10/12/2024–|آخر تحديث: 10/12/202410:39 م (بتوقيت مكة المكرمة)
جاء أنس إدريس مسرعا من لبنان إلى سوريا ليحتفل بسقوط نظام بشار الأسد واتخذ كل الترتيبات اللازمة حتى تلحق به أسرته، وكان على قائمة أولوياته زيارة عزيزة على قلبه.
فقد ذهب إلى سوق الحميدية الكبير في البلدة القديمة بالعاصمة السورية دمشق، حتى وصل إلى متجر بكداش وهو من أشهر متاجر البوظة (الآيس كريم)، وطلب مغرفة كبيرة ممزوجة بعلقة المستكة.
لم يذق إدريس طعم آيس كريم بكداش منذ أن أصبح لاجئا بسبب الحرب الأهلية السورية.
وقال إدريس “أنا إيلي 15 سنة مش دايق… مش آكل هاي البوظة، أنا جاي لآكل هاي البوظة… 15 سنة وبلبنان عايش، 15 سنة وعندي كبت بالدخول والخروج، 15 سنة ما آجي، 15 سنة ما شفت هاي البلد، ما شفت أهلي، هلأ ما روحت ع أهلي، جيت أشوف الشام، أشوف العالم كيف فرحانة بها النصر هذا”.
ومضى يتحدث عن طعم البوظة “طعمتها طيبة قبل، بس هلأ (الآن) طعمتها غير (مختلف)، نحن مرتاحين من جوه (من داخلنا)… أما تكون مرتاح، شو ما تاكل (أي شيء تأكله) هتلاقي له طعم غير، صدقني شعور لا يوصف… شايف البلد، أنت شايف الشعب قدامك يعني الشعب مبسوط والله الحجارة عم تضحك، الأحجار بسوريا عم تضحك والطرقات عم تضحك، صدقني”.
ومنذ أكثر من 100 عام، وعبر حروب كثيرة، ظل متجر بكداش يقدم الآيس كريم على الطريقة العربية ممزوجا بالسحلب، وهو مسحوق مصنوع من جذور نباتات الأوركيدا، ويتم دقه يدويا بمطارق طولها متر حتى يكتسب ملمسا ناعما ومرنا.
ويبلغ سعر المغرفة الكبيرة المرصعة بالفستق من هذا الآيس كريم دولارا واحدا فقط.
ويحظى بكداش بشعبية كبيرة في جميع أنحاء سوريا، لكن سوريين كثيرين لم يتمكنوا من زيارة عاصمتهم منذ أن قمع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، مما أشعل حربا أهلية استمرت 13 عاما.
وفي أعقاب الإطاحة بالأسد بعد تقدم خاطف لقوات المعارضة، تدفق عشرات الآلاف من السوريين على دمشق من مختلف أنحاء البلاد ومن خارج الحدود.
وتجمع مئات في بكداش أمس الاثنين، وكان كثيرون منهم من المقاتلين الذين عادوا للتو من ساحة المعركة، وكانوا يحملون البنادق على ظهورهم وهم يلتهمون الآيس كريم.
وقال أحمد أصلان، وهو مقاتل يبلغ من العمر 22 عاما يرتدي زيا عسكريا مموها إنه لم ير دمشق منذ أكثر من عقد وإن الاستمتاع بالآيس كريم من مميزات الحرية الجديدة.
ومضى يقول “الحمد لله وصلنا إلى الهدف وخدنا حريتنا، هلأ فينا (بمقدورنا الآن) نروح (نتجول في) سوريا كلها بالسيارة الخاصة وأملنا ولادنا وأملنا أهلنا”.
و”الوضع إللي صار أحسن من الأول بكتير. كنا الأول متجمعين بنقطة صغيرة هلأ صار عنا نقطة كبيرة”.
وقال سمير بكداش، المشارك في ملكية المتجر إن إعادة افتتاح المتجر في اليوم التالي لسقوط الأسد كانت طريقته لإظهار سعادته بنهاية حكومة اضطهدت السوريين لعقود وأجبرته على دفع رشاوى لمجرد أن يبقي المتجر مفتوحا.
وأصر على أن الوصفة المميزة للآيس كريم لم تتغير منذ أن توصل إليها جده الأكبر في تسعينيات القرن التاسع عشر.
لكنْ حتى العملاء الدائمون قالوا إن هناك شيئا جديدا.
وقالت إيمان غزال، وهي طالبة إدارة أعمال في العشرينيات من عمرها وتأتي إلى بكداش منذ أن كانت طفلة “هي طعمة، طيبة وزادت طعامتها، مو بس البوظة، الحياة كلها… يعني الحيطان عم تضحك، الشمس طلعت، يعني الحمد لله الحمد لله”.
وأضافت “هو صار لنا يومين، بس العالم مبسوطة، بالداخل رجعت الضحكة لسوريا… رجعت الضحكة، رجع الشعب ايد واحدة… مافي إني خايف أحكي، وخايف أعمل… لا لا… قبل كنت بتخاف تحكي أي كلمة… باحب أقول لكل السوريين بالذات: نرجع إيد واحدة ونعمر بلدنا مع بعضنا وما يصير ان كل واحد يحكي على التاني، أو طوائف، لا كلنا سوا وكلنا إيد واحدة والحمد لله على تحرير سوريا”.