لاشك أن ما يطرح السؤال عن هل قيام الليل يكون كل يوم ؟ هو فضله العظيم ووصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باغتنام نفحاته وبركاته، والحرص عليه، ومن ثم يسأل أولئك الحريصون على اتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هل قيام الليل يكون كل يوم ؟ ، حيث إن قيام الليل يعد من أعظمِ الطّاعات عند الله سبحانه وتعالى، كما أن قيام الليل أيضًا سرٌ من أسرار الطُمأنينة والرِّضا في قلب الإنسانِ المؤمن؛ فهذا يطرح السؤال عن هل قيام الليل يكون كل يوم ؟، ولايزال هناك الكثير عن فضل قيام الليل يجعل من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحرص عليه واغتنام فضل قيام الليل كنز عظيم لا يفوته لبيب ويشير إلى الإجابة عن هل قيام الليل يكون كل يوم ؟.
هل قيام الليل يكون كل يوم
ورد في مسألة هل قيام الليل يكون كل يوم ؟، أنه يُتاجر الصالحون المؤمنون بما يربو لهم عند ربّهم من الأعمال الصالحة؛ فينامون من الليل قليلاً، ويقومون باقي الليل؛ يناجون ربّهم، ويأنسون به في ظلمات الليل حين يسكن الناس؛ فيُورثهم -سبحانه وتعالى- رضاه، وحُبّه، ويُنوّر وجوههم، وبصيرتهم، ويرزقهم الإخلاص، والفِراسة.
و جاء أنّ قيام الليل من الأعمال التي يُمتحَن بها إخلاص العبد؛ فلا منافق يقوم الليل، وهذا العمل هو أحد الأعمال التي تميّزت بها الأمّة الإسلاميّة، وتربّى عليها جيل الصحابة الأُوَل؛ فقد فُرِض عليهم قيام الليل بداية الدعوة مدّة سنة كاملة، وعلى الرغم من أنّ الله -تعالى- رفع عنهم وجوبه، إلّا أنّهم استمرّوا يقومونه، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُحذّر من تَركه؛ فقال مُوصِياً عَمْراً بن العاص -رضي الله عنه-: ( يَا عَبْدَ اللهِ، لا تَكُنْ بمِثْلِ فُلَانٍ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ).
و قد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خير قُدوة في تعبُّده لله -تعالى- بقيام الليل؛ فقد كان يقومه حتى تتورّم قدماه، فقالت له عائشة -رضي الله عنها-: (لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).
وقت قيام الليل
يبدأ وقت قيام الليل بعدَ انتهاء صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثّاني، وعن متى يبدأ وينتهي وقت قيام الليل فإنه يفضل أن يكونَ وقت صلاة قيام الليل في الثّلث الأخير من اللّيل كما جاء في الحديث الصّحيح إذ يقول النّبي عليه الصّلاة والسّلام: «أحَبُّ الصّلاة إلى الله صلاة داود عليه السّلام، وأحَبُّ الصّيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف اللّيل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا ويُفطر يومًا»، ففي متى يبدأ وينتهي وقت قيام الليل أو متى وقت صلاة قيام الليل يعني ذلك أنّه كان يصلّي السُدس الرّابع والسُدس الخامس، وإذا قام ففي الثّلث الأخير لما في ذلك فضل عظيم؛ لأنّ الله تعالى يَنزل إلى السّماء الدّنيا في هذا الجزء من اللّيل، إلا أنّها تجوز في أول الليل ووسطه وآخره أيضًا، كلّ ذلك كما فعل رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، فعن أنس بن مالك قال: «ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل مصليًا إلا رأيناه، ولا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه».
فضل قيام الليل كل يوم
ورد فيها أنه يُعَدّ قيام الليل من أجلّ العبادات، وأزكاها؛ لِما فيه من إخلاصٍ، وخشيةٍ لا تضاهيه فيها أيّ عبادةٍ أخرى، وعلى المسلم المُحِبّ لربّه، والذي يسعى إلى نَيْل رضاه.
ورد فيها أن المحافظة على قيام الليل لها معجزات عظيمة، منها ما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، من الفضائل الخمس، فقال: “عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد”.
ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ “.
فضل قيام الليل
ورد أنه عدّد العُلماءُ فضل قيام الليل ، في بضعة أمورٍ حثّت على قيام الليل وجعلت له أفضليّةً خاصّة، ومن فضل قيام الليل ، أن :
- عناية النبيّ – عليه الصّلاة والسّلام – بقيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهادًا عظيمًا.
- وفي فضل قيام الليل أنه من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.
- من فضل قيام الليل أنه من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.
- وكذلك من فضل قيام الليل أن المحافظينَ عليه مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته.
- مدح الله أهل قيام اللّيل .
- جاء في فضل قيام الليل أنه عدَّ الله تعالى أهله في جملة عباده الأبرار.
- ومن فضل قيام الليل أنه مُكفِّرٌ للسّيئاتِ.
- ومن فضل قيام الليل أنه منهاةٌ للآثام.
- قيامُ اللّيل أفضل الصَّلاة بعد الفريضة.
- من فضل قيام الليل أنه شرفُ المؤمن قيام اللّيل.
- من فضل قيام الليل أنه يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه.
- فضل قيام الليل أنه خير من الدّنيا وما فيها.
عدد ركعات قيام الليل
ورد أنه لا يوجد عدد معين لصلاة قيام الليل ، فتجوز بالركعات الكثيرة والركعات القليلة، والأفضل هو ما ثبت عن الرسول – عليه الصلاة والسلام- حيثُ لم يكن يزيد في عدد ركعات قيام الليل عن إحدى عشرَة ركعة.
ورد أنه ليسَ لصلاةِ قيام الليل عددٌ مخصوصٌ من الرَّكعات؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: « صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة، فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين»، وعن عدد ركعات صلاة قيام الليل فالأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة؛ أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا فعل النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلِّم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة».
و قد اختلف الفُقَهاء في الأكثر من عدد ركعات قيام الليل ، فقال الحَنَفيّة: أكثرُها ثماني ركعات، وقال المالكيّة: أكثرُها اثنتا عشرة ركعة، وقال الشَّافعيَة: لا حصرَ لعدد رَكَعاتها، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّلاَةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرْ».
أحاديث عن فضل قيام الليل
ورد أنه رغّب الله -تعالى- المؤمنين في قيام الليل ، وجعلَ له فضلاً كبيراً، قال الله -تعالى-: «وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحموداً».
و وردت في فضل قيام الليل أحاديث كثيرة، منها ، ما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وقال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ لِلَّهِ قَائِماً وَالنَّاسُ نِيَامٌ»، والغُرفة؛ هي العِلِّيَّة، والجمع غُرُفات، وهو البيْت العالي.
و قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «مَن قامَ بعَشرِ آياتٍ لم يُكتَبْ مِن الغافِلينَ، ومَن قامَ بمئةِ آيةٍ كُتِبَ مِن القانِتينَ، ومَن قامَ بألْفِ آيةٍ كُتِبَ مِن المُقَنطِرينَ»، ومعنى المُقنطرين؛ أيّ “أعُطي قنطارا من الأجر”.