تتحدث أوساط بالجانب الإسرائيلي عن مقترح جديد لوقف الحرب في قطاع غزة، وتوحي بوجود فرصة جدية للتوصل لاتفاق يناسب تل أبيب، وذلك بعد رفض حكومة بنيامين نتنياهو العديد من المقترحات خلال أكثر من عام، واستمرارها بالعدوان والإبادة بحق الفلسطينيين، بزعم أن حماس هي الجهة المعرقلة.
وفي الوقت الذي استأنفت فيه قطر دورها كوسيط رئيسي للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، ادعى سياسيون إسرائيليون وجود اتصالات جادّة ومتقدمة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة، في إطار مقترح جديد تقدمت به مصر إلى إسرائيل وحركة حماس.
وساطة قطرية
في حين أفادت وكالة رويترز أن مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التقى رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة للتوصل إلى اتفاق في غزة.
ونقلت رويترز عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن قطر استأنفت دورها وسيطا رئيسيا في غزة ومن المتوقع عودة فريق حماس التفاوضي إلى الدوحة.
وقال وزير الخارجية القطري لقناة سكاي نيوز البريطانية إن ترامب يريد اتفاقا لوقف إطلاق النار بغزة بوصوله للسلطة، وعبر عن تفاؤله الحذر فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق، مشددا على ضرورة الضغط على كل الأطراف.
وأوضح رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري لسكاي نيوز أن مكتب حركة حماس بالدوحة أنشئ للتفاوض بطلب أميركي إسرائيلي، وأضاف أن المكتب أبرمت عبره اتفاقات لوقف النار منذ عام 2014.
وأشار في حديثه للقناة أن قطر منعت التصعيد مرارا كي لا يحدث ما انتهى إليه السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
تحديد خطوط الاتفاق
من جانبها، نسبت صحيفة لوبوان الفرنسية لمستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس قوله إن قطر تلعب دورا مهما جدا في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
وقال مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس للصحيفة إنه تم تحديد الخطوط الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينما بقيت تفاصيل بشأن بعض الأسماء وعدد المفرج عنهم.
وأضاف مستشار ترامب أنه تم وضع خريطة طريق للتنفيذ خلال شهر أو اثنين في إطار وقف إطلاق النار بغزة.
من جهته، نقل موقع أكسيوس عن أحد مستشاري ترامب أن الرئيس يريد تنفيذ صفقة وقف إطلاق النار بغزة في أقرب وقت ممكن ودون تأخير وقبل 20 يناير/كانون الثاني القادم.
مقترح مصري
في الأثناء، ادعت القناة الـ12 العبرية -الخميس- أن مصر تقدمت بمقترح جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 45-60 يوما، يشمل تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس.
وأوضحت القناة أنه لم يتم الانتهاء بعد من التفاصيل المتعلقة بهذه المسألة، ولكن يمكن فهم أن هذه صفقة تتم على مراحل، حيث تستمر مرحلتها الأولى من شهر ونصف إلى شهرين.
وأضافت أن المقترح يشمل أيضا الإفراج التدريجي عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء، بعدد أقل على ما يبدو مما أعلن سابقا، إلى جانب إطلاق سراح فلسطينيين، في مفتاح جديد يتم تحديده بين الطرفين، في إشارة إلى عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي.
ووفق القناة الإسرائيلية، يشمل المقترح أيضا فتح معبر رفح ونقل المسؤولية عنه لإدارة السلطة الفلسطينية.
كما ذكرت القناة أن المصريين يقترحون أيضا زيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير، إلى نحو350 شاحنة يوميا.
وقالت إنه فيما يتعلق بممرّي نتساريم وفيلادلفيا، تشير التقديرات إلى أن مصر ستقترح شكلا جديدا لنشر القوات، حيث أكدت مرارا معارضتها أي سيطرة عسكرية إسرائيلية على الممرّين، مما أضاف سببا لعرقلة التوصل إلى اتفاق مرة تلو الأخرى.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق عن مصر أو حماس على تقرير القناة العبرية أو أي من المزاعم الإسرائيلية حول مقترح جديد.
