وجه المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ، الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب الفضل في وجود الجميع على مائدة واحدة في الحوار الوطني، بكل التنوعات والاختلافات الفكرية والأيدولوجية من أجل مناقشة حاضر هذا الوطن، ولكي يساهم كل الجميع في صناعة مستقبله.
ووجه صبور الشكر إلى مجلس أمناء الحوار الوطني برئاسة الدكتور ضياء رشوان، والأمانة الفنية على الدور الذي قاموا به على مدار أكثر من عام، للخروج بحوار يليق باسم مصر وشعبها.
وقال صبور، خلال كلمة له في جلسة لجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة بالمحور الاقتصادي فى الحوار الوطني بعنوان الجلسة: “أولويات الاستثمارات العامة – ملكية وإدارة أصول الدولة – تمويل الاستثمار العام”، إن الاستثمار أصبح أحد الملفات التى تضعها الدولة على رأس أولوياتها، فالاستثمار سواء كان محلياً أو أجنبياً، يعد أهم وسائل الانفتاح على الأسواق الخارجية، ومكون أصيل فى خطط التنمية، وهو ما يتطلب رؤية استراتيجية واضحة دقيقة، لأن المستثمر يهدف إلى تعظيم أرباحه بصرف النظر عما يتحقق من أهداف إنمائية للدول المضيفة، لذلك تأتي أهمية تحديد أولويات الاستثمار فى الدولة بما يتفق مع الرؤية الاستراتيجية.
وأضاف: “لذلك فمن الضروري أن تترجم الأولويات في خرائط استثمارية توضح الفرص الاستثمارية التى يجب التركيز عليها فى عملية الجذب والترويج للاستثمارات؛ فزيادة حجم الاستثمار فى حد ذاته يؤدي يعكس على معدلات النمو الإقتصادي إيجابا ولكن يكون على المدى القصير فقط”.
وأكد عضو مجلس الشيوخ أن النجاح الحقيقي يتمثل في تخصيص الاستثمارات بكفاءة، باعتباره الضامن الوحيد لتحقيق نمو اقتصادي على المدى الطويل، لذلك يجب العمل على تحديد الأولويات على النحو الذى يسمح بإعادة تخصيص الموارد لتنفيذ البرامج والمشروعات الأكثر جدوى من الجوانب الاقتصادية الكلية، والجوانب الاجتماعية، والبيئية بهدف إنتاج السلع والخدمات الأساسية، وتطوير الصادرات وإحلال الواردات، وتوفير فرص العمل، وكذلك التأكيد على أهمية التحديث الدائم للخريطة الاستثمارية وتحسين جودة بياناتها، وإطارها الشامل قطاعياً وجغرافياً لكي تعمل كدليل استرشادى للمستثمرين في جميع القطاعات.
وأشار صبور إلى ضرورة اتخاذ خطوات سريعة لفك التعقيدات التى تواجه المستثمرين على جميع المستويات، والإعلان عن إجراءات ميسرة تساهم في سرعة البدء في مشروعاتهم والانتهاء منها بسلاسة ودون أي تعقيدات على أرض الواقع.
ولفت إلى أن الفترة الماضية شهدت اهتماما كبيرا من جانب القيادة السياسية بتنمية القطاع الصناعي، لقدرته على دفع عجلة الإنتاج وزيادة معدل النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى أنه من القطاعات الأساسية التي توفر فرص عمالة وتساهم في علاج مشكلة البطالة، كما يساهم قطاع الصناعة في توفير موارد النقد الأجنبي وعلاج مشاكل عجز ميزان المدفوعات، وبناءا على ذلك لا بد من إطلاق استراتيجية الصناعة المصرية 2022-2026 والتي سبق الإعلان عنها في سبتمبر الماضي، والتي تستهدف تنمية وتطوير الصناعة المصرية وزيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعي في الناتج القومي الإجمالي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فيها، وميكنة الخدمات، وتوفير الأراضي بأسعار مناسبة، وترفيق المناطق الصناعية، وتوحيد جهات الولاية وفض التشابكات، وتفعيل قانون تفضيل المنتج المصري.
