقطاع.
كيف علّقت حماس على العملية؟
قالت حركة حماس -في بيان- إن ما أعلنه جيش الاحتلال عن استعادة عدد من أسراه بعد أكثر من 8 أشهر من العدوان لن يُغيّر فشله الإستراتيجي.
وأضافت أن جيش الاحتلال أقدم على ارتكاب مجزرة مروعة بحق المدنيين الأبرياء في مخيم النصيرات وسط القطاع، مشيرة إلى أن المقاومة لا تزال تحتفظ بالعدد الأكبر من الأسرى وهي قادرة على زيادة غلتها.
وشددت على أن مشاركة الولايات المتحدة في العملية التي نفذها الاحتلال في النصيرات يثبت تواطؤها على جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة، وعدم اهتمامها بحياة المدنيين.
من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن “الشعب الفلسطيني في غزة لن يستسلم والمقاومة ستواصل الدفاع عن حقوقنا في وجه هذا العدو المجرم”.
هل ستؤثر هذه العملية على أداء المقاومة
ما جرى في النصيرات لن يغير كثيرا في مسار الحرب، إذ لم تسفر عملية استعادة أسيرين سابقا، والعثور على جثامين بعض الأسرى الذين قتلوا بالقصف الإسرائيلي، عن تغير كبير في مسار الحرب الجارية بالقطاع.
فقد استمرت المقاومة باستنزاف قوات الاحتلال وإيقاع خسائر كبيرة فيها، الأمر الذي دفع وحدات احتياط بالجيش البحث عن متطوعين للقتال بغزة عبر إعلانات على تطبيق “واتساب”، وفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية.
وسريعا، علّق أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام بالقول إن “العدو تمكن عبر ارتكاب مجازر مروعة من تحرير بعض أسراه لكنه في نفس الوقت قتل بعضهم أثناء العملية”، مؤكدا أن “أسرى العدو هم أول من تضرر من جريمة الحرب التي ارتكبها في النصيرات”.
وشدد أبو عبيدة على أن “العملية ستشكل خطرا كبيرا على أسرى العدو وسيكون لها أثر سلبي على ظروفهم وحياتهم”.
وفي هذا السياق، استبعد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء ركن محمد الصمادي أن تؤثر العملية على المقاومة، وقال “حتى لو بقي 10 جنود من جيش الاحتلال من ضمن الأسرى ستكون هناك ورقة ضغط بيد المقاومة للتفاوض عليهم”.