أكدت المعارضة السورية المسلحة أنها وسّعت نطاق سيطرتها على عدد من أحياء مدينة حلب، وذلك في اليوم الرابع من معركة “ردع العدوان”، في حين اعترف الجيش السوري بمقتل وإصابة العشرات من عناصره في معارك الأيام الأخيرة، وبالتوازي مع ذلك شنت طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016.
وكانت فصائل المعارضة السورية المسلحة قد تمكّنت خلال 48 ساعة من السيطرة على مناطق وسط حلب وأخرى في ريف إدلب شمال غرب سوريا، في هجوم هو الأول من نوعه منذ 5 سنوات، فيما أغلقت السلطات السورية مطار حلب وألغت جميع الرحلات.
مواجهات مع أطراف عدة
وقالت القيادة العامة لإدارة العمليات العسكرية، التابعة للمعارضة السورية لمراسل الجزيرة، إنها تخوض مواجهات في حيي الأشرفية والشيخ مقصود، اللذين تسيطر عليهما ما تُعرف بـ”وحدات حماية الشعب الكردية”.
وأكدت أيضا أنها “تخوض مواجهات مع قوات النظام والمجموعات العسكرية المدعومة من إيران في مدينة عندان شمال حلب”.
وتأتي هذه التطورات في مدينة حلب بعد أن أعلنت المعارضة سيطرتها على نحو 15 حيا في المدينة، بما فيها القصر البلدي، ومجلس المحافظة، وساحة سعد الله الجابري، وقلعة حلب وجامعها الأموي، ومركز البحوث العلمية، والكليتان العسكرية والمدفعية، ومبنى الأمن العسكري، ومواقع عسكرية أخرى.
وذكرت أن سيطرتها تشمل معظم أحياء حلب الغربية وعددا كبيرا من أحيائها الجنوبية والشرقية والوسطى، وذلك في رابع أيام معركة ردع العدوان التي أطلقتها المعارضة السورية المسلحة، ردا على ما قالت إنها اعتداءات متصاعدة وحشود للنظام لمهاجمة معاقلها.
وبالإضافة إلى سيطرتها على جزء كبير من مدينة حلب، قالت المعارضة إن مجموع ما سيطرت عليه من قرى في ريفي حلب الغربي والجنوبي بلغ 70 بلدة وقرية وموقعا عسكريا.
ومساء أمس، فرضت المعارضة حظر تجوّل في المدينة حتى صباح اليوم، “حفاظا على سلامة المدنيين”، مؤكدة أنه سيتم خلال ساعات تأمين مدينة حلب عسكريا وأمنيا ليُعلن بعدها تحرير المدينة كاملا.
السيطرة على قرى وبلدات بإدلب
وفي سياق متصل، أعلنت “القيادة العامة لإدارة العمليات العسكرية” التابعة للمعارضة عن سيطرتها على 23 قرية وبلدة في ريف إدلب الشرقي، بعد اشتباكات مع النظام والمجموعات العسكرية المتحالفة معه، وأنها بصدد توسيع سيطرتها في المنطقة.
وبثت فيديو يظهر سيطرتها على مدينة سراقب بريف إدلب، حيث يتقاطع طريق حلب دمشق الدولي وطريق اللاذقية حلب الدولي، المعروف اختصارا بـ”إم 5″ و”إم 4″.
وأظهرت صورٌ احتفالات الأهالي في مدينة إدلب بسيطرة قوات المعارضة السورية على مدينة حلب وأجزاء واسعة من ريفها.
هذا وقد بث ناشطون وحسابات مؤيدة للمعارضة السورية مشاهد لمقاتلي المعارضة السورية وهم في مطار أبو الظهور العسكري شرق إدلب شمال غربي سوريا.
قصف سوري وروسي لحلب
في المقابل، قالت وزارة الدفاع السورية إن قواتها استعادت السيطرة على نقاط خسرتها في وقت سابق، مضيفة أنها تواصل التصدي لهجوم من جانب ما وصفتها بالمجموعات الإرهابية وكبدتها خسائر كبيرة.
وأعلنت مقتل وإصابة عشرات الجنود في معارك عنيفة مع مقاتلين من المعارضة في حلب وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية، وقالت إن ما وصفه بالانسحاب المؤقت للقوات في حلب يهدف إلى التحضير لهجوم مضاد على “الإرهابيين”.