وأوضح صبور أن دعم سلاسل الإمداد وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة الترانزيت، الذي يمكن أن يلعب دورا مهما في توفير العملة الصعبة، حيث تتمتع بآلاف الكيلو مترات من السواحل البحرية وعدد كبير من الموانى البحرية، بالإضافة إلى توسعات قناة السويس، لكن الأمر يتطلب تعديل بعض القوانين والتشريعات لتسهيل هذه التجارة، وتوحيد جهات الاختصاص في ذلك المجال، مع تسهيل الإجراءات الجمركية ودعم إنشاء المزيد من المخازن والمستودعات الجمركية، بالإضافة إلى الاعتماد على مشغلين عالميين للمحطات من كبار الخطوط والتحالفات العالمية بما يحقق تطوير الأداء الفنى والتقنى والإدارى والتسويقى، وتطبيق سياسات تسعيرية مرنة مقارنة بالموانىء الإقليمية المنافسة لضمان جذب أكبر قدر ممكن من حجم الأعمال.
وفيما يتعلق بمجال النقل واللوجستيات، أكد أن مصر حققت طفرة كبيرة في المجال، حيث قفزت مصر إلى المرتبة السابعة عربيا والثالثة أفريقيا والـ57 عالميا في مؤشر الأداء اللوجستي (LPI) الصادر عن البنك الدولي في عام 2023، ويرجع ذلك إلى التطورات الكبيرة التي شهدها القطاع اللوجستي المصري في السنوات الأخيرة مدعومًا برؤية الدولة المصرية في التحول إلى مركز عالمى للتجارة واللوجستيات، وهو ما يتطلب دفع القطاع للأمام، من خلال إنشاء مجلس أعلى للوجستيات برئاسة رئيس الجمهورية لصياغة السياسات، واتخاذ القرارات والعمل على تنفيذ الخطة الإستراتيجية لوزارة النقل؛ وإنشاء جهاز تنظيم اللوجستيات مهمته منح تراخيص التشغيل لكل أنشطة الموانئ؛ وإعداد حزمة من التشريعات المناسبة لسوق الملاحة بكل أنشطته، ضرورة العمل على تدريب وتأهيل الكوادر المهنية والحرفية للعمل فى مجال اللوجستيات، والحصول على الشهادات الدولية وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها.
ويرى صبور ضرورة ملحة للتركيز على قطاع السياحة والعمل على تطويره وتنميته بما يسمح بوجود مصر على رأس الدول السياحية في العالم، خاصة أنها تمتلك جميع المقومات التى تسمح لها بذلك، مع العمل على زيادة عدد المطارات والطاقة الاستيعابية والبنية التحتية للمقاصد السياحية، ومواصلة تطوير المناطق الأثرية وربط المقاصد وإنشاء شركات طيران وطنية منخفضة التكاليف لزيادة معدلات النمو.
وتابع: “أيضا لدينا فرصة في تعزيز التحول للاقتصاد الأخضر والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والاستثمار في تداول شهادات الكربون، باعتباره أحد مجالات المستقبل القريب”.
وأردف: “كما يعزز الاهتمام الاقتصاد الأزرق التنمیة المستدامة، لذلك لا بد من إطلاق استراتيجية لدعم الاقتصاد الأزرق المرن، وإلغاء ممارسات الصيد الضارة، والتي تساهم في الصيد الجائر، وبناء مصائد الأسماك المستدامة، والتصدي للأخطار التي تهدد صحة البحار بسبب التلوث البحري، وخاصة النفايات والبلاستيك، التنمية المستدامة للقطاعات البحرية، مثل السياحة والنقل البحري والطاقة المتجددة البحرية، ودعم الأمن الغذائي للحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد المائية، وتحلية مياه البحار، والاستفادة من مياه الأمطار والسيول؛ لتعزيز الاستثمار في الموارد المائية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي”.
واستطرد: “وفي ظل ما يواجهه العالم من أزمة غذاء، أصبح التوسع في الإنتاج الزراعي وأيضا التصنيع الزراعي ضرورة وليس رفاهية، لتحقيق الأمن الغذائي للمصريين، مع التأكيد على ضرورة دعم إنشاء مجتمعات زراعية صناعية متكاملة لمنح الزراعات المصرية قيمة مضافة، وتقدر قيمة الاستثمارات في هذا القطاع هذا العام بنحو 534 مليار جنيه، منها نحو 116.6 مليار جنيه لخطة عام2024/23 بما يعادل 7% من جملة الاستثمارات في الوقت الذي تقدر فيه إسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 11.3% في عام الخطة”.
