يعتقد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسن هنية -في حديثه لبرنامج “موازين”- أن نقطة الضعف لدى التيار السلفي هي القضايا السياسية، موضحا أنه عندما دخل السلفيون معترك العمل السياسي ظهرت بينهم انشقاقات وتيارات متناقضة، تيار يكفر الحاكم ويصل إلى حدود حركات جهادية مثل تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وتيار وسط، وآخر دعوي، مؤكدا أن السلفية تتأثر بالسياقات على الصعيد السياسي.
وركزت حلقة (2023/6/14) من برنامج “موازين” على السلفية، والانقسامات التي وقعت بداخل هذا التيار، والانتقادات التي وجهت لها في أعقاب فترة الربيع العربي، وتقييم تجربتها خلال تلك الفترة.
وفي المقابل، يرى الرئيس السابق لحزب النور السلفي في مصر عماد عبد الغفور أن هناك جماعات سلفية كثيرة كانت تتجنب الدخول في غمار العمل السياسي من باب الحفاظ على مسيرتها الدعوية وعملها الاجتماعي، فمثلا “جماعة التبليغ والدعوة” تعتبر الكلام في السياسة من المحظورات، والأمر الثاني أن بعض المشايخ يرون أن الديمقراطية هي مذهب فكري وديني يتنافى مع الإسلام كليا وجزئيا.
ويقول عبد الغفور إنه عند تأسيس الاتجاه السلفي في الإسكندرية في أواخر 1977 كان التركيز على تلقي العلم الشرعي من كبار المشايخ، وعدم الدخول في غمار العمل السياسي كفعل مرحلي، مضيفا أن حزب النور السلفي دخل العمل السياسي خلال الربيع العربي وفق رؤية واضحة، وكان على تنسيق مع كافة الاتجاهات الإسلامية سواء حزب العدالة والتنمية أو حزب البناء والتنمية، لكن الأوضاع لم تكن في صالح الاتجاه السلفي، فحصل الانشقاق الذي أثّر سلبا على العمل السياسي للسلفيين.
وعن ما إذا كانت الأنظمة العربية قد استخدمت التيار السلفي لوأد مشاريع التغيير خلال ثورات الربