تشهد إسرائيل أزمة داخلية غير مسبوقة مع طائفة “الحريديم” اليهودية المتشددة التي ترفض الخدمة العسكرية الإلزامية. ويكشف هذا الصراع عن تناقضات عميقة في المجتمع الإسرائيلي وتحديات تواجهها الحكومة.
من المتعارف عليه أن التدين يزيد الشعوب إيمانا بقضاياها، ويدفعها للدفاع عن أوطانها، إلا أن الأمر معكوس تماما عند الشعب الإسرائيلي الذي يزيده التدين هروبا من الخدمة العسكرية وكرها لها.
وأصبحت طائفة “الحريديم” اليهودية تهدد بالهجرة من إسرائيل والبحث عن وطن جديد، احتجاجا على القوانين التي تلزمهم بالالتحاق بالخدمة العسكرية، حتى أن بعض المراقبين تساءلوا ساخرين عن إمكانية رؤية جماعة إسرائيلية جديدة تحت اسم “جماعة التكفير والهجرة”.
ورفع الحريديم شعارات رافضة للتجنيد وأداء الخدمة العسكرية مثل “نموت ولن نتجند”، وذلك خلال مظاهراتهم احتجاجا على قرار أصدرته المحكمة العليا الأسبوع الماضي يلزم الحكومة بالبدء في تجنيد طلاب المعاهد الدينية ووقف التمويل عن تلك المعاهد التي لا يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية.
يقول أحد المتظاهرين: “بحسب التوراة لا يوجد قانون يلزمنا بأن نموت من أجل الدولة، لذا لن نستطيع فعل ذلك”. وأضاف “نحن نعمل فقط بما يسمح لنا وفق التوراة وليس ما نريد، ونحاول أن نعيش هنا قدر ما نستطيع، وإذا لم نستطع فربما نبحث عن دولة أخرى تقبل بنا”.
من جهته، وصف الحاخام البارز مائير براغمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”الأحمق”، لأنه يدعو طلاب المعاهد الدينية اليهودية إلى الانخراط في صفوف الجيش. وقال مائير: “إن ذلك الأحمق أرسل قرارات التجنيد، رغم أننا تحدثنا بالفعل عدة مرات أننا ملتزمون بالتضحية بأرواحنا”.
ويكشف هذا الصراع عن تناقض عميق في المجتمع الإسرائيلي ويشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواجه معضلة حقيقية في التعامل مع هذه الأزمة.