التسول من الظواهر السلبية والمزعجة داخل المجتمع المصري خاصة وأنها تحولت لمهنة يفضلها البعض عن بذل مزيد من الجهد في عمل نافع له ولمجتمعه، الذي يعرف عنه عزة النفس والكرامة، فلا يكاد يخلو شارع من المتسولين منهم في كثير من المناطق.
حكاية غوايش متسولة قنا
وتلك الظاهرة قديمة وتزداد انتشارا على الرغم من الحملات الأمنية، وسط دعوات بتشديد التشريعات لردع المتسولين عن تحقيق مزيد من الأرباح على حساب أصحاب القلوب الرحيمة، فقصص العثور على أموال طائلة صحبة متسول توفي دون تمكنه من صرفها، جمعها عن طريق خداع الناس بحجة حاجته للمال تكرر بشكل يكاد يكون يوميا.
ومن جانبه تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر العثور على ما يقرب من مليون جنيه “فكة”، داخل مكان كانت تعيش فيه سيدة تمتهن التسول، تدعى “خ .ع.ع”، وشهرتها “غوايش” بعد وفاتها بقرابة 10 أيام.
وكانت “غوايش” دائمة التجوال في شوارع مركز الوقف التابع لمحافظة قنا بقصد التسول، حيث جمعت ثروة كبيرة من هذه المهنة وصلت لقرابة مليون جنيه “فكة” إلا إنها فارقت الحياة منذ 10 أيام تقريبا، دون أن تتمكن من صرفها.
وقد عثر الأهالي بعد وفاتها على قرابة مليون جنيه غالبيتها من الفكة، داخل أجولة في مكان صغير كانت تعيش فيه “غوايش”.
وقام أصحاب المكان، الذي كانت تعيش فيه مجانا ودون تكبد أي مليم، وبعد العثور على المبلغ بتقسيم تركتها على أشقائها الخمسة 4 سيدات ورجل، تحت إشراف لجنة من الأهالي بالمركز.
وقال شهود عيان من مركز الوقف، إن “غوايش” اعتادت التسول أمام المحال التجارية وفي شوارع المدينة منذ سنوات طويلة، وكنت تسكن بمكان غير آدمي يشبه “الكوخ”، وعقب وفاتها بأيام، وتحديدا أمس الجمعة فوجئ مجموعة من الأهالي عند دخولهم صحبة أشقاء السيدة المكان الذي كانت تقطنه ب”العثور على مبلغ يقارب المليون جنيه”.
وأثارت الواقعة حالة من التعجب الشديد لدى أهالي محافظة قنا الذين تفاعلوا مع الفيديو المنتشر على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وحالة المتسولة والمبلغ المالي الذي عثر عليه بحوزتها.
جهود مكافحة ظاهرة التسول
ومن جانبه تشير البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية إلى زيادة قضايا التسول خلال أغسطس 2022، بنسبة نحو 40%، حيث بلغت قضايا التسول 2280 قضية ارتفاعاً من 1689 قضية خلال الشهر السابق يوليو 2022، وذلك من خلال الحملات الأمنية التي تقوم بها في الميادين والشوارع الرئيسة في مختلف المحافظات.
وذكرت وزارة التضامن الاجتماعي في إحصائية عام 2021، أنه بين أكتوبر 2020 وحتى مطلع 2021، ضبطت قوات الأمن 1690 متسولاً ومتسولة، منهم 870 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، أي ما يشكل نحو 52 في المئة من إجمالي المتسولين، وتشكل النساء والأطفال معاً حوالى 90 في المئة من المتسولين المضبوطين.
ويشار إلى أنه تم القبض أكثر من مرة على أشخاص يمتهنون التسول على الرغم من امتلاكهم عقارات وسيارات وأموال بالملايين في البنوك. وهناك مقاطع فيديو كثيرة صورت متسولين دون ملاحظته ذلك يتحدثون عن مكاسبهم الكبيرة جراء عمليات التسول واستغلال المواطنين.
