حذرت الاستخبارات العسكرية الهولندية وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) من خطة أوكرانية لتفجير خطي أنابيب غاز نورد ستريم قبل 3 أشهر من تسبب انفجارات بأضرار في الشبكة المقامة بالبحر.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن تقارير إخبارية أن وكالة الاستخبارات الأميركية حضت كييف حينذاك على عدم المضي قدما بالعملية، وفق ما ذكرت هيئة البث الهولندية العامة “إن أو إس” (NOS) بالتعاون مع هيئة البث الألمانية “إيه آر دي” (ARD) ومجلة “دي تسايت” الأسبوعية.
وحذرت “سي آي إيه” أوكرانيا “بعدما تلقت تقريرا مقلقا من أجهزة الاستخبارات العسكرية الهولندية التي علمت بالخطة من مصدر أوكراني”، بحسب “إن أو إس”.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) الأسبوع الماضي أن وكالة استخبارات أوروبية أبلغت “سي آي إيه” بالخطة الأوكرانية من قبل، لكنها لم تحدد الدولة المسؤولية.
ورفضت وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولونغرين التعليق لدى سؤالها عن التقارير، وقالت للصحفيين في مؤتمر صحفي بأمستردام “لا يمكنني التعليق على عمل أجهزة استخباراتنا”، مضيفة أن الحادثة تخضع لتحقيقات من قبل ألمانيا والسويد والدانمارك.
تفجيرات واتهامات
في 26 سبتمبر/أيلول الماضي هزت انفجارات خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 المصممين لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا، وكانت هولندا من الدول التي تملك حصة في نورد ستريم إلى جانب روسيا وفرنسا وألمانيا.
ووقعت الانفجارات في منطقتين اقتصاديتين تابعتين للسويد والدانمارك، ويقول البلدان إن التفجيرات كانت متعمدة، وإنهما وألمانيا يحققون في الحادث، لكنهما لم يحددا المسؤولين عنها بعد.
ووجهت اتهامات إلى دول عدة، بينها روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، لكن جميعها نفت أي مسؤولية لها عن العملية، ونفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجددا أي علاقة لكييف بها.
وذكرت “إن أو إس” أن الخطة التي يشتبه بأن الاستخبارات الهولندية اكتشفتها كانت بإشراف القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوجني ويشارك فيها فريق صغير من الغواصين باستخدام قارب شراعي، لكن من دون علم زيلينسكي.
وأفادت بأنه إلى جانب وسائل الإعلام الألمانية تحدثت “إن أو إس” مع مصادر استخباراتية دولية عدة كانت على علم بأن أجهزة الاستخبارات العسكرية الهولندية اطلعت على الخطة.
وبحسب ما ذكرته “واشنطن بوست”، فإن الوثائق التي سربها خبير متخصص بالحواسيب يتولى وظيفة دنيا في الحرس الجوي الوطني أشارت إلى أن جهاز استخبارات أوروبيا أبلغ “سي آي إيه” بالخطة في يونيو/حزيران 2022.
تورط بولندا
في الأثناء، ينظر محققون ألمان في أدلة تفيد بأن بولندا استُخدمت قاعدة لإتمام العملية، بحسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) السبت الماضي.
وقالت الصحيفة -في تقرير مطول لها- إن المحققين الألمان يفحصون أدلة تشير إلى أن الأراضي البولندية قد تكون استُخدمت قاعدة عمليات لتفجير خطي “نورد ستريم 1 و2”.
وأضافت أن المحققين في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية وضعوا تصورا كاملا لرحلة استغرقت أسبوعين لليخت “أندروميدا”، وهو يخت أبيض اللون طوله 15 مترا يشتبه بتورطه في عملية تفجير الأنبوبين تحت الماء في المنطقتين الاقتصاديتين لكل من الدانمارك والسويد.
ويسعى المحققون إلى كشف سبب إبحار اليخت المشتبه فيه في المياه البولندية، ويشتبهون في أن طاقما من 6 أشخاص أبحر في بحر البلطيق وقام بزرع المتفجرات التي ألحقت أضرارا كبيرة بخطي نورد ستريم.
وحسب تقرير “وول ستريت جورنال”، فإن اليخت -الذي احتجزته السلطات الألمانية بعد العملية- انحرف عن وجهته في المياه البولندية وأبحر حول كل المواقع التي شهدت انفجارات تحت الماء في سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك بالاستناد إلى بيانات مختلفة تشمل بيانات الهواتف المحمولة والأقمار الصناعية وحسابات جيميل، بالإضافة إلى “عينات حمض نووي كانت على متنه، والتي حاولت ألمانيا مطابقتها مع الحمض النووي لجندي أوكراني واحد على الأقل”.
وذكرت الصحيفة أن المحققين حددوا بعض المتفجرات التي استخدمت في الهجوم، وبينها “إتش إم إكس” (HMX) التي تعد ملائمة لتفجير أهداف تحت الماء.
احتجاج روسي
وفي مايو/أيار الماضي استدعت وزارة الخارجية الروسية سفراء ألمانيا والسويد والدانمارك، للاحتجاج على ما وصفته بأنه “عدم التوصل إلى أي نتائج” في التحقيق الخاص بالانفجارات.
واتهمت موسكو الدول الثلاث بتعمد التلكؤ في التحقيق ومحاولة إخفاء من يقف وراء التفجيرات، وقالت إنها غير راضية عما وصفتها بالطبيعة الغامضة للتحقيق ورفضه التعامل مع روسيا.
وكان الصحفي الأميركي سيمور هيرش اتهم وسائل الإعلام والسلطات الأميركية البارزة بالتكتم على قصة تورط واشنطن في عملية التفجير، ونشر في الثامن من فبراير/شباط الماضي مقالا عن تحقيقه في انفجارات في أنابيب الغاز، حيث ذكر أنه خلال مناورات للناتو في صيف عام 2022 قام غواصون أميركيون بزرع متفجرات تحت أنابيب الغاز، وعقب ذلك قام النرويجيون بتفعيلها بعد 3 أشهر.
وبعد نشر التحقيق طلبت روسيا توضيحا من الولايات المتحدة بشأن الحادثة، لكن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قالت حينها إن الولايات المتحدة لا علاقة لها بهذه التفجيرات.
ووصفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون تحقيق هيرش بأنه “من نسج الخيال”، فيما اعتبرت المفوضية الأوروبية ما توصل إليه التحقيق مجرد تكهنات.