22/8/2024–|آخر تحديث: 22/8/202407:16 م (بتوقيت مكة المكرمة)
لم تكن لاعبة الكرة الطائرة الإيطالية ذات الأصول النيجيرية باولا إيغونو تتوقع وهي تمثل إيطاليا في أولمبياد باريس أنها ستكون سببا في إشعال نقاش حول الهوية، أو ربما توقعت على الأقل إثارة الجدل إيجابا لأنها انتزعت ميدالية ذهبية، كما جاء في تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية.
حول هذه القضية كتب مراسل الصحيفة في إيطاليا آلان كافال تقريرا بعنوان “نقاش المواطنة في قلب نقاشات التحالف اليميني الحاكم”.
وقال الكاتب إن الجدل المحيط بشروط منح الجنسية قديم في إيطاليا، لكن فوز الفريق الإيطالي للسيدات لكرة الطائرة بالميدالية الذهبية في الأولمبياد بقيادة إيغونو قذف عنيفا بهذا الجدل إلى الواجهة في بلد يهيمن فيه إلى حد كبير خطاب أقصى اليمين.
موضوع حق التجنس يقسم الآن حتى التحالف الحاكم بقيادة جورجيا ميلوني، التي يدافع حزبها “إخوة إيطاليا” (يمين محافظ) عن القانون الحالي القائم على مبدأ حق الدم، لكن بشراسة أقل نسبيا من شريكه حزب “الرابطة” (أقصى اليمين) بقيادة ماتيو سالفيني، فيما يدعو الشريك الثاني في التحالف “قوة إيطاليا” (وسط يمين) لإصلاحٍ بربط الجنسية بالمسار الدراسي.
الهجرة تاريخنا
وذكّر مراسل لوموند بتصريح لأنتونيو تاجاني نائب رئيس الوزراء والأمين العام لـ”قوة إيطاليا” قبل يومين في لقاء مع صحيفة “لاريبوبليكا” دافع فيه عن التنوع قائلا “إيطاليا تغيرت. لقد استقبلنا 170 ألف أوكراني في عامين. إنه تاريخنا، والإمبراطورية الرومانية كانت تفتح ذراعيها (للأجانب) وصقلية مليئة بأسماء عربية الأصل .. وحتى اسمي أصله عربي”.
وتحدث تاجاني عن مسودة لإصلاح القانون سيقدمها حزبه مع نهاية العطلة البرلمانية، وهي مبادرة قد تلتقي مع مبادرات أخرى تطرحها المعارضة منذ بضعة أسابيع.
وأثارت (إيغونو 25 عاما) نقاش الهوية بعنف بعدما قادت الفريق الإيطالي للكرة الطائرة إلى سلسلة انتصارات باهرة في السنوات الأخيرة، وباتت هدفا مفضلا لأقصى اليمين الذي تهجم عليها لمجرد تنديدها بالعنصرية المتفشية في المجتمع الإيطالي، وأحيانا للون بشرتها لا غير.
الملامح الإيطالية
وكان بين من هاجمها بقسوة الجنرال المتقاعدة روبرتو فاناتشي الشخصية الصاعدة في أقصى اليمين والذي انتهى به الأمر نائبا أوروبيا عن حزب “الرابطة” بدفعٍ من شهرة واسعة حققها كتاب ألّفه في 2023 قبل دخول معترك السياسة وعنونَه “العالم رأسا على عقب”، وزعم فيه أن ملامح إيغونو ليست إيطالية، وهي تهمة عاد ليكررها في سياق الألعاب الأولمبية.
وتعرض رسم جداري يحتفي بـ “إيغونو الإيطالية” للتشويه على يد مجهول، في هجوم قوبل بإدانة واسعة من الطبقة السياسية وأجج نقاش المواطنة.
وذكّر المراسل بأن إيطاليا، أرض الهجرة حاليا وتاريخيا، تتمسك بحق الدم، الذي يسمح خاصة لمن ينحدرون من أصول إيطالية وولدوا في الخارج (حيث هاجر أجدادهم) بالمحافظة على صلتهم ببلدهم الأصلي.
ويدعو الحزب الديموقراطي (أهم أحزاب المعارضة) لاعتماد حق الأرض الذي تؤيده أيضا أحزاب اليسار والوسط، فيما دعت “قوة إيطاليا” إلى بديل يمنح الجنسية لأطفال المهاجرين ممن تمدرسوا في إيطاليا؛ لاعتبار هذا الحزب الليبيرالي الذي أسسه الراحل سيلفيو برلسكوني، أن حق الأرض (منح الجنسية لمجرد الولادة في البلد كما في فرنسا) يبقى خيارا منفرا في إيطاليا.
وفي كلتا الحالتين -ينوه مراسل لوموند- فإن ما تطرحه المعارضة وحزب “قوة إيطاليا” يمثل قطيعة مع النظام الحالي الشديد الصرامة الذي لا يسمح لمن ولدوا في إيطاليا بتقديم طلب الحصول على الجنسية إلا عند بلوغ سن الـ18، باستثناء ولادتهما لأبوين حصلا عليها أصلا.