رسمت صحيفة بوليتيكو سيناريو -وصفته بأنه منطقي للغاية- لما قد يحدث في حال انقلب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب على انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة إذا جاءت نتائجها في غير صالحه.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان كيف أن ترامب حاول -عندما كان رئيسا- انتزاع ولاية رئاسية ثانية بأي طريقة رغم خسارته انتخابات 2020، مما أغرق البلاد في حالة من الارتباك والصراع، والعنف في نهاية المطاف.
اقرأ أيضا
list of 2 items
بالفيديو.. شهداء ومصابون في شوارع جباليا بعد قصف مركز للنازحين
“الملياردير” ترامب عاملا في ماكدونالدز.. كيف تفاعلت المنصات؟
end of list
وفي تقرير مطول أعده 4 من محرريها، قالت الصحيفة الأميركية إن عودة ترامب الآن إلى المعترك السياسي أيقظت مجددا شعورا بالفزع لدى المسؤولين والمؤسسات التي وقفت في طريقه في الانتخابات السابقة.
فهل يتكرر ما حدث عام 2020؟ سؤال طرحته الصحيفة، وحاولت أن تستقصي الإجابة من عشرات الأشخاص الذين وصفتهم بأنهم على دراية عميقة بالعملية الانتخابية أو منخرطون فيها.
وذكرت أن الإجماع كان واضحا بين من أجرت معهم المقابلات، إذ أفادوا أن ترامب لن يكتفي بمحاولة قلب نتائج الانتخابات مرة أخرى إذا خسرها، بل إنه وحلفاءه يعدون العدة بالفعل لذلك.
وقال تيم هيفي، الذي قاد التحقيق في جهود ترامب لتخريب الانتخابات لصالح لجنة مختارة في مجلس النواب في السادس من يناير/كانون الثاني 2020، إن “التهديد لا يزال ماثلا”.
بين 2020 و2024
لكن الصحيفة ترى أن انتخابات 2024 ليست كسابقتها، وسكة ترامب هذه المرة لفعل ما سبق أن فعله أصبحت شائكة أكثر وأشد وعورة. فمن ناحية، يفتقر المرشح الجمهوري إلى بعض الأدوات التي هدد باستخدامها قبل 4 سنوات لقلب عملية نقل السلطة. فاليوم، الجيش ووزارة العدل يقعان تحت مسؤولية الرئيس جو بايدن.
كما يحتاج ترامب أيضا إلى حلفاء للفوز في الانتخابات الذي من شأنه أن يجعلهم في وضع يمكنهم من الانقلاب على الهزيمة. وذلك لأن نقض فوز خصمه المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس يتطلب قدرا هائلا من المساعدة من “سماسرة السلطة” الجمهوريين في مجالس الولايات والكونغرس الفدرالي، الذين رفض بعضهم فوزه قبل 4 سنوات.
واستثارت محاولة ترامب الأولى استغلال آلية عمل الديمقراطية الأميركية “المهملة”، مشرعي الحزب الديمقراطي في الكونغرس، فأدخلوا تحديثات على عملية احتساب أصوات الناخبين في القانون الجديد.
بيد أن ترامب يدخل انتخابات عام 2024 وهو على دراية بفشله في قلب النتائج قبل 4 سنوات. ورجحت بوليتيكو في تقريرها أن يواجه ترامب، في حال خسر الانتخابات المقبلة، سيلا من الإجراءات الجنائية التي قد تستمر بقية حياته. أما إذا فاز، فمن المرجح أن تختفي هذه الإجراءات.
وقال النائب جيمي راسكين (ديمقراطي من ولاية ميشيغان) -وهو عضو في اللجنة المختارة من قبل مجلس النواب للتحقيق في اقتحام أنصار الرئيس السابق مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2020 “لا أحد يعرف بالضبط ما سيكون عليه هجوم ترامب على النظام الانتخابي في عام 2024”.
وجاء الجواب من مشرعين ومحققين في الكونغرس ونشطاء حزبيين ومسؤولي الانتخابات وخبراء القانون الدستوري، بأن أي تصرف من جانب ترامب وأنصاره سيقوض الثقة أكثر في نتائج الانتخابات من خلال تقديم ادعاءات غير مدعومة أو مبالغ فيها عن تزوير واسع النطاق للناخبين ورفع دعاوى طعن قضائية طويلة الأمد.
وسيعتمد ترامب أيضا على مسؤولي المقاطعات والولايات الصديقة لمقاومة التصديق على نتائج الانتخابات، وسيدعو حلفاءه في المجالس التشريعية في الولايات المتأرجحة التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري لتعيين مندوبين “بدلاء” في المجمع الانتخابي، وهو نظام معمول به في الانتخابات الرئاسية الأميركية لتوزيع الأصوات على مستوى الولايات.