وحول الحكم الشرعي للتسول، أفادت دار الإفتاء بأن الحكم الشرعي لـ”سؤال الناس” يختلف باختلاف الأحوال، موضحة على موقعها الإلكتروني أن السؤال يكون على قدر الحاجة، أما من لديه من يكفيه فيحرم عليه سؤال الناس.
ويعد استغلال الأطفال في التسول من الأمور الرائجة ببن عصابات التسول في عدة مناطق، على الرغم من العقوبات التي حددها القانون في هذا الشأن، حيث حدد القانون )49) لسنة 1933، بشأن مكافحة التسول معاقبة كل المتسولين، ومن يستغل الأطفال في هذه الجريمة، كالتالي.
ونصت المادة (1) من القانون على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية ذكرًا كان أم أنثى يبلغ عمره 15 سنة أو أكثر وجد متسولاً في الطريق العام أو المحال العمومية ولو ادعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أى شىء”.
كما نصت المادة (6) من القانون على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 شهور كل من أغرى الأحداث الذين تقل سنهم عن خمسة عشرة سنة على التسول، وكل من استخدم صغيرا في هذه السن أو سلعة لآخر بغرض التسول وإذا كان المتهم وليا أو وصيا على الصغير أو مكلفا بملاحظته تكون العقوبة بالحبس من ثلاثة شهور إلى ستة شهور”.
مقترح بمشروع قانون جديد
من جانبه تقدم النائب هشام الجاهل عضو مجلس النواب، العام الماضي، بمشروع قانون لمكافحة التسول والتشرد، حيث اقترح تعديلات تنص على أن “كل من وجد متسولًا أو متشردًا للمرة الأولى، يُسلّمه إلى دار رعاية المتسولين والمتشردين لدراسة حالته الاجتماعية وإجراء الفحص الطبي والنفسي عليه”.
وتضمن مشروع قانون مكافحة التسول مقترح بإعداد تقرير مفصل عن حالة الشخص، بالاستعانة بالمؤسسات العلمية والصحية المختصة- مبينًا الأسباب التي دعته إلى ممارسة التسول أو التشرد، والتدابير المقترحة لمعالجته.
وقال الجاهل، إن مشروع قانون مكافحة التسول والتشرد، يعد الأول لتعريف جريمة التسول، ووضع عقوبات بحق من يمارسها، مع الوضع في الاعتبار أن المتسول أو المتشرد جزء من نسيج المجتمع الوطني، والدولة ملتزمة بحمايته ورعايته.
وأوضح عضو مجلس النواب، أنه شاع مؤخرا وبشكل مبالغ فيه انتشار من اتخذوا التسول مهنة سواء كانوا من الأطفال أو النساء أو الكبار، فأصبحوا يمارسون مهنة التسول سواء في وسائل المواصلات العامة أو المستشفيات أو البنوك، أو في الأوقات والمواسم الدينية كشهر رمضان والأعياد الدينية، أو أمام المساجد والكنائس، أو أمام الأسواق والمحال التجارية وجوانب الطرق، وفي أماكن إشارات المرور والمطاعم والمقاهى والأماكن العامة.
ومن جانبها قالت جيهان البيومي عضو مجلس النواب، إنه من الضروري التصدي لظاهرة التسول من خلال محاربة الفقر والبطالة عن طريق توفير فرص عمل للقادرين ومساعدة الغير قادرين على العمل.
وأضافت أن ظاهرة التسول ظاهرة اجتماعية سلبية وغير حضارية، منوهة أن المتسولين والذين يكونون عاطلون عن العمل يلجأون للتسول كأسهل وسيلة لجلب المال.
التسول في المواسم والأعياد
وأشارت “البيومي”، إلى أن المتسولين يكثر وجودهم في بعض المواسم خاصةً في شهر رمضان، الذي يكثر فيه إخراج الصدقات، وأيضا أيام الأعياد، حيث يتجولون على المحال العامة في الشوارع وأيضا المنازل.
وتوجد 7 دور لرعاية المتسولين تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، في 6 محافظات مصرية، وتقدم خدماتها لنحو 300 شخص، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة بنهاية عام 2016.