أعلنت إسرائيل -اليوم الأحد- رفع جاهزيتها القتالية في الشمال وتوعدت حزب الله “بدفع الثمن” ردا على سقوط قتلى في مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، كانت تل أبيب قد زعمت أنهم سقطوا بصاروخ أطلق من جنوب لبنان.
كما قطع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رحلته في الولايات المتحدة، وتوجه فور وصوله لإسرائيل إلى اجتماع لمجلس الوزراء الأمني لبحث الرد على حزب الله.
من جهته، بادر حزب الله بإخلاء بعض المواقع المهمة في جنوب لبنان وفي سهل البقاع شرق البلاد تحسبا لشن إسرائيل هجوما، وفق تصريحات مسؤولين أمنين لرويترز.
ويخشى مراقبون أن يتسبب هذا الحادث في نشوب حرب شاملة بين حزب الله وبين إسرائيل، قد تتوسع إلى حرب إقليمية.
كيف وقع الحادث؟
مساء أمس السبت، سقط صاروخ في ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل حين كان عدد من الفتية يلعبون فيه.
ولم تكن القرية ومحيطها من القرى العربية قد شهدت منذ بدء الاشتباكات الحدودية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي سقوط صواريخ أطلقها الحزب أو فصائل المقاومة في لبنان.
من القتلى؟
وأسفر سقوط الصاروخ عن مقتل 12 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاما، وإصابة نحو 30 آخرين من سكان القرية الدرزية.
وجميع القتلى من الطائفة الدرزية -وهم 3 طفلات و7 أطفال- ويحملون الجنسية السورية.
ماذا قالت إسرائيل؟
وقال الجيش الإسرائيلي إن الصاروخ الذي انفجر في ملعب كرة القدم إيراني من نوع “فلق 1” برأس حربي يزن 53 كيلوغراما.
وأشار إلى أن الصاروخ أطلق من جنوب لبنان، ولا يملك مثل هذا النوع من الصواريخ “إلا حزب الله”.
كما قالت إذاعة جيش الاحتلال إن القبة الحديدية فشلت في اعتراض الصاروخ، وأكدت “عدم إطلاق أي صواريخ اعتراض بسبب التضاريس المعقدة”.
وأضافت أنه “لم يكن من الممكن إعطاء إنذار أطول زمنا” يسمح باعتراض الصاروخ والهروب إلى الملاجئ.
كيف فسر الحزب الحادث؟
ونفى حزب الله ما وصفه بـ”الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة” عن مسؤوليته عن قصف ملعب كرة قدم في مجدل شمس، وأكد أن لا علاقة له بالحادث على الإطلاق.
وقال بعض المحللين إنه من الممكن أن صاروخا اعتراضيا إسرائيليا أطلقته القبة الحديدية قد سقط خطأ بالملعب في مجدل شمس، لا سيما أن القرية لا تعد هدفا لحزب الله.
وقبل سقوط الصاروخ في قرية مجدل شمس، كان الحزب قد أعلن أنه استهدف مقر قيادة لواء حرمون في ثكنة “معاليه غولاني” الإسرائيلية بصاروخ “فلق 1″، غير أن المقر المستهدف بعيد نسبيا عن مجدل شمس.
هل يشعل الحادث حربا؟
التصعيد بعد حادث مجدل شمس محتمل بشدة، لا سيما بعد أن أكدت إسرائيل أنها سترد عليه باستهداف لبنان. غير أن المواجهة لا تزال قابلة للاحتواء مع سعي واشنطن لمنع اندلاع حرب.
من جهتها، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصادر قولها إن التقديرات تشير إلى أن إسرائيل سترد بقوة على حزب الله، لكن على نحو لا يقود إلى حرب شاملة.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن من بين السيناريوهات المطروحة للرد على استهداف مجدل شمس اللجوء إلى مسارات “عمل عسكري أكثر صرامة من ذي قبل”.
وأكدت أن إسرائيل غير معنية بحرب شاملة مع حزب الله، لكنها تريد توجيه ما وصفته بـ”الضربة الموجعة” له، والقابلة للتنفيذ فورا.
وكان حزب الله أكد سابقا أنه لا يريد توسيع الحرب لكنه “مستعد لها”، لا سيما أنه يملك ترسانة أسلحة أكثر تقدما مما كان يملك في حرب 2006.
ومن المحتمل أن يؤدي التوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق نار في قطاع غزة إلى إنهاء أو خفض الاشتباكات الحدودية بين لبنان وإسرائيل.
أين تقع مجدل شمس؟
وحول مجدل شمس، فالقرية تقع في الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ حرب يونيو/حزيران عام 1967، وضمّت أجزاء منها عام 1981 في خطوة اعترفت بها الولايات المتحدة عام 2019 بعد سنوات من رفض المجتمع الدولي الاعتراف بذلك.
ويعيش نحو 25 ألف سوري من الدروز تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان، ويرفضون الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
ومجدل شمس هي القرية الدرزية الأكبر من 4 قرى (عين قينيا ومسعدة وبقعاثا) تشكل المجتمعات السورية في الجولان المحتل.
ويعتبر سكان مجدل شمس مواطنين سوريين من قبل الحكومة السورية، في حين منحتهم إسرائيل الإقامة الدائمة في عام 1981، وتعرّفهم في سجلاتها على أنهم “سكان مرتفعات الجولان” بدون اعتراف بجنسيتهم السورية.
ما أهمية الجولان؟
يعد الجولان أرضا زراعية خصبة غنية بالموارد الطبيعية، لا سيما المياه، لذلك تعتبره إسرائيل التي تعاني نقصا مزمنا بالمياه، مهما لها.
وكانت مسألة المياه في ستينيات القرن الماضي من الأسباب الرئيسية للخلاف الإسرائيلي السوري الممهّد لحرب 1967، وطالبت دمشق لاحقا باستعادة الجولان كاملا حتى ضفاف بحيرة طبريا، خزان المياه الرئيسي بالمياه العذبة لإسرائيل.