2/12/2024–|آخر تحديث: 2/12/202410:46 م (بتوقيت مكة المكرمة)
يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا بزيارته الموعودة منذ فترة طويلة إلى أفريقيا، لعرض مشروع السكك الحديدية المدعوم من الولايات المتحدة في 3 دول، والذي دفع به باعتباره نهجا جديدا في مواجهة بعض النفوذ العالمي للصين.
ويبدأ بايدن جولته في أفريقيا اليوم الاثنين من أنغولا، حيث سيصنع التاريخ بصفته أول رئيس أميركي يزور هذا البلد الأفريقي، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام أميركية.
وفي طريقه إلى أنغولا، توقف بايدن في جزيرة الرأس الأخضر في المحيط الأطلسي قبالة ساحل غرب أفريقيا لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء يوليسيس كوريا إي سيلفا.
ممر لوبيتو
يركّز بايدن -في زيارته الأولى والأخيرة خلال رئاسته لأفريقيا جنوب الصحراء- على مشروع ممر لوبيتو لتطوير السكك الحديدية بين زامبيا والكونغو وأنغولا.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الوجود الأميركي في منطقة غنية بالمعادن الحيوية المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية وتقنيات الطاقة النظيفة.
ويعد هذا مجالا رئيسيا للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وتسيطر الأخيرة على المعادن الحيوية في أفريقيا.
ومنذ سنوات، عملت الولايات المتحدة على بناء علاقات في أفريقيا من خلال التجارة والأمن والمساعدات الإنسانية، لكن تحديث ممر السكك الحديدية البالغ طوله 1300 كيلومتر بتكلفة 2.5 مليار دولار يعد خطوة مختلفة، ولها ظلال من إستراتيجية “الحزام والطريق” الصينية، كما تقول وكالة أسوشيتد برس.
هل يدعمه ترامب؟
ووصفت إدارة بايدن الممر بأنه إحدى المبادرات المميزة للرئيس، لكن مستقبل لوبيتو وأي تغيير في الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع القارة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة يعتمد على الإدارة الأميركية المقبلة، التي ستتسلم السلطة بعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وقال مفيمبا ديزوليلي، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن “الرئيس بايدن لم يعد هو القصة. حتى الزعماء الأفارقة يركزون على دونالد ترامب”.
التزمت الولايات المتحدة بتخصيص مئات الملايين من الدولارات لممر لوبيتو، إلى جانب التمويل من الاتحاد الأوروبي، ومجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، واتحاد شركات خاص بقيادة الغرب والبنوك الأفريقية.
وقال توم شيهي، زميل معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو مؤسسة بحثية فدرالية، إن مبادرة ممر لوبيتو واحدة من المبادرات الرئيسية للشراكة الجديدة لمجموعة السبع من أجل البنية التحتية العالمية والتنمية والاستثمار، التي قادها بايدن، وتهدف إلى الوصول إلى الدول النامية ردا على مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وكان بايدن قد وعد بزيارة أفريقيا العام الماضي، ثم أُرجئت الرحلة إلى 2024، ثم أُرجئت مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام بسبب إعصار ميلتون، مما عزز الشعور بين الأفارقة بأن قارتهم لا تزال ذات أولوية منخفضة.
بيد أن هناك تفاؤلا بأن مشروع لوبيتو -الذي لن يكتمل إلا بعد فترة طويلة من نهاية ولاية بايدن- قد ينجو من تغيير الإدارة الأميركية ويُمنح فرصة لمواجهة النفوذ الصيني الذي يتفق الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على السعي لتقليصه، وهي مهمة على رأس أولويات ترامب.
وقال محلل العلاقات الصينية الأفريقية كريستيان جيرو نيما “ما داموا يصفون لوبيتو بأنه إحدى الأدوات الرئيسية المناهضة للصين في أفريقيا، فهناك احتمال لاستمرار تمويله”.
منافسة الصين
يهدف مشروع ممر لوبيتو لتحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية من مناجم النحاس والكوبالت في شمال زامبيا وجنوب الكونغو إلى ميناء لوبيتو الأنغولي على المحيط الأطلسي، وهو طريق لنقل المعادن الحيوية من أفريقيا إلى الغرب.
وهذه ليست أكثر من مجرد نقطة انطلاق للولايات المتحدة وشركائها، لأن الصين تهيمن على التعدين في زامبيا والكونغو. وتمتلك الكونغو أكثر من 70% من الكوبالت في العالم، ويتجه معظمه إلى الصين لتعزيز سلسلة إمدادات المعادن الحيوية.
وأصبح مشروع لوبيتو ممكنا بفضل بعض النجاح الدبلوماسي الأميركي في أنغولا، والذي أدى إلى فوز مجموعة شركات غربية بمناقصة المشروع في عام 2022 قبل المنافسة الصينية، وكانت تلك مفاجأة نظرا لعلاقات أنغولا القديمة والقوية مع بكين.
وكانت الصين قد مولت مشروعا سابقا لتطوير تلك السكك الحديدية.
سياسة “غير جادة”
ويقول أولئك الذين يطالبون بمزيد من الوجود الأميركي في أفريقيا إن أنغولا ولوبيتو تظهران ما يمكن تحقيقه، حتى مع البلدان التي لها علاقات قوية مع الصين، إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة باستمرار.
لكنهم يرون الفرق بالنسبة لأفريقيا عندما تعقد الصين قمة مع الزعماء الأفارقة كل 3 سنوات منذ عام 2000، في حين عقدت الولايات المتحدة قمتين فقط، في 2014 و2022، ولا توجد خطط لعقد القمة التالية.
وقالت ميشيل غافن، سفيرة الولايات المتحدة السابقة في بوتسوانا ومستشارة الرئيس السابق باراك أوباما لشؤون أفريقيا، إن الولايات المتحدة أخفقت في التعامل بشكل جاد مع أفريقيا على مدى إدارات عديدة، وهو اتجاه مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وهي لا ترى أن زيارة بايدن ومشروع لوبيتو يمثلان “نقطة انعطاف” رئيسية، وقالت إن الأمر “لا يتعلق فقط بمواجهة الصين، بل بالعمل على التواجد بطريقة أكثر جدية؟ إنه مشروع واحد. إنها فكرة جيدة. وأنا سعيدة جدا لأننا نقوم بذلك. لكنه ليس كافيا”.
المصدر : الجزيرة + أسوشيتد برس + الصحافة الأميركية