لاشك أن السؤال عن ماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم ؟، له أهمية كبيرة ، حيث إنه يكشف أحد أسرار هذه السورة العظيمة ويتعلق بإحدى سنن النوم الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من هنا تنبع أهمية معرفة ماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم ؟، لعلها تزيد فرص الاغتنام ومن ثم الفوز.
ماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم
ورد عن مسألة ماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم ؟، أن سماع وتشغيل سورة البقرة أثناء النوم هو أمر جائز بل مستحب وسبب من أسباب طرد الشياطين ومنع الكوابيس المزعجة وزوالها.
وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على قراءة القرآن الكريم في البيوت وخاصة صورة البقرة، لأن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن كالبيت الخرب، وعلمنا النبي أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، التي تطرد الشياطين من البيت ثلاث ليالي، لذلك القرآن بركة حتى ولو يسمعه أحد من أهل البيت.
كما ورد عن فضل السورة المذكورة في الأحاديث معلق على قراءتها، كما هو ظاهر ألفاظ الأحاديث، والظاهر أن ذلك لا يتحقق على وجه كامل بمجرد سماعها من الشرائط الصوتية، وإن كان سماعها من تلك الشرائط لا يخلو من خير.
ويُستحب أن يقرأ الإنسان سورة البقرة في البيت، لما ورد من الترغيب في ذلك، فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ـ وفيه: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
وجاء في صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن سورة البقرة، ومن قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهاراً لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام.
وورد أن ظاهر هذه الأحاديث أن ذلك يكون بقراءتها مباشرة وليس بمجرد سماعها من جهاز سجلت فيه، وإن كان في سماعها من الجهاز خير وبركة، لكنه ليس هو الذي ورد فيه النص، ولم يرد فيها تحديد عدد معين لقراءتها، وإنما ورد فيها أن من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهاراً لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام.
فوائد سماع القرآن عند النوم
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحبّ سماع القرآن من غيره، فقد طلب مرّةً من عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن يقرأ عليه القرآن، فقرأ عليه من سورة النساء، حتى وصل إلى قول الله – تعالى-: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)، فإذا عيناه تذرفان، فسماع القرآن الكريم من الأمور المستحبّة، ويتدرج هذا السماع إلى ثلاث مراتب؛ أعلاها الاستماع الذي يُتبع بالإجابة والقبول، يليه الاستماع المُشتمل على حسن الفهم والتدبُر، ثمّ الاستماع المجرّد.
وأدرك السلف عظمة القرآن الكريم، فقد كانوا يرون الآيات رسائل من الله تعالى إليهم، فكانوا إذا جاء الليل أقبلوا على آياته فهماً وتدبراً، وإذا كان النهار طبّقوا ما فهموه، والتمهّل في القراءة واستحضار القلب من أكثر ما يُعين على فهم الآيات وتدبّرها، وكما أنّ القارئ للقرآن يتعبّد بقراءته، فإنّ السامع للآيات يتقرّب إلى الله بسماعه، فقد كان دأب الصالحين الاستماع لتلاوة القرّاء الذين يتميّزون بحُسن الصوت، وإتقان أحكام التجويد، فالتلاوة المُجوّدة تُعين على فهم معاني الآيات، فمن فوائد سماع القرآن الكريم:
1- نيل رحمة الله تعالى، حيث قال – تعالى-: «وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ»، فقد أوجب الله تعالى الرحمة لمن يستمع لآيات القرآن، كما أنّه يزيد الإيمان ويقوّي البصيرة، على أن يكون الاستماع مُقيداً بترك جميع المُلهيات عن التدبّر، مع الحرص على حضور القلب، ومن لم يستمع فقد فاته الكثير من الخير.
2- أخبر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن فوائد مجالس القرآن بقوله: «ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينةُ: وغَشِيَتْهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم اللهُ فيمن عندَه».
3- الاستماع إلى القرآن الكريم من أقوى أسباب الهداية للجن والإنس، فاستماع القرآن يهدي القلوب إلى السلام، ويهدي العقول إلى الرُشد؛ لاتّبعاهم أحسن الأقوال التي تُرشدهم إلى ما ينبغي اتّباعه، واجتنابهم عمّا ينبغي عليهم اجتنابه.
