حذّر الكاتب الإسرائيلي روجل ألفر، في مقال نشره بصحيفة هآرتس، من أن إسرائيل قد تكون على شفا انهيار شامل، مشبّها حالتها بجذع شجرة يبدو متماسكا من الخارج، لكن حلقاته الداخلية تآكلت حتى “أصبح العفن يهدده بالانهيار”.
وأوضح ألفر أن هناك 6 حلقات رئيسية تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، وعلى رأسها عيش إسرائيل في ظلال حرب تبدو أنها أبدية وغير قابلة للتوقف، وأن الوضع الراهن قد يجعل الشعب الإسرائيلي غير قادر على تصور فترات هدوء، إذ أصبحوا يتوقعون العيش وسط الانفجارات والملاجئ بشكل دائم.
ولفت الكاتب إلى أن هذه الحرب بتداعياتها بدأت منذ عام 1947 ولم تتوقف قط كما يرى، مشيرا إلى أن المجتمع الإسرائيلي لم يعرف السلام الحقيقي منذ ذلك الحين، وأنه بات معتادا على حياة الحرب والملاجئ والعيش تحت التهديد المستمر.
وفي حين تناسى الكاتب الإسرائيلي أن يشير إلى الحالة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ومآسيه المستمرة، لم يفته أن يشير إلى أن “الاحتلال والفصل العنصري” يشكلان الحلقة الثانية من تلك الحلقات الـ6.
وأوضح أن الاحتلال للضفة الغربية، وربما “قريبا شمال غزة”، يخلق بيئة غير مستقرة ويغذي ثقافة الموت، موضحا أن الاحتلال لا يكتفي بالتوسع الجغرافي، بل يمتد لتشويه بنية المجتمع نفسه، حيث يزداد الانقسام الداخلي وتزداد مخاطر اندلاع الصراعات.
كما تناول ألفر ما سماه “الدكتاتورية المتصاعدة”، محذرا من أن التحول نحو حكم الفرد و”التفوق اليهودي” يشكل الحلقة الثالثة من حلقات الانهيار. وذكر أن هذه التحولات تساهم في تدمير النظام الديمقراطي، مشيرا إلى أن ما يُطلق عليه “الانقلاب القضائي” الذي عملت عليه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمهد الطريق لتثبيت السلطة في “أيدي الدكتاتورية”.
أما التركيبة الديمغرافية التي تتضمن فئة اليهود المتدينين “الحريديم” فيرى أنها تمثل الحلقة الرابعة من حلقات انهيار إسرائيل، محذرا من تأثيرها “المدمر” على الاقتصاد الإسرائيلي، لأن هذه الفئة تتهرب من العمل والتعليم الأساسي، مما يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا، وفق قوله.
وربط ألفر بين الأزمات الديمغرافية والانهيار الاقتصادي المحتمل، الذي يعتبره الحلقة الخامسة في سلسلة الانهيارات، قائلا إن التصنيف الائتماني لإسرائيل قد يتدهور نتيجة تزايد الأعباء الاقتصادية والاعتماد المفرط على قلة من دافعي الضرائب، محذرا من أن تكلفة هذه الأزمة ستقع على عاتق الإسرائيليين العاديين.
وتطرق الكاتب الإسرائيلي إلى “التدهور البيئي” باعتباره الحلقة السادسة والأخيرة، مشيرا إلى أن الاكتظاظ السكاني الذي تغذيه أيضا ما سماها “الديمغرافيا الأرثوذكسية المتطرفة”، ومعها إهمال الحكومة، قد يؤديان إلى انهيار بيئي خطير، مؤكدا أن “التهديد السكاني” يفاقم من تآكل المجتمع الإسرائيلي.
“سقوط حتمي”
وفي حين رأى الكاتب أن حركة الاحتجاج على “التعديلات القضائية” التي أطلقتها حكومة نتنياهو قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، أشارت إلى الحلقة الثالثة وهي إبقاء “السلطة في أيدي الدكتاتورية”، فإنه خلص إلى التأكيد على أن حلقة الحرب الأبدية التي تعيش فيها إسرائيل هي الأخطر على وجودها، مشيرا إلى مفارقة أن جزءا ممن يحتجون على التعديلات القضائية هم من يقودون الطائرات المقاتلة للحرب الأبدية المدمرة.
واعتبر الكاتب أن الحلقات الست مرتبطة، ولن يؤدي التخلص من إحداها إلى إنقاذ إسرائيل، وضرب لذلك مثالا بالعودة المحتملة للأسرى الإسرائيليين من قطاع غزة، وقال “إن عودة الرهائن في الصفقة لن تشفي المجتمع الإسرائيلي ولن تقدم رؤية صحية للمستقبل، ستكون عودتهم بمثابة اخضرار ورقة واحدة في الشجرة، لكن عدد الأوراق الميتة في أوراق الشجر يتزايد باستمرار”.
وجادل الكاتب في أن أولئك الذين يرتكبون الأخطاء، والذين يظهرون ثقتهم بعودة الأسرى والمحتجزين أو إسقاط واستبدال حكومة نتنياهو، ينظرون إلى السياق من الخارج فقط ويرفضون الاعتراف بحلقاته الداخلية، مختتما مقاله بأن “إسرائيل تعيش حاليا وسط هذه الحلقات الست، وهي تتجه نحو الانقراض الذاتي والسقوط الحتمي”.