ومساء الثلاثاء، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الحكومة تنتظر ردا إيجابيا من القاهرة بشأن موقف حماس من المقترح المصري الخاص بصفقة تبادل أسرى، على أن ترسل فور وروده وفدها المفاوض إلى القاهرة.
ونقلت الهيئة عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه أنه إذا تحقق تقدم في المفاوضات، فعلى إسرائيل التنازل بشأن إنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى.
وأضافت المصادر ذاتها أن وفدا إسرائيليا مفاوضا سيغادر إلى القاهرة الأسبوع المقبل، لكن ذلك منوط برد حماس على الاقتراح المصري، وفق ادعائها.
اجتماع وزاري
ويعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) اجتماعا مساء اليوم لبحث مقترح صفقة التبادل.
وفي سياق متصل، نقلت هيئة البث عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، لم تسمّهم، أنه لا توجد فرصة تقريبا لإعادة المختطفين أحياء في عملية عسكرية، ويجب التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، حتى إذا تطلب تقديم تنازلات.
بدوره، أعلن وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهر أنه سيدعم الصفقة التي سيطرحها نتنياهو على الطاولة لإعادة المختطفين من غزة.
وأوضح زوهر أن لا أحد في الحكومة يوافق على إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي من أماكن معينة مثل محور فيلادلفيا.
انقسام إسرائيلي
وفي حين يبدو أن هناك انقساما سياسيا حادا متواصلا داخل إسرائيل، جدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الخميس، رفضه عقد اتفاق لتبادل أسرى ووقف كامل لإطلاق النار في غزة، واضعا ذلك ضمن خطوطه الحمراء التي لا يسمح بالقفز فوقها.
وقال زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف “خطوطي الحمراء واضحة جدا: لن أمد يد العون لإطلاق سراح ألف سنوار، ولن أمد يد العون لوقف الحرب بشكل كامل. لدي مشكلة في دعم صفقة غير شرعية” من وجهة نظره.
وسبق أن خضع نتنياهو لمعارضة بن غفير التي لعبت دورا في إحباط مقترحات عديدة لوقف إطلاق النار، بعد تلويحه مع وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة في حال عقد صفقة تنهي حرب الإبادة وتضمن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
والثلاثاء، قال سموتريتش لهيئة البث الإسرائيلية، إن الجيش سيبقى في قطاع غزة لفترة طويلة، معتبرا ذلك جزءا من أهداف الحرب لضمان الأمن.
ضغوط بعد مقتل الأسرى
وحملت حركة حماس نتنياهو المسؤولية المباشرة عن مقتل عشرات الأسرى المحتجزين بقطاع غزة على يد جيشهم، بسبب إفشاله التوصل لاتفاق ينهي الحرب، مشددة على أن ذلك يؤكد فشل نظريته بتحريرهم بالقوة.
يأتي ذلك تعليقا على نشر الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء، نتائج تحقيق بمقتل 6 من أسراه الذين استعاد جثثهم من قطاع غزة، خلال غارة نفذتها طائراته بمدينة خان يونس في فبراير/شباط الماضي، زاعما أنهم قتلوا على أيدي آسريهم.
واعتبرت حماس في بيان أن اعتراف جيش الاحتلال بمسؤوليته عن مقتل 6 من الأسرى، يؤكد صحة رواية الحركة وبطلان رواية الاحتلال وتحمّله مسؤولية التداعيات التي حدثت في حينه.
وأضافت “لا بديل عن وقف العدوان وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة وصفقة تبادل مع الأسرى الفلسطينيين”.
من جانبها كشفت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة أن الجيش الإسرائيلي اعترف لهم بأنه قتل 6 أسرى خلال غارة على نفق في خان يونس، بحسب ما نقلت عنهم القناة الـ12 الإسرائيلية.
في السياق ذاته نسبت إذاعة الجيش الإسرائيلي لعائلات الأسرى تأكيدها أن نتائج تحقيق الجيش الإسرائيلي هي دليل آخر على أن الضغط العسكري يؤدي الى مقتل المحتجزين.
وقالت حفيدة أحد الأسرى الإسرائيليين الستة إن الجيش اعتذر للعائلات عن هذا الخطأ الكبير الذي أدى إلى قتل المحتجزين.