اتفق محللان سياسيان على أن عملية إطلاق النار، التي أدت إلى مقتل 3 من أفراد الأمن الإسرائيلي في معبر اللنبي، قدمت رسائل للجانب الإسرائيلي كما كانت نتاج دوافع متعددة يمكن أن تؤدي إلى تكرارها في حال استمرت تلك الدوافع.
وقتل 3 إسرائيليين بإطلاق نار قرب معبر اللنبي (جسر الملك حسين) بين الأردن والضفة الغربية، في عملية هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتصاعد الاعتداءات في الضفة المحتلة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على منفذ العملية مما أدى إلى مقتله، في حين قالت وزارة الداخلية الأردنية إن الجهات الرسمية باشرت التحقيق في حادثة إطلاق النار على الجانب الآخر من المعبر.
وقال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، الدكتور بلال الشوبكي، إن هذه العملية تبرهن على بطلان صور متوهمة سادت في إسرائيل خلال السنوات الماضية عن واقع القضية الفلسطينية لدى البلاد العربية.
وأشار الشوبكي في هذا السياق إلى خطاب لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قال فيه إن الفلسطينيين لا يمثلون سوى نسبة بسيطة من العرب، وذهب إلى إمكانية إنهاء القضية الفلسطينية في ظل التطبيع الجاري.
ترجمة إسرائيلية خاطئة
وأوضح أن ما حدث على معبر الكرامة ليس بالأمر اليسير، وأن الترجمة الإسرائيلية لهذه الحوادث خاطئة، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى للاستفادة من أي مستجد أمني في ظل التوجه نحو اليمين، واستغلال أي عملية لفرض وقائع جديدة.
وأشار الشوبكي إلى أن الاحتلال، في ظل مساعيه لوأد المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة، يفاجأ بخروج أشكال للمقاومة من مواقع أخرى، ورغم أن العملية الأخيرة فردية فإن من الممكن قراءة حالة رضا عربية شعبية عنها ورفض للتسوية مع إسرائيل.
وتناول الشوبكي خطاب نتنياهو، معتبرا أنه محاولة لاستثمار أي حالة أمنية أو سياسية لمصلحته، ويهدف إلى تصوير أي مقاومة على أنها جزء من محور إقليمي يجب التكاتف ضده، محذرا من “خطورة وخبث” هذا الخطاب، إذ يريد نتنياهو تحويل عملية المقاومة إلى تهديد شامل يتطلب تحالفات واسعة تشارك فيها دول عربية.
وكان نتنياهو قال، في تعليقه على الهجوم، إن “هذا يوم صعب ونحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني”. وأضاف “نحن محاطون بمجرمين يريدون قتلنا جميعا”، معتبرا أن “حماس تهدف إلى زرع الفرقة في داخلنا وشنّ حرب نفسية على أهالي المختطفين وممارسة ضغوط داخلية”.
ويرى الشوبكي أن هذه الحادثة قد تزيد من الخلافات الداخلية في إسرائيل بين المستوى السياسي والأمني، مضيفا أن هناك تباينا في الرؤى حول كيفية التعامل مع الفلسطينيين، حيث تتبنّى بعض الجهات إدارة الصراع وتحقيق مكاسب على الأرض، بينما تدعو جهات أخرى إلى استدعاء الصراع لتسريعه وحسمه.
دوافع العملية ومحدداتها
بدوره، أوضح المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات أن عملية معبر اللنبي كانت نتاج عدد من العوامل، أولها الحرب المستمرة على قطاع غزة التي تقترب من الذكرى الأولى لها، مضيفا أن استمرار الحرب قد يفضي إلى مزيد من التدخلات التي قد تؤثر على القضية الفلسطينية.
وأشار بشارات إلى أن الفشل الدولي في منع المجازر الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية والانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون يمثلان عنصرين أساسيين في فهم دواعي الحادثة، وأن هذا الفشل عكس عجز المنظومة الدولية عن فرض الضغوط على إسرائيل.
أما المحدد الثالث -حسب بشارات- فهو الخطاب التحريضي الذي يقدمه قادة اليمين المتطرف في إسرائيل، ومواصلة بعضهم اقتحام المسجد الأقصى في ظل حديث عن إمكانية إقامة كنيس على أنقاض المسجد.
وأكد بشارات أن الصمود الأسطوري للفلسطينيين في غزة والضفة يشكل أيضا عاملا محفزا، ليس فقط للفلسطينيين، ولكن لكل من يتضامن مع القضية الفلسطينية، حسب قوله.
ولا يستبعد بشارات إمكانية ارتفاع منسوب هذه العمليات، رغم إقراره بأنها ذات دافع فردي، إذ من الممكن أن تتحول إلى نماذج أوسع في ظل استمرار حالة الضعف والعجز الدولي، مؤكدا أن الحرب خلقت وعيًا مجتمعيا لدى الشارع العربي لم يكن موجودا.