أودت الكوارث المناخية العشر الأكثر فتكًا خلال العشرين عامًا الماضية بحياة أكثر من 570 ألف شخص، وتفاقمت جميعها بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية، وفقًا لدراسة نشرتها منظمة “إسناد الطقس العالمي” World Weather Attribution (WWA)، وهي منظمة علمية متخصصة ترجع الأحداث المتطرفة لتغير المناخ. تم إصدار هذا المنشور في اليوم التالي للفيضانات الكارثية في إسبانيا، والتي خلفت ما يقرب من 100 قتيل في منطقة فالنسيا.
وأوضح الباحثون بحسب الدراسة التي نشرت اليوم /الخميس/ – “دراستنا تظهر أن المناخ خطير للغاية بالفعل مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية”، مضيفين أنه “لا يوجد مكان آمن من تغير المناخ”، مستنكرا وقوع العديد من الضحايا “في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء”.
وتابع الباحثون أن “هذا العدد الإجمالي للضحايا أقل من الواقع إلى حد كبير، لأنه لم يتم إحصاء ملايين الضحايا في الإحصاءات الرسمية”، مقدرين أن “الوفيات الناجمة عن موجات الحر لا يتم إحصاؤها عادة في العديد من الدول النامية المعرضة بشدة لدرجات حرارة مرتفعة” حسبما أوردت مجلة “لوبوان” الفرنسية.
ولخصت عالمة المناخ البريطانية فريدريكه أوتو، من جامعة إمبريال كوليدج، المؤسسة المشاركة ومديرة شبكة “إسناد الطقس العالمي “الدولية” إن تغير المناخ لا يشكل تهديدا بعيدا، فقد عزز الكوارث المناخية التي أودت بحياة أكثر من 570 ألف شخص”، وتابعت خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت “الحل الوحيد هو التوقف عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز”.
وأدرج التقرير إعصار نرجس، الذي أودى بحياة 138 ألف شخص في ميانمار عام 2008، والجفاف في الصومال عام 2011، الذي تسبب في سقوط 258 ألف ضحية، وإعصار هايان، الذي تسبب في وفاة 7000 شخص في الفلبين عام 2013، بالإضافة لموجات الحر الثلاث الكبرى التي أثرت على فرنسا وأوروبا في 2015 و2022 و2023 (إجمالي الوفيات 94 ألفا).
وبينما تم إعداد هذا التقييم مع تسجيل ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية، يشير العلماء إلى أن العالم في طريقه إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.6 إلى 3.1 درجة مئوية بحلول عام 2100، وأنه سيتم تجاوز علامة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030.
وينصح التقرير صناع السياسات بإعداد دولهم لمواجهة أحداث أكثر حدة في المستقبل من خلال تركيب أنظمة إنذار مبكر وتعزيز البنية التحتية لحالات الطوارئ.
ويحذر العلماء من أن “بعض الأحداث تصبح متطرفة للغاية لدرجة أنه من المستحيل التكيف بسرعة كافية: فالسكان والموائل تصل إلى حدودها القصوى”.
على الرغم من عدد القتلى والارتباط العلمي المثبت بالاحتباس الحراري العالمي الناجم عن أنشطة بشرية، فإن سياسات مكافحة تغير المناخ تفتقر إلى التمويل الكافي على نطاق عالمي، وغالبًا ما يتم إدراجها في مرتبة متأخرة بعد سياسات التنمية الاقتصادية أو العسكرية دون مراعاة أعداد الوفيات وحالة الطوارئ المناخية رغم جديتها وحجم التهديدات التي تثقل كاهل السكان.
ومن الأمثلة المتطرفة، هجمات 11 سبتمبر 2001 (3000 حالة وفاة) هي أصل استثمار الحكومة الأمريكية أكثر من 8000 مليار دولار في الحروب ضد الإرهاب بين عامي 2001 و2021 (والتي تسببت في وفاة ما بين 3.6 إلى 3.8 مليون حالة وفاة مباشرة وغير مباشرة)، وفقًا لإحصاء “تكاليف الحرب” الذي تقوم به جامعة براون رغم أن خسائرها أقل بـ 190 مرة على الأقل من الكوارث المناخية العشر المذكورة في التقرير.
وقالت فريدريكه أوتو “خلال موجة الحر الكارثية، يموت الناس بصمت في منازلهم، ولا يلقون أنفسهم من ناطحة سحاب محترقة، لذا ليس من المستغرب أن يُنظر إلى موتهم بشكل مختلف”.
وتابع الباحث قائلا “لكن يجب أن نتوقف عن التفكير في تغير المناخ باعتباره مشكلة إضافية تضاف إلى الإرهاب أو التضخم أو تكلفة المعيشة، لأنه مرتبط بكل هذه المشاكل. يجب الآن الحكم على السياسات العامة، أيًا كانت، وفقًا لفائدتها في عالم يسجل درجات حرارة أعلى وفي مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري: هذه هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية في مكافحة أزمات المناخ”.