ساد الهدوء الحذر العاصمة السودانية الخرطوم صباح اليوم السبت، مع دخول هدنة مدتها 24 ساعة حيز التنفيذ بين الجيش وقوات الدعم السريع.
واختفت أصوات المدافع في المدينة، كذلك القصف وتحليق الطيران، بعد أن بدأ وقف إطلاق النار في الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي للسودان (الرابعة صباحا بتوقيت غرينتش).
وتأتي الهدنة الجديدة -التي توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية- بعد سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع في السودان.
ووفق بيان من الوساطة السعودية الأميركية، فإن الاتفاق هدفه “وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف، والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين؛ مما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وقال الجيش السوداني إنه وافق على الهدنة “مراعاة للجوانب الإنسانية التي يعانيها شعبنا جراء العمليات الجارية”، مشددا على احتفاظه “بحق التعامل مع أي خروق قد يرتكبها المتمردون” خلالها.
كما تعهدت قوات الدعم السريع بالالتزام “التام” باتفاق وقف النار “بما يخدم أغراض الهدنة”، آملة أن يفي الجيش بتعهداته “وعدم عرقلة جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين”.
ومنذ بدء النزاع في أبريل/نيسان الماضي، أبرم الجانبان المتصارعان في السودان اتفاقات لوقف إطلاق النار سرعان ما كان يتم خرقها.
“مرصد نزاع السودان”
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية -مساء أمس الجمعة- أنها تدعم منصة يطلق عليها “مرصد نزاع السودان” لنشر نتائج عمليات المراقبة عبر الأقمار الصناعية للقتال ووقف إطلاق النار.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن دور المرصد يتمثل في إصدار تقارير عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وغيرها، مضيفا أن الوقت قد حان لإنهاء “دوامة العنف” التي تدمر الشعب السوداني.
ووثق تقرير أولي للمرصد تدميرا “واسع النطاق وموجها” لمنشآت المياه والكهرباء والاتصالات، وفق ما أوردته وكالة رويترز.
كما وثق هجمات “ممنهجة” لإحراق الممتلكات، وكذلك عدة هجمات على مدارس ومساجد وغيرها من المباني العامة في مدينة الجنينة (أقصى غربي البلاد).
بدورها، قالت الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان السودان سيحتاجون إلى المساعدات هذا العام بسبب القتال مع توقف معظم المستشفيات في مناطق الصراع عن العمل وتناقص الإمدادات الغذائية في كثير من المناطق.
وسمح وقف إطلاق النار السابق بوصول بعض المساعدات الإنسانية، لكن وكالات الإغاثة قالت إنها لا تزال تواجه عراقيل بسبب القتال والنهب.
وقبل ساعات من بدء الهدنة الجديدة، تواصلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم وشرقها. وأفاد مراسل الجزيرة بوقوع انفجارات عنيفة بالتزامن مع تحليق طائرات سلاح الجو التابعة للجيش في أجواء شرقي العاصمة.
رد أممي
وعلى صعيد متصل، أعلن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن اعتبار الحكومة السودانية موفد المنظمة الدولية شخصا غير مرغوب فيه “يتنافى” مع مبادئ الأمم المتحدة، و”لا يمكن تطبيقه”، لافتا إلى أن صفته “لم تتبدل”.
جاء ذلك ردا على إعلان السودان أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص فولكر بيرتس غير مرحب به في البلاد.
وقال دوجاريك إن “صفة بيرتس لم تتبدل حاليا، ويبقى موقف الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) كما عبر عنه أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي”. في إشارة إلى “الثقة المطلقة” التي عبر عنها غوتيريش حيال موفده إلى السودان.
والخميس الماضي، أخطرت وزارة الخارجية السودانية الأمين العام للأمم المتحدة أن فولكر بيرتس “غير مرغوب فيه على أراضيها”.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، تشهد الخرطوم ومدن أخرى اشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة نزوح ولجوء من إحدى أفقر دول العالم.