أعرب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خلال عدة مناسبات وتصريحات علنية، عن موقف واضح يدعو لعدم انخراط الولايات المتحدة بعمق في الأحداث السورية.
وشدد ترامب على أنّه “لا ينبغي أن يكون للولايات المتحدة أي صلة بالصراع في سوريا”، مؤكداً أنّ المصالح الأمريكية لا تتطلب البقاء الميداني طويل الأمد أو الانخراط المباشر في أحداث العنف الدائر هناك.
وتعود جذور هذا الموقف إلى فترة رئاسته (2017-2021)، حيث أبدى ترامب منذ حملته الانتخابية، وفي السنوات الأولى من رئاسته، رغبة في تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، والتركيز على ما كان يسميه “أمريكا أولاً”.
وارتبطت هذه الرؤية بمساعيه لإعادة تقييم الانخراط الأمريكي في أزمات الشرق الأوسط، ومنها الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011، وتصاعدت لتشمل تدخلات إقليمية ودولية معقّدة.
ويرى ترامب أنّ تكاليف التدخل العسكري الأمريكي في سوريا—سواء من حيث الأرواح أو النفقات المالية—لا تصب بالضرورة في مصلحة الولايات المتحدة.
ورغم أنّ واشنطن دعمت، خلال عهده، التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، إلّا أنّ ترامب طالب مراراً بانسحاب القوات الأمريكية بعد هزيمة التنظيم عسكرياً إلى حد كبير، مفضّلاً ترك المهام الأمنية المتبقية للقوى الإقليمية والمحلية.
وأكّد ترامب ضرورة تجنب الانزلاق في أزمات الداخل السوري المعقدة، وترك مسؤولية ضمان الاستقرار للأطراف المحلية والإقليمية المعنية.
وأثار موقف ترامب من سوريا جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة وفي أوساط حلفائها. فقد انتقد بعض السياسيين والخبراء الاستراتيجيين انسحاب أو تقليص التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، معتبرين أنّه يترك فراغاً قد تستغله قوى دولية وإقليمية مثل روسيا وإيران. كما رأى آخرون أنّ التخلي عن حلفاء محليين—مثل قوات سوريا الديمقراطية—من شأنه أن يضر بمصداقية واشنطن على الصعيد الدولي.
من ناحية أخرى، أيّد بعض المواطنين الأمريكيين وشخصيات سياسية نهج ترامب المنادي بالانسحاب، بحجّة أنّ الوقت قد حان لإنهاء التورط في نزاعات بعيدة، والتركيز على إعادة البناء الداخلي ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الساحة الداخلية.
ويشكل موقف دونالد ترامب من الصراع في سوريا جزءاً من رؤيته الأوسع لتقليص الدور العسكري الأمريكي في المنطقة، والحدّ من “الحروب التي لا تنتهي”. ورغم الانتقادات التي واجهها هذا الموقف، فإنه يعكس توجهاً في السياسة الأمريكية نحو التركيز على المصالح المباشرة والداخلية، ويطرح تساؤلات مستمرة حول دور واشنطن المستقبلي في أزمات الشرق الأوسط.