تباينت ردود الفعل في إسرائيل على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية اليوم الثلاثاء بفرض تجنيد اليهود الحريديم في الجيش، وهو قرار من المرجح أن يحدث صدمة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعارض لتجنيدهم.
فقد اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد أن عدم تطبيق قرار المحكمة العليا بتجنيد المتدينين اليهود (الحريديم) “خيانة للجيش”، باعتباره أصبح قانونا.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع، وجوب تجنيد المتدينين اليهود في الجيش، وعدم حصول المدارس الدينية على تمويل حكومي إذا لم يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
وقال لبيد في منشور على منصة إكس إن “المحكمة العليا تحدثت هذا الصباح، وكانت واضحة وحادة، بما في ذلك القضاة الأكثر تحفظا: لم يعد هناك استثناء للحريديم”.
وأضاف: “ابتداء من هذا الصباح (الثلاثاء)، أصبح تجنيد اليهود المتشددين هو القانون، وعدم تطبيقه يمثل خيانة لجنود الجيش الإسرائيلي”.
واعتبر أن “الأيام التي يوجد فيها من يصرخ “سنموت ولن نجنَّد” قد ولت، وانتهى التمييز بين الدم والدم”.
وأشار لبيد إلى أن تل أبيب “في حرب على 7 جبهات، وأن الجيش الإسرائيلي ليس لديه ما يكفي من الجنود، وإذا لم نقاتل معا فسوف نموت معا”.
بين التأييد والرفض
وضمن ردود الفعل على قرار المحكمة العليا اعتبر أفيغدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أن قرار المحكمة العليا يمثل خطوة مهمة على طريق التغيير التاريخي.
وأضاف في منشور على منصة إكس أنه بعد سنوات من التشهير ومحاولات التوصل إلى تسويات وتفاهمات، اتخذت المحكمة العليا قرارا ينصف الجمهور الذي يتحمّل العبء.
وبدوره قال زعيم حزب شاس الحاخام أرييه درعي تعليقا على القرار إنه لا توجد قوة في العالم ستمنع شعب إسرائيل من دراسة التوراة، ومن حاول ذلك في الماضي فقد فشل فشلا ذريعا.
وأضاف درعي في بيان: “لن يؤدي أي حكم تعسفي إلى إلغاء جمعيات طلاب التوراة في أرض إسرائيل”.
ومن جانبه شن الزعيم الليتواني الحاخام دوف لاندو هجوما حادا على المحكمة العليا خلال حفل غداء لجمع التبرعات للمدارس الدينية في مدينة منهاتن بولاية نيويورك الأميركية.
وقال الحاخام وفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية: “لقد جئنا من أرض إسرائيل، وضع طلاب التوراة هناك فظيع، الأشرار هناك والسلطات استولوا على الميزانيات التي كانت تذهب للمدارس والمعاهد الدينية، وهم في وضع ليس لديهم إمكانية للاستمرار، وقد تم إغلاق بعض الكليات بالفعل، وذلك بسبب شرور السلطات”.
قرار “متوقع ومؤسف ومخيب”
أما وزير البناء والإسكان الحاخام يتسحاق جولدكنوبف من حزب يهدوت هتوراه فقال في منشور على منصة إكس إن القرار متوقع ومؤسف ومخيب للآمال للغاية.
وأضاف: “لقد أنشئت دولة إسرائيل لتكون موطنا للشعب اليهودي الذي تعتبر توراته أساس وجوده، مؤكدا أن التوراة المقدسة سوف تنتصر”.
وصدر قرار المحكمة العليا ردا على قائمة طويلة من الالتماسات المقدمة التي تطالب بتجنيد طلاب المدارس الدينية أسوة بغيرهم من الإسرائيليين، وسحب الميزانيات من المؤسسات التي لا يجند طلابها.
وتشير تقديرات مراقبين إلى أن قرار المحكمة العليا سيكون له تأثير على حكومة بنيامين نتنياهو التي تضمّ أكبر حزبين دينيين وتسعى لتمرير قانون في الكنيست لمنح إعفاءات للمتدينين.
مسار قرار التجنيد
ومنذ 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد “الحريديم”، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونا شُرّع عام 2015 وقضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمسّ بـ”مبدأ المساواة”.
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست الإسرائيلي على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية، ومع نهاية مارس/آذار الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ”الحريديم”.
وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية في فبراير/شباط الماضي، أمرا يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد “الحريديم”.
وفي نهاية مارس/آذار الماضي، أصدرت المحكمة أمرا مؤقتا بوقف الدعم المالي لطلاب مؤسسات التوراة المطلوب منهم التجنيد.
وفي حين تعارض الأحزاب الدينية تجنيد “الحريديم”، فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيّده، وهذا ما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم.
ويشكل المتدينون اليهود نحو 13% من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.7 ملايين نسمة، وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرّسون حياتهم لدراسة التوراة.
ويُلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء “الحريديم” من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية.
لكن تخلّفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي، زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في “تحمّل أعباء الحرب”.
وخلفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قرابة 124 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.