القاهرة – وثق نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي حجب السلطات لموقعين إخباريين جديدين، وقال إن ذلك جاء بالتزامن مع انطلاق جلسات الحوار الوطني اليوم الأحد.
وأوضح البلشي أن الموقعين المحجوبين هما “السلطة الرابعة، و”مصر 360″، مضيفا “فوجئنا ونحن في طريقنا لقاعة الحوار الوطني بحجب موقعين، وهذا تناقض واضح يعكس المناخ الذي يحكم عمل الصحفيين”، وفق وصفه.
جاء ذلك خلال مداخلة نقيب الصحفيين المصرين أثناء جلسة لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة في الحوار الوطني، والتي كانت مخصصة لمناقشة قانون حرية تداول المعلومات.
كما اعتبر البلشي أنه “لا يجوز الحديث عن قانون لحرية تداول المعلومات، بينما يحكم المجال العام تشريعات تحجب المعلومات، وتحجب وسائل نقلها، ومن بينها المواقع الصحفية، وتهدد ناشرها بالحبس، بل وتحبسه أيضا”، مضيفا “لا يجوز فرض الصمت على الآخرين، ولو كان مُعززا بالقانون”.
وأعلن أنه شارك في جلسات الحوار الوطني، تعبيرا عن رغبة الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، والتي كلّفته بعرض رؤيتها ومخاوفها وآمالها، بأن تعود الصحافة بوابة حقيقية لحمل المعلومات، وتوسيع مساحات الحرية والتعبير في هذا المجتمع.
حبس الصحفيين
وتحدث نقيب الصحفيين خالد البلشي عن وجود “مخاوف أكثر من الآمال”، وطالب بإقرار قانون يضمن حرية تداول المعلومات والوصول إليها باعتبار ذلك “حق للمجتمع كله، وليس للجماعة الصحفية وحدها”.
كما ذهب البلشي إلى أن “الحق في المعرفة لا يقف عند كونه حق، ولكنه أداة لتفعيل ممارسة حقوق أخرى، كالتعليم والصحة والتقاضي الحر”، مشيرا إلى أنه من واجب الدولة أن تتيح لمواطنيها حق الوصول للمعلومات.
واستغل نقيب الصحفيين مناسبة الحديث أمام الحوار الوطني، ودعا إلى إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، إنفاذا للمادة 71 من الدستور والتي نصت على أنه “لا توقَّع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”.
وفي هذا السياق، طالب البلشي برفع الحظر عن المواقع التي تم حجبها خلال السنوات الماضية، ومراجعة القوانين التي تفتح الباب للحَجب وتعديل مواد الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، والتي حولت الإجراء الاحترازي إلى عقوبة تم تنفيذها على العديد من الصحفيين وأصحاب الرأي خلال السنوات الماضية.
كما دعا إلى إطلاق سراح الصحفيين المحبوسين، والإفراج عن سجناء الرأي الذين لم يتورطوا في ممارسة العنف أو التحريض عليه.
وقال في هذا الصدد “إننا أمام بيروقراطية تُسيطر عليها عقلية الحجب؛ فالغالبية الساحقة من مؤسسات الدولة وهيئاتها البيروقراطية والإدارية، تعتبر أن الأصل في الأمور هو حجب المعلومات، لا الإفصاح عنها وتداولها بحرية، وأن المعلومات ملك للدولة وليس للمواطن”.
توضيح حكومي
في المقابل، قال رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني المستشار محمود فوزي، إن الجهة المنوط بها إصدار قرارات الحجب للمواقع الصحفية هي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وأضاف فوزي أن أي قرار يصدر من المجلس الأعلى يحوز الطعن عليه، وبعض المواقع التي قيل إنها حجبت مثل “السلطة الرابعة” لا نعلم إذا كانت مرخصة أم لا، وسيتم النظر في هذا الأمر، مشيرا إلى أن الحجب قد يأتي لأسباب فنية أيضا.
وأعرب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد عن أسفه الشديد لحجب موقع “السلطة الرابعة”، مشيرا إلى أن الموقع وهيئته التحريرية ملتزمون تماما بالمعايير المعمول بها، ولم يصدر عنهم أي مخالفات قانونية أو تجاوزات مهنية.
وقال الزاهد “نتمنى أن يتوقف مسلسل حجب المواقع الإخبارية، خاصة أننا نمر بعام الانتخابات الرئاسية، وهو العام الذي يُفترض أن يشهد مزيدا من الانفتاح على الحريات، وأن يشهد تعددية الآراء، ليكون الرأي العام هو الحكم الحقيقي، لكن ما يحدث هو العكس، فنحن نشهد مزيدا من التضييق بحجب موقع مهني مثل موقع السلطة الرابعة”.
وأشار الزاهد إلى أن حزب التحالف كان قد رحب قبل أسابيع برفع الحجب عن موقع “درب” الناطق باسم الحزب، واعتبره خطوة إيجابية في طريق إتاحة المجال العام أمام الرأي والرأي المضاد، مضيفا “لكن العودة إلى الحجب مرة أخرى كوسيلة لمنع الأصوات من الوصول إلى الجماهير” هي نمط إداري غير مقبول ولا يمكن أن يسفر عن نجاحات للسلطة”.
ووفقا لتقرير المرصد العربي لحرية الإعلام (مستقل) حول حرية الإعلام في مصر خلال عام 2022، بلغ عدد المحبوسين سواء احتياطيا أو بأحكام قضائية مع نهاية العام 47 إعلاميا وإعلامية، في حين تجاوز عدد المواقع المحجوبة 600 موقع.