لا يختلف أحد على الدور المصري الساعي لإنهاء الأزمة في السودان منذ تطورات الأحداث الأخيرة في 15 أبريل الماضي وما قبلها؛ حيث تعمل القاهرة مع الوسطاء سواء العرب أو الإقليميين والدوليين لوضع حد لما يحدث في السودان من جهة كونه بلدًا عربيًّا شقيقًا ومن جهة أخرى لأنه يمثل امتدادًا للعمق المصري والأمن القومي المصري.
مصر تترأس مؤتمر دعم الاستجابة
كانت مصر من أولى الدول التي طرحت مبادرة لإنهاء الأزمة في السودان وتحركت من خلال عدة خطوات كان أولها مع اندلاع شرارة الازمة حيث دعت الي اجتماع طارئ في جامعة الدول العربي.
ومن جانب آخر، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مساء أمس الثلاثاء، أن مصر تترأس يوم 19 يونيو مؤتمر دعم الاستجابة الإنسانية للسودان، بشكل مشترك مع قطر والسعودية وألمانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومفوضية شئون اللاجئين.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، الثلاثاء، أن المملكة سترأس بشكل مشترك مؤتمرًا رفيع المستوى الإعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة، وذلك يوم 1 ذو الحجة 1444هـ، الموافق 19 يونيو 2023م.
وبحسب ما نشرته وسائل إعلام سعودية، تشترك المملكة في رئاسة هذا المؤتمر مع مصر وقطر وألمانيا ومنظمة الأمم المتحدة، ممثلة بمكتب تنسيق الشؤون الانسانية اوتشا، والاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لشئون اللاجئين.
وجددت الوزارة تأكيد المملكة وقوفها إلى جانب الشعب السوداني الشقيق، ومن ذلك ما وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة (100) مليون دولار أمريكي، وتنظيم حملة شعبية لتخفيف المعاناة التي يمر بها الشعب السوداني، إضافة إلى عمليات الإجلاء لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة ومنسوبي المنظمات الدولية من جمهورية السودان.
وأعربت الخارجية السعودية عن استمرار المملكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في تيسير وتقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع في محادثات مدينة جدة، بهدف تخفيف المعاناة عن الإنسان السوداني وإنهاء الأزمة عبر الحوار السياسي.
سبب ترأس مصر المؤتمر
وفي هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الأسبق، إن تطورات الأوضاع في السودان لا شك تحظى باهتمام بالغ من جانب الدولة المصرية لان أمن واستقرار السودان هو أمن واستقرار لمصر.
وأوضح حليمة ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن الأمن القومي المصري والسوداني هما وجهان لعملة واحدة، لذلك الدور المصري فيما يتعلق بالسودان هو دور شديد الأهمية خاصة وأن الأمن في كلا البلدين ينعكس على الامن القومي في المنطقة سواء في اطاره العربي او في الإطار الإفريقي وخاصة في منطقة القرن الافريقي والبحر الأحمر.
وتابع: الدور المصري في هذا الصدد هو مع خيارات الشعب السوداني معقبا: ما يختاره الشعب السوداني الدولة المصرية تأييده وتدعمه، فلذلك كان هناك دور مصري للتواصل الي توافق وطني بين مكونات الشعب السوداني بكامله.
وواصل: فالدور المصري في هذا الإطار يدعو دائما الي ضرورة عدم التدخل في الشأن الداخلي والحفاظ على وحده وسلامه الأراضي السودانية، وضرورة التوصل الي حوار يفضي بأن يكون أساسه شمولية المكون المدني في العملية السياسية وشمولية المنظمات التي تضم الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بجانب جامعة الدول العربية.
ولفت: بجانب شمولية الدول التي تتكون من الولايات المتحدة والسعودية والامارات وبريطانيا لدور الجوار والتي تضم مصر.
وأكد أن مصر هي من تتحمل نتيجة اللجوء اليها العبء الأمني والعبء المادي فيما يتعلق للوافدين من السودان لان هناك ترتيبات فيما يتعلق بالإقامة والمعيشة والغذاء والكساء والتعليم لان مصر تعامل السودانيين معاملة المصريين فيوجد حوالي 5 مليون مواطن سوداني بأجمالي العدد مع الأجانب الي 9 مليون.
وأضاف أن من هنا تتركز الدعوة الي وجود عقد مؤتمر الأوضاع الإنسانية وتترأسه مصر لأنها استقبلت العدد الأكبر ما يقرب 250 ألف حتى الان والعدد في الزيادة مستمر لدعم الأوضاع الأمنية في السودان.
اهتمام متواصل من الرئيس
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن الوضع في السودان يستقر، وإنه شديد الحرص على عدم التدخل في شؤون الدول لأن ذلك يؤثر بشكل سلبي على الدول واتضح ذلك في دور مصر تجاه موقفي ليبيا والسودان.
وأكد خلال زيارته التفقدية للأكاديمية العسكرية المصرية، أنه حريص على توقف القتال في السودان ووضع الحلول من خلال الحوار والتفاوض بين الأشقاء في السودان.
وتابع السيسي أن لدينا 9 ملايين ضيف على أرض مصر، متمنيا أن تكون مصر أمنا وأمانا لأبنائها والمصريين ولمن يلجأ إلينا.
وقال عبد الفتاح السيسي إن لدينا في مصر حتى الآن 200 ألف سوداني منذ الأزمة، وهذا يؤكد أهمية الاستقرار وإعادة الأمن والأمان لبلاد الجوار لمصر ولهم.
والجدير بالذكر، منذ اندلاع الأزمة السودانية في 15 إبريل سخرت مصر كافة مؤسساتها المعنية لاحتواء الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني ، في إطار السياسة الخارجية المصرية وثوابها ، المتمثلة في استقرار ووحدة السودان وعدم التدخل فى شئونه الداخلية ، وسلامة شعبه الشقيق ، وتقديم كل المساعدات الممكنة له.
وهذا للحفاظ علي الأمن القومي المصري بدءا من حرص السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتأكيده علي نزع فتيل الأزمة واتصالاته مع كافة الأطراف السودانية، الأفريقية، العربية والدولية ، وكذلك تحركات وزارتا الخارجية والهجرة بالتنسيق مع المؤسسات الأخرى ، لمعالجة الأزمة وتبعاتها علي الجالية المصرية في السودان.
وتؤكد مصر مرارا وتكرارا حرصها على وحدة السودان وأمنه وسلامة أراضيه واستقرار شعبه، وأهمية التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة للنزاع في أسرع وقت، وتؤكد رفضها للتدخل الخارجي في الشأن الداخلي السوداني، ومثالا على ذلك أجراء الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة اتصالات بنظرائه في أفريقيا واستمرار متابعة تطورات الأوضاع في السودان.