كما أكدت وزارة الدفاع السورية أن تعدد جبهات الاشتباك دفعت قواتها لإعادة الانتشار لتدعيم خطوط الدفاع والتحضير لهجوم مضاد.
وأضافت أن “التنظيمات الإرهابية تمكنت خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء حلب”.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن مقاتلات النظام قصفت حي حلب الجديدة بمدينة حلب.
في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها الجوية قضت على 200 مسلح في محافظتي حلب وإدلب خلال يوم واحد.
وأضافت أن الوضع في المحافظتين يتفاقم، وأن القوات الروسية تقدم الدعم للجيش السوري في مواجهة هذه التشكيلات.
وفي تطور جديد، قال مصدران عسكريان روسيان إن مقاتلات روسية وسورية قصفت اليوم السبت مقاتلي معارضة تمركزوا في مواقع بضاحية في مدينة حلب سيطروا عليها أمس الجمعة.
واستهدف القصف أيضا بلدات وقرى سيطرت عليها قوات معارضة في اجتياح مباغت من معقلها.
وفي وقت سابق، نقلت رويترز عن 3 مصادر بالجيش السوري قولها إن الجيش أغلق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة حلب بعد أن صدرت تعليمات للقوات باتباع أوامر “انسحاب آمن” من الأحياء التي اجتاحها المسلحون.
وذكرت المصادر أن هذه الخطوة أغلقت المدينة فعليا بعد أن أصدر الجيش تعليمات لنقاط التفتيش خارج المدينة بالسماح فقط لقوات الجيش بالمرور والدخول.
كما أكدت وزارة الدفاع السورية، من جهتها، أن قواتها استعادت السيطرة على نقاط خسرتها في وقت سابق، مضيفة أنها تواصل التصدي لهجوم من قِبل ما وصفتها بالمجموعات الإرهابية وكبدتها خسائر كبيرة.
ردود الفعل
وضمن ردود الفعل على التطورات الجديدة في سوريا، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، تعليقا على التطورات في الشمال السوري، إن تنشيط الجماعات الإرهابية في سوريا مخطط أميركي صهيوني عقب هزائم الكيان في لبنان وفلسطين، حسب تعبيره.
وبدوره، قال السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني إن إيران وروسيا ومحور المقاومة لن يسمحوا بتكرار أحداث السنوات الماضية في سوريا.
وأوضح خلال لقاء مع التلفزيون الإيراني أن ما وصفها بالجماعات الإرهابية لن تحقق أي انتصار في سوريا.
أما قائد الحرس الثوري الإيراني، فقال إن من وصفهم بالإرهابيين “قرروا الهجوم على سوريا بعد الإخفاقات الإستراتيجية لإسرائيل بلبنان وغزة”.
وأضاف أن “المسلحين الذين سيطروا مؤخرا على مناطق في سوريا يخضعون لقيادة وتوجيهات إسرائيلية”.
وفي ردود الفعل الإقليمية على معارك الشمال السوري أيضا، قال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كجليتولي إن الهجمات الأخيرة للنظام السوري على إدلب وصلت إلى مستوى يضر بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات أستانا.
وأضاف كجليتولي أن بلاده تراقب عن كثب الهجمات التي تستهدف المدنيين الأتراك وتركيا من قبل منظمات إرهابية في تل رفعت ومنبج، والتي تحاول الاستفادة من بيئة عدم الاستقرار الحالية.
كما قالت وزارة الخارجية المصرية إن وزير الخارجية بدر عبد العاطي بحث في اتصال هاتفي، مساء أمس الجمعة، مع وزير الخارجية السوري بسام صباغ التطورات الأخيرة في شمال سوريا، خاصة في إدلب وحلب.
وذكرت وزارة الخارجية، في بيان لها عبر فيس بوك صباح اليوم السبت، أن الوزير عبد العاطي استمع إلى شرح وتقييم الوزير صباغ للتطورات الأخيرة المتلاحقة في شمال سوريا.
وأضافت أن عبد العاطي عبّر عن القلق إزاء منحى هذه التطورات، مؤكدا موقف مصر الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية، وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب، وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها.
أميركيًا، نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي، قوله إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في هجوم المعارضة السورية على حلب، وأن هذا الهجوم فاجأ إدارة الرئيس جو بايدن حسب قوله.