رغم الدعوات لعدم تسييس الحادثة، فإن اليمين المتطرف في فرنسا استغل الهجوم الذي شنه لاجئ سوري -الخميس الماضي- في أنسي شرق البلاد للتنديد بـ”نزعة التوحش” الناتجة عن “الهجرة الجماعية”.
الصدمة الهائلة في فرنسا التي أحدثها الهجوم بسكين على أطفال صغار في متنزه لم تمنع توظيفه سياسيا، ولم تحدث دقيقة الصمت في الجمعية الوطنية فور وقوع المأساة الأثر المرجو.
ومع توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أنسي، دعت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن الجميع إلى “التحلي بالمسؤولية في هذه الظروف”.
وحذّر المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران من “لعبة التفسيرات والتبريرات الضارة”، ودعا وزير الاقتصاد برونو لومير إلى “ترك السياسة جانبا لبعض الوقت”.
لكن تلك التصريحات كانت أشبه بصرخة في واد، إذ إن الهجرة موضوع شديد الحساسية ومثير للانقسام في فرنسا.
واغتنم اليمين المتطرف الفرصة في ضوء تقدمه المستمر منذ سنوات حتى صار قاب قوسين من تولي السلطة.
وسخرت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان -أول أمس الجمعة- من تصريحات المسؤولين قائلة “هل هناك سلطة عليا يتعين طلب الإذن منها للحديث عن المشاكل؟”.
وصلت لوبان مرتين إلى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة عامي 2017 و2022.
وعبر إذاعة “أوروبا 1″، قالت لوبان “أشعر بأنني مضطرة لتقديم إجابات، وأعتقد أن الفرنسيين ينتظرون منا أن نقدم إجابات”.
وفور انتشار نبأ الهجوم الخميس الماضي، استنكر عديد من قادة اليمين واليمين المتطرف “الهجرة الجماعية”، وتحدث بعضهم عن “النزعة الإسلامية الراديكالية” و”الإرهاب” قبل أن يتبيّن أن المهاجم مسيحي وتعلن النيابة العامة أنه تصرف “من دون دافع إرهابي واضح”.
واعتبر رئيس حزب “التجمع الوطني” غوردان بارديلا -في تغريدة عبر تويتر- أنه “تجب إعادة النظر في سياستنا للهجرة برمتها وعدد من القواعد الأوروبية”.
بدوره، قال نائب رئيس الحزب ديفيد راشلين إن “الهجرة الجماعية لها صلة مباشرة بنزعة التوحش التي تعانيها بلادنا”.
ومثّل الهجوم فرصة ظهور لليمين التقليدي الذي يحاول حاليا فرض مقترحاته في مشروع قانون الهجرة الجديد الذي تسعى الغالبية الرئاسية لصوغه.
وقال رئيس كتلة حزب “الجمهوريين” أوليفييه مارليكس إن “الهجرة الجماعية غير المضبوطة تقتل”.
وصرح رئيس الحزب إيريك سيوتي -الخميس الماضي- بأن “علينا أن نستخلص كل العبر من دون سذاجة وبحزم ووضوح”.
كما انتقد سيوتي الجمعة “الإدارة الكارثية للجوء في أوروبا”، ودعا إلى عدم “الخضوع للقواعد المفروضة علينا” بعد الآن.
وتشير التصريحات التي تم الإدلاء بها غداة اجتماع أوروبي بشأن الهجرة إلى الاتفاق على إلزامية التضامن بين الدول الأعضاء في توزيع طالبي اللجوء.
على غرار عديد من دول الاتحاد الأوروبي، اكتسبت قضية الهجرة أهميّة متزايدة في النقاش العام، وهو اتجاه يتصاعد بفعل وصول أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
وحسب استطلاع أجراه معهد “إيفوب” نشرته صحيفة “لوجورنال دوديمونش” مايو/أيار الماضي، فإن 69% من الفرنسيين يؤيدون تعديل الدستور لإتاحة عدم التقيد بالقواعد الأوروبية من أجل الحد من الهجرة.
وفي هذا السياق، كُتب على منزل نائب من اليسار الراديكالي في مدينة بوردو (جنوب غرب) الجمعة شعار يقول “مهاجروكم، أمواتنا”.
ويتهم اليمين المتطرف اليسار الراديكالي بأنه مؤيد للهجرة الجماعية.