قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء ركن محمد الصمادي إن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة يعدّ “إعجازا عملياتيا وعبقرية لافتة”، معتبرا أن نجاحها في مواجهة جيش الاحتلال رغم فارق الإمكانات العسكرية يمثل انتصارا تكتيكيا استثنائيا.
وأوضح الصمادي، في تحليله للمشهد العسكري، أن معركة جباليا تتم تحت ظروف قاسية؛ إذ يواجه المقاتلون الفلسطينيون ألوية مدرعة مثل اللواء 401 و460، ولواء غفعاتي المدعوم بمساندة جوية ومدفعية مكثفة وطائرات استطلاع حديثة.
وأضاف أن المخيم محاصر بالكامل ومنفصل عن مدينة جباليا، ورغم ذلك تواصل المقاومة عملياتها الناجحة في ظل صمود الحاضنة الشعبية التي تواجه عملية إبادة من قبل جيش الاحتلال.
وأشار الخبير العسكري إلى القدرة على تحويل أدوات القتل الإسرائيلية إلى وسائل مقاومة، كما ظهر في الفيديو الذي بثته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- حديثا لتدمير دبابة “ميركافا” شرقي جباليا، والذي يعد دليلًا على عبقرية المقاومة.
وفي وقت سابق، بثت القسام مشاهد من تدمير دبابة “ميركافا” بعبوة شديدة الانفجار شرقي معسكر جباليا، كتبوا عليها “بضاعتكم ردت إليكم.. كتائب القسام”.
وسائل بدائية فاعلة
وأكد الصمادي أن هذه العمليات تنفذ بوسائل بدائية للغاية وفي ظل نقص شديد في الموارد، إلا أن المقاومة استطاعت نقل القنبلة التي استُخدمت في العملية دون امتلاك معدات متطورة.
كما أشار إلى أن القنبلة التي ظهرت في الفيديو كانت من نوع “إم كيه 82” وتزن 500 باوند (227 كغ). وعلى الرغم من أنها كانت غير صالحة للاستخدام بسبب الصدأ، تمكنت المقاومة من تزويدها بصاعق كهربائي وشحنة متفجرة، لتفجيرها مباشرة أسفل الدبابة في أضعف نقطة، مما أدى إلى تدميرها بالكامل.
وأضاف الصمادي أن المقاومة أظهرت قدرات هندسية متقدمة في التعامل مع المتفجرات، وهو ما تجلى في تجهيز القنبلة وتفجيرها. ووصف العملية بأنها نوعية ومحكمة، مشيرًا إلى وجود قيادة وسيطرة لدى المقاومة، فضلا عن روح الفريق التي تُظهرها كتائب القسام في الميدان.
وفي تعليقه على التكتيكات العسكرية لجيش الاحتلال، أوضح الصمادي أنه يعتمد أسلوب “الأرض المحروقة” في محاولاته المتكررة لاجتياح مخيم جباليا. وقال إن جيش الاحتلال استخدم كل أساليبه خلال أكثر من أسبوعين من المعارك، كالقصف العشوائي، وسياسة الأحزمة النارية، وتدمير المباني.
رغم ذلك، أكد الصمادي أن المقاومة الفلسطينية ما زالت قادرة على التكيف مع هذه التكتيكات عبر القتال بأسلوب المجموعات الصغيرة التي تستخدم الفرص المتاحة لقنص جنود الاحتلال وشنّ الهجمات المفاجئة.
وأشار الصمادي إلى أن مخيم جباليا الذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر مربع يُعدّ نموذجا للصمود الفلسطيني في وجه القوة العسكرية الإسرائيلية.