مع اقتراب يوم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قدمت وكالة أسوشيتد برس قراءة في المشهد الانتخابي واتجاهات التصويت المحتملة بالمقارنة مع سباق عام 2020 استنادا إلى نتائج استطلاع “فوت كاست” الذي أجري بعد انتهاء التصويت آنذاك للتعرف على مواقف المقترعين ودوافعهم.
في الوقت الراهن، تحاول المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس أن تحافظ على تحالف متنوع من الناخبين الذين قرورا قبل 4 سنوات أن يصوتوا لصالح جو بايدن، بدافع معارضتهم الشديدة للرئيس الجمهوري آنذاك دونالد ترامب، والمخاوف التي أثارها وباء كوفيد-19.
أما ترامب -الذي يخوض السباق نحو البيت الأبيض للمرة الثالثة- فيحاول تعزيز حظوظه الكبيرة لدى عدة أوساط، من بينها فئة الرجال الذين لا يحملون شهادات جامعية، وهي معروفة بالتأييد الشديد له، كما يسعى في الوقت نفسه للحد من شعبية هاريس في أوساط الناخبين ذوي الأصول الأميركية اللاتينية وقطاعات أخرى بارزة.
وتجدر الإشارة إلى أن فوز بايدن بالرئاسة قبل 4 سنوات لم يكن فوزا كاسحا، وهو ما يضع هاريس أمام تحدي المحافظة على التحالف الواسع الذي أوصله إلى البيت الأبيض، أو تشكيل تحالفها الخاص الذي يحقق لها الفوز.
تحالف 2020
وحسب استطلاع “فوت كاست” لعام 2020 الذي شمل أكثر من 110 آلاف ناخب، فقد حصد بايدن غالبية الأصوات في فئات خريجي الجامعات، والنساء، والشبان.
وفاز الرئيس الديمقراطي بأصوات الثلثين تقريبا من سكان مراكز المدن كما حصل على أصوات أكثر من نصف سكان الضواحي.
وأيده حوالي ثلاثة أرباع الناخبين غير البيض، بما في ذلك 9 من كل 10 ناخبين سود، و6 من كل 10 ناخبين من أصول لاتينية.
وعلاوة على تلك الفئات -التي لطالما فضلت الديمقراطيين تاريخيا- فاز بايدن أيضا بأصوات الناخبين “المعتدلين” وتمكن من الخصم من رصيد ترامب في أوساط النساء البيض والشبان البيض.
واستثمرت هاريس -خلافا لبايدن- الحيوية التي صاحبت إطلاق حملتها وأقامت تجمعات انتخابية كبيرة. لكنها أدركت أيضا تنوع قاعدة المؤيدين فقامت بتنظيم لقاءات عبر الفيديو لمخاطبة فئات محددة مثل الرجال السود والنساء من أصول لاتينية وغيرهم.
وسعت هاريس على وجه الخصوص لاستقطاب النساء، وأجرت مقابلات لهذا الغرض، إحداها مع الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري، كما تواصلت مع نقابات العمال التي تمثل كتلة مهمة في الولايات الحاسمة، واستفادت أيضا بعلاقاتها مع ممثلي جامعات الأميركيين السود.
أينما تعيش فعلى الأرجح ستتأثر بنتائج الانتخابات الأمريكية.. ما المسارات المتوقعة للاقتصادين الأمريكي والعالمي حال فوز #هاريس أو عودة #ترمب للبيت الأبيض؟#الجزيرة_سياق #الجزيرة_أمريكا24 pic.twitter.com/XKlteuUCEk
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 15, 2024
قوة ترامب
من ناحية أخرى، يظهر استطلاع “فوت كاست” أن ترامب حافظ في 2020 على قاعدة مؤيديه من الأميركيين البيض الذين لا يحملون شهادات جماعية وسكان الريف والمحافظين دينيا.
وكان ترامب منافسا قويا في تلك الانتخابات رغم أنه خسر التصويت الشعبي (في عموم البلاد)، وذلك لأنه فاز فوزا واضحا بأصوات تلك الفئات التي تشكل كتلا تصويتية كبيرة.
ويظهر “فوت كاست” أن قرابة ثلاثة أرباع المقترعين في 2020 كانوا من البيض، وأن 55% منهم صوتوا لصالح ترامب.
وفاز ترامب بتأييد نحو 8 من كل 10 مسيحيين إنجيليين، و6 من كل 10 ناخبين من سكان البلدات الصغيرة والمناطق الريفية، وأيده أيضا قرابة 6 من كل 10 ناخبين بيض لا يحملون شهادات جامعية.
ولم يكن هذا التأييد كافيا لمنحه 4 سنوات أخرى في البيت الأبيض آنذاك، لكن هذا التحالف واسع بما يكفي للحفاظ على قوته التنافسية.
وبلغت نسبة المشاركين في انتخابات 2020 من الأميركيين البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية قرابة 43% من مجمل المقترعين، وهم يمثلون قاعدة تأييد مهمة لترامب حرص على التواصل معها هذا العام عبر تجمعات انتخابية كبيرة ومنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وسعى ترامب أيضا للظهور في مقابلات بودكاست تحظى بشعبية لدى الشبان، كما استقطب مستثمرين بارزين في مجال التكنولوجيا مثل إيلون ماسك الذي ظهر معه في تجمع انتخابي بولاية بنسلفانيا في الآونة الأخيرة.
وحاول الرئيس السابق أيضا أن يخطب ود الناخبين السود وذوي الأصول اللاتينية. كما استغل اسمه كرجل أعمال بارز لإطلاق مشروع للعملات الرقمية وبيع عدد من المنتجات من أجل حملته مثل الأحذية الرياضية والساعات.
ظروف مختلفة
غير أن انتخابات 2020 جرت في ظروف مختلفة تماما بالنسبة للولايات المتحدة. فجائحة كوفيد-19 التي كانت القضية الأولى للناخبين في تلك السنة لا تكاد تذكر الآن.
وفي ذلك الوقت قال نحو 4 من كل 10 ناخبين إن الجائحة أهم قضية تواجهها البلاد، ومن بين هؤلاء، منح ثلاثة أرباع أصواتهم لبايدن.
وربما يكون تغير الأولويات لدى الأميركيين مفيدا لترامب، وإن كان الأمر ليس مضمونا. وفي الوقت الراهن تستحوذ قضايا التضخم والهجرة والإجهاض على اهتمامات الناخبين.
وفي عام 2020 قال نحو نصف الناخبين إن ترامب هو الأصلح للتعامل مع قضايا الاقتصاد، بينما كان بايدن هو الأصلح بالنسبة لنحو 4 من كل 10 ناخبين.
وهناك مؤشرات على أن آراء الجمهور بشأن الاقتصاد باتت تتشكل من وحي مواقفهم السياسية. وتحاول هاريس أن تحد من هذه الميزة الاقتصادية القديمة للجمهوريين بالتركيز على سياسات لمساعدة الطبقة الوسطى على مواكبة تكاليف الحياة.
من ناحية أخرى، كانت انتخابات 2020 بشكل جزئي استفتاء على ترامب ساكن البيت الأبيض آنذاك. وبينما قال نحو 6 من كل 10 مقترعين إن تصويتهم كان بشكل رئيسي لأجل مرشحهم، فإن نحو 4 من كل 10 قالوا إن أصواتهم جاءت لإسقاط مرشح.