وأكد صبور أن الاستثمار في مجال التكنولوجيا هو رهان العالم الرابح، لذلك لا بد أن تكون مصر جزء منه، من خلال دعم الأفكار والابتكار لجذب مزيد من الاستثمارات وصناديق الاستثمار المتخصصة في التكنولوجيا، وهو ما يساهم في تطوير العديد من القطاعات.
وشدد على أنه من الضروري تعزيز دور الوساطة والتسوية الودية بين المستثمرين كركيزة أساسية لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، وهو ما يتطلب تقنين الوساطة بما يتوافق مع التشريعات الدولية خاصة قانون الأونسيترال النموذجي، والترويج للوساطة وتقديم الحوافز الداعمة لها، وتدريب الوسطاء بما يتوافق مع المعايير الدولية، والتشديد على أهمية التجانس والتكامل بين المراكز العاملة بالوساطة، وتوحيد منظومة فض المنازعات الموجودة بالدولة بالإضافة إلى تضمين شرط الوساطة بالأنظمة الأساسية للشركات والعقود النموذجية مما يساعد على زيادة العمل بها.
واستكمل: “محور آخر، أريد الانتقال إليه يتعلق بوثيقة ملكية الدولة ، “وثيقة سياسة ملكية الدولة” التى تعدُ خطوة رئيسية في إطار زيادة فرص مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، حيث تمثل رسالة اطمئنان للمستثمر المحلي، وعنصر جذب للاستثمار الأجنبي، كما تسهم في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية، بما يجعلها خطة متكاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص وتنظيم تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، حيث تستهدف مشاركة أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد المصري ليمثل 65% خلال 3 سنوات مقبلة”.
وقال: “لكن ظهر في إطار برنامج الطروحات الحكومية أن كيانات عديدة، سواء شركات أو أصول، مملوكة إلى 10 أو 12 جهة بالدولة، وأن طرح هذه الكيانات يحتاج إلى سلسلة من الإجراءات البيروقراطية، التي تستغرق أمدا زمنيا بعيدا، فكان التحرك السريع من جانب المجلس الأعلى للاستثمار بإنشاء وحدة تابعة لمجلس الوزراء تكون معنية بتجميع بيانات هذه الشركات واتخاذ القرارات الملزمة، سواء بالدمج أو التصفية أو بيع نصيب الدولة، دون الرجوع إلى كل هذه الجهات، وهو ما يساهم في إحداث تقدم حقيقي في هذا الملف”.
وأضاف: “لكن مع تجربة الطرح الأولى كان على الدولة تحديد موقفها الواضح، هل الأولوية عند التخارج من أي نشاط الحصول على عائد مناسب أم الأولوية للتخارج أيًّا كان المقابل الذي ستحصل عليه، وهو ما حدث صفقة بيع شركة باكين للدهانات التى كان يمكن للدولة تحقيق مزيد من المكاسب فيها ولكنها وضعت التخارج أولوية، فكانت أكثر مرونة في التسعير”.
وأكد أيضا أنه من الضروري التأكيد على تطبيق الحوكمة والإعداد القانوني المنضبط والكامل لعقود التخارج أو الخصخصة أو الشراكة مع القطاع الخاص بمختلف صوره لحماية الدولة من أي آثار سلبية قد تتعرض لها نتيجة المنازعات، كذلك منح البورصة المصرية المزيد من المحفزات التشريعية لاجتذاب المستثمرين.
واختتم صبور كلمته قائلا: “الحقيقة أننا كنا نتوقع نجاحات أكبر فيما يتعلق بملف الأطروحات الخاص بـ 32 شركة مصرية خلال الشهور الماضية، لكن أعتقد أن السبب الرئيسي في عدم بيع أي من هذه الشركات حتى الآن، هو عدم الاتفاق حول سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وهو ما يؤكد أن استقرار سعر الصرف ضرورة من أجل إنجاح جهود تحسين مناخ الاستثمار”.