قال محلل عسكري إسرائيلي إن أكتوبر/تشرين الأول هو أكثر شهر شهد خسائر بشرية بصفوف الجيش منذ بداية عام 2024، وإن استمرار قتل وجرح عسكريين قد يدفع الرأي العام الإسرائيلي إلى المطالبة بإنهاء الحرب، وهو ما تزايد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المحلل البارز عاموس هارئيل في تحليل بصحيفة هآرتس: “أكتوبر الذي لم ينته بعد هو أسوأ شهر من حيث الخسائر الإسرائيلية منذ بداية العام”.
ومن ضمن الخسائر، أشار إلى مقتل 5 جنود احتياط وإصابة 14، بينهم 5 بجروح خطيرة، السبت، ومقتل 10 آخرين في اليومين السابقين بـجنوب لبنان.
ويضاف إلى ذلك العسكريون الإسرائيليون الذين قتلوا وجرحوا في جنوب لبنان وقطاع غزة منذ بداية الشهر الجاري.
ولم يذكر هارئيل حصيلة إجمالية للقتلى والجرحى منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول، ولم يقارنها بشهور أخرى.
وأضاف أن “الحكومة تصور سلسلة النجاحات العسكرية الأخيرة في قطاع غزة وإيران ولبنان على أنها دليل على صحة إستراتيجيتها وأن الحرب لا بد أن تستمر على الجبهات كافة”.
واستدرك: “ولكن في الواقع، من المستحيل تجاهل الثمن الذي قد يترتب على استمرار الحرب لفترة أطول”.
واعتبر أن “الخطر الأعظم يكمن في لبنان؛ فقد بدأ حزب الله يتعافى بالفعل إلى حد ما، بعد أن عيّن قادة جددا ليحلوا محل العديد من الذين قتلتهم الهجمات الإسرائيلية”.
وتابع: “قد يؤدي هذا إلى تساقط مستمر للضحايا (عسكريين إسرائيليين)، ما قد يُغيّر تدريجيا وجهة نظر الرأي العام بشأن الحاجة إلى مواصلة الحرب”، حسب هارئيل.
ولفت إلى حرب إسرائيل الأولى على لبنان عام 1982، والاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان على مدى الأعوام الـ18 التالية ثم الانسحاب في 2000، والانسحاب الأحادي الجانب من غزة في 2005.
وقال إنه في كل تلك الحالات “كان ارتفاع عدد القتلى سببا في خلق ضغوط على الحكومات (حتى اليمينية منها) ودفعها إلى تغيير سياساتها، بما في ذلك الموافقة على الانسحابات”.
وتابع: “ارتفاع عدد القتلى وحقيقة أن عبء الخدمة الاحتياطية والتضحية يقع على شريحة ضيقة إلى حد ما من الإسرائيليين من شأنه أن يزيد من حدة الأزمة السياسية ويجعل من الصعب عليه (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) الاستمرار في إدارة الحرب كما يشاء”.
و”الخلاف حول استمرار الحرب ينقسم على طول خط الصدع بين اليمين ويسار الوسط، ولكن يمكن وصفه أيضا بأنه جدال بين المتفائلين والمتشائمين”، وفق هارئيل.
“إهدار أرواح الجنود”
وفي سياق ردود الفعل الشعبية على الحرب المتواصلة منذ أكثر من سنة، تزايدت مطالبات ناشطين وحقوقيين لحكومة نتنياهو بسرعة عقد صفقة مع حركات المقاومة في غزة ولبنان لإنهاء الحرب، معتبرين أن استمرارها “إهدار لأرواح الجنود والمزيد من سفك الدماء والخسائر للإسرائيليين”.
ويتظاهر الآلاف من الإسرائيليين -بشكل مستمر- للمطالبة بوقف الحرب. كما أظهرت مشاهد نشرتها وسائل إعلام وصفحات إخبارية إسرائيلية، مقاطعة عدد من الحضور كلمة نتنياهو خلال حفل تأبين قتلى السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في حين ناشد الكثير منهم إيقاف الحرب، وصرخ بعضهم في وجهه: “عار عليك”.
وعلق مدون إسرائيلي بالقول: “لا حزب الله ولا حماس يشكلان خطرا على إسرائيل، الخطر الوحيد منهم هو أن نأتي إليهم، إن ما يحدث الآن ليس حربا، بل سلسلة من الهجمات التي تبدؤها إسرائيل بإدخال جنودها إلى غزة ولبنان”.
ووصف مدونون الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان بأنها “حرب بلا ضمير، وحرب استنزاف وجودية رهيبة”، معتبرين أن نتنياهو يجر إسرائيل إلى الدمار والكراهية اقتصاديا وعسكريا وإنسانيا. وكتب أحدهم: “ليس من الواضح ما إذا كانت نهاية الحرب ستؤدي إلى وقف كامل لجميع الهجمات”.
את המלחמה הזאת צריך להפסיק עכשיו!
עכשיו בתל אביב pic.twitter.com/1V3gbG5bDU— Mothers Against Violence (MAVisrael) (@MavIsrael) October 27, 2024
واعتبر بعض الناشطين الإسرائيليين أن حكومتهم ترسل جنودها إلى حتفهم من أجل الحفاظ على حكم نتنياهو؛ إذ قالت الصحفية رافيت هيكت، في مقال نشرته صحيفة هآرتس: “لم يعد هناك أي فائدة في تبادل الضربات لقد حان الوقت لوقف الحرب، هجوم آخر ومزيد من الجنود القتلى والمزيد من الجرحى بالصواريخ والقذائف والمزيد من المعاناة التي لا يمكن احتواؤها”.
وأكد عضو الكنيست عن حزب العمل جلعاد كاريف أن هذه الحرب لن تحجب المسؤولية الشخصية لنتنياهو، وأن الإسرائيليين سيذكرونه بذلك دائما، مطالبا إياه بالاستقالة.
وبدعم أميركي واسع، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، وبدأت في 23 سبتمبر/أيلول الماضي حربا واسعة على لبنان، عبر غارات جوية بالإضافة إلى توغلات برية في الجنوب.