كما سيحاول حرمان هاريس من الحصول على 270 صوتا في المجمع الانتخابي، مما يحيل نتائج الانتخابات إلى مجلس النواب، حيث من المرجح أن يكون لدى الجمهوريين العدد الكافي الذي يضمن اختيار ترامب رئيسا للبلاد مرة أخرى.
ادعاءات وتشكيك
ووفقا للصحيفة، فهناك بعض المقومات اللازمة التي تجعل الحملة الانتخابية هذه المرة استثنائية، فقد شرع ترامب بالفعل في مهمة واضحة لإثارة أكبر قدر ممكن من الشكوك بشأن نتائج الانتخابات. وهو يدعي أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها أمام هاريس هي إذا مارس الديمقراطيون الغش.
“إنهم يستعدون للغش!” أعلنها ترامب مدوية في منشور على منصته “تروث سوشيال” في 23 سبتمبر/أيلول الماضي. وردد حلفاؤه من الحزب الجمهوري في الكونغرس والولايات هذه الادعاءات، وحظوا بدعم كبير من الرئيس التنفيذي لشركة إكس (تويتر سابقا) إيلون ماسك، الذي “بث الشائعات ونظريات المؤامرة” إلى 200 مليون متابع له.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت حدة التهديدات ضد مسؤولي الانتخابات، وتزايدت المخاوف من حدوث اضطرابات مدنية.
بيد أن بوليتيكو تعتقد أنه من غير المحتمل أن يستمر ترامب وحلفاؤه في جهودهم لقلب هزيمته في الانتخابات إلى انتصار، وأن من شأن فوز ساحق لهاريس أن يجعل من الصعب على ترامب حشد الجمهوريين إلى جانبه. ولكن إذا حدث العكس وفاز، فلا يُتوقع أن يبذل الديمقراطيون جهدا مماثلا لتخريب الانتخابات.
سلاح الدعاوى القضائية
ومضت الصحيفة إلى أن من السهل تصور سيناريو محفوف بالمخاطر. ففي ولاية رئيسية متأرجحة تستغرق عملية فرز الأصوات عدة أيام، فإذا بدا أن هاريس تتفوق على خصمها ببضعة آلاف من الأصوات، وأنها على وشك أن تحسم الانتخابات لصالحها، فإن ترامب سيغطي الولاية بإعلانات تحث المسؤولين على “وقف السرقة”، ويرفع وابلا من الدعاوى القضائية لإلغاء النتائج. ومن ثم تنهال التهديدات على مسؤولي الانتخابات، وترتفع درجة حرارة الاحتجاجات على المستويين المحلي والوطني.
ورغم ذلك، فإن الصحيفة الأميركية لا تعتقد أن ذلك وحده سيؤدي إلى إلغاء نتائج الانتخابات الشرعية. وتقول إنه في حالة هزيمة ترامب، من المرجح أن تظهر فئة أخرى من الدعاوى القضائية.
ففي عام 2020، ومع فشل أو تعثر الدعاوى القضائية التي رفعتها حملة ترامب الانتخابية، علّق ترامب آماله بشكل متزايد على المحامين “الهامشيين” الذين رفعوا دعاوى يسهل دحضها بشأن التزوير، في محاولة للحفاظ على تطلعاته الانتخابية بعد أشهر من يوم الانتخابات.
الخطوة الأخيرة
في السيناريو الذي رسمته بوليتيكو، تتخيل الصحيفة أن يبقى مجلس النواب في أيدي الجمهوريين. وفي هذه الحالة، سيقضي ترامب الشهرين القادمين (نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول) في الضغط على المجالس التشريعية للولايات في ويسكونسن وجورجيا وكارولينا الشمالية، التي ستوافق على قوائم بديلة لمندوبي المجمع الانتخابي التي سيرسلها لها. وسيتم موافاة هاريس بهذه القوائم.
وهنا يمكن أن يحاول الموالون لترامب الاستيلاء على السلطة لصالح مرشحهم المهزوم.
وفي نهاية المطاف -وفق السيناريو المتوقع- لا بد من وضع عدد من العناصر الرئيسية في مكانها الصحيح لمنع التصديق على فوز هاريس، حيث سيتطلب ذلك ليلة انتخابية جيدة للجمهوريين و”تواطؤا كبيرا” بين حلفاء ترامب على كل مستوى حكومي تقريبا. وسيكون عرضا “وقحا” للقوة التي من شأنها أن تتفوق على المناورة المتعددة الأوجه لعام 2020.
وتنقل بوليتيكو في ختام تقريرها عن ريك هاسن، الخبير بقانون الانتخابات في جامعة كاليفورنيا: قوله “إنك (في هذه الحالة) تدخل بالفعل في عالم من الفوضى.. وإذا كان الناس على استعداد لتجاهل القانون وإعلان فوز شخص ما، فأنت تتحدث عن انقلاب حقيقي”.