4- وورد عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّه قال عن فضل سماع القرآن:« لو سلمت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم»؛ فمن عاش مع القرآن الكريم تلاوةً وسماعاً فقد فاز برضى الله تعالى ورحمته، فهو فضل ينعم به الله على من يشاء من عباده.
– ويحدث التأثّر بترديد الآيات بالقلب لتدبّر معانيها، وأن يحرص القارئ على استشعار أنّه المُخاطب بكلام الله سبحانه، فإذا مرّ بآيات النعيم تلذّذ وكأنّه من أهلها، وإذا مرّ بآيات العذاب استعاذت بالله منها، وإذا مرّ بالآيات التي تصف عظمة الله تفكّر بعجيب قدرة الله تعالى.
أثر سماع القرآن
أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون نوراً للناس وضياءً، يُخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، فنزوله رحمة من الله لعباده، به يهتدون، وإليه يتحاكمون، وهو مرجعهم تلاوةً وعملاً، وقد حفظ الله -تعالى- القرآن الكريم من التبديل والتغيير، فلا مخلوق قادر على الزيادة فيه أو الإنقاص منه، وقد جعل الله -تعالى- لهذا القرآن العظيم الفضل الكبير في هداية نفوس البشر وسعادتهم.
ولسماع القرآن الكريم أثر عظيم في النفوس، ومن ذلك إصلاحها، وانشراحها، وشفاؤها من الأمراض المختلفة، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول الله – تبارك وتعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا)، ومن الأدلة التي جاءت في السنة النبوية على فضل سماع القرآن الكريم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُحبّ أن يسمع القرآن من غيره، مصداقاً لما جاء في الحديث الشريف في قول النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عنه عمرو بن مرة الجهني أنّه قال: (اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: {فَكيفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ وجِئْنَا بكَ علَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قالَ: أمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)، وعليه يمكن إجمال أهم الآثار المترتّبة على سماع القرآن الكريم فيما يأتي:
1- زيادة الإيمان: حيث يؤدي إلى تقوية الإيمان في القلب وزيادته، وهذا مما لا شكّ فيه يُعدّ من أكثر الأمور أهميةً في حياة المسلم.
2-الهداية: إن لسماع القرآن الكريم أثرٌ كبيرٌ في هداية القلوب، وقد ورد في كتب التاريخ والسيرة الكثير من المواقف التي تدلّ على ذلك، فقد رُوي أن سبب هداية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ودخوله في الإسلام اطّلاعه على سورة طه من صحيفةٍ وجدها عند أخته فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، ورُوي أيضاً أن النجاشي وأساقفته لما سمعوا قراءة جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- لسورة مريم بكوا حتى اخضلّت لحاهم، ثم قال لهم النجاشي: “إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة”، وقيل إن سبب توبة الفيضل بن عياض -رحمه الله- كان سماعه لقول الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ)، ولم يقتصر أثر سماع القرآن الكريم على الإنس فحسب، بل إن الأثر شمل الجن أيضاً، مصداقاً لقول الله – تعالى- على لسان الجن لما سمعوا القرآن : (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا).
3- الإخلاص: فمن آثار سماع القرآن الكريم تربية القلوب على الإخلاص وبعث الخشية فيها.
فضل سماع القرآن الكريم
يعد الاستماع للقرآن الكريم من الأعمال الفاضلة، فقد أمر به الله تعالى، حيث قال: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ)، وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجتمع بأصحابه -رضي الله عنهم- ويقرأ عليهم القرآن الكريم وهم يستمعون لقراءته، وإذا مرّ بسجدةٍ سجدوا معه، ورُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يأمر بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بقراءة القرآن على مسامعه، وفي أحد المواقف أمر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بقراءة القرآن الكريم، فقرأ من سورة النساء، ولما وصل إلى قوله- تعالى-: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)، قالَ: (أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)، وفيما يأتي بيان بعض فضائل الاستماع للقرآن الكريم:
1- سبب لرحمة الله: ذكر أهل العلم أن الاستماع للقرآن الكريم سببٌ للرحمة في الدنيا والآخرة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ).
2- سببٌ للهداية: بشّر الله -تعالى- الذين يستمعون للقرآن الكريم بالهداية، ووصفهم بأنهم أصحاب عقولٍ راشدةٍ وسليمةٍ، حيث قال: (فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ومما يدلّ على رجاحة عقلهم أنهم يتّبعون أحسن القول، وأحسن القول على الإطلاق هو القرآن الكريم، ثم كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.