وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم الخميس إلى العاصمة الإريترية أسمرا في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، تلبية لدعوة من نظيره الإريتري أسياس أفورقي. وسبق أن وصل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أسمرا الخميس، يأتي ذلك في ظل تصاعد التوتر بين الصومال وجارتها إثيوبيا. بينما تسعى مصر إلى تعزيز وجودها في منطقة القرن الأفريقي، خاصة مع تزايد النفوذ الإقليمي لإثيوبيا.
وجاءت هذه الزيارة في إطار جهود تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإريتريا، وبحث الأوضاع الإقليمية الراهنة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وتشمل المباحثات سبل التعاون في المجالات الاقتصادية، الأمنية، والسياسية، بالإضافة إلى قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك بين البلدين.
وتعكس هذه الزيارة رغبة القاهرة في تعزيز تواجدها الإقليمي ودورها في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
من المتوقع أن تركز المناقشات على تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة، إلى جانب مبادرات لدعم التنمية الاقتصادية في إريتريا، وهو ما يتماشى مع توجهات مصر لتعزيز علاقاتها مع دول القارة الإفريقية.
قمة ثلاثية
ومن المقرر أن يلتقي السيسي مع أفورقي ونظيرهما الصومالي حسن شيخ محمود في قمة ثلاثية لبحث سبل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. وكان شيخ محمود قد وصل إلى إريتريا قبل السيسي، وأجرى محادثات مطولة مع أفورقي حول قضايا ثنائية وإقليمية.
وتعتبر هذه الزيارة الخامسة للرئيس الصومالي إلى إريتريا خلال العام 2024.
وتأتي هذه القمة في وقت حساس حيث تواجه منطقة القرن الأفريقي عدة تحديات، أبرزها التوترات المتزايدة بين الصومال وإثيوبيا، على خلفية توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي، وهو ما أثار استياء مقديشو التي اعتبرت الخطوة اعتداء على سيادتها.
وكانت مقديشو قد عززت علاقاتها مع القاهرة بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي، حيث وقعت مصر والصومال في أغسطس/آب الماضي اتفاقية دفاع لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وغالبا ما يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها ردا على النفوذ الإثيوبي المتزايد في المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بسد النهضة الكهرومائي الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، والذي تعارضه مصر بشدة.
وتشهد العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا توترا ملحوظا أيضا في الأونة الأخيرة، رغم الدعم الذي قدمته أسمرا لحكومة إثيوبيا خلال نزاع تيغراي. وقد تفاقمت التوترات بعدما علقت الخطوط الجوية الإثيوبية رحلاتها إلى العاصمة الإريترية الشهر الماضي بسبب “ظروف تشغيل صعبة”.
وتسعى مصر إلى تعزيز وجودها في منطقة القرن الأفريقي، التي تُعتبر منطقة استراتيجية حيوية بالنسبة لها. مصر تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار في البحر الأحمر، خاصة مع تزايد النفوذ الإقليمي لإثيوبيا والتهديدات المحتملة التي قد تنجم عن الصراع الدائر في المنطقة.
وتعد زيارة السيسي إلى إريتريا ضمن سلسلة الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها القاهرة لتعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية، وخاصة دول الجوار التي تشاركها الاهتمامات الأمنية. وتشير هذه الخطوة إلى رغبة مصر في لعب دور أكبر في القضايا الإقليمية الحساسة، ودعم استقرار المنطقة في ظل التوترات المتصاعدة.
من جهة أخرى، تواصل إريتريا تقديم الدعم العسكري للصومال من خلال تدريب آلاف الجنود الصوماليين في مختلف الفروع العسكرية، البرية والبحرية والجوية. ويعتبر هذا التعاون جزءا من جهود إريتريا لتعزيز الاستقرار في الصومال، الذي عانى من تحديات أمنية واقتصادية كبيرة خلال العقدين الماضيين.
ومن المتوقع أن تسفر هذه الزيارة عن اتفاقيات ومبادرات مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث في مختلف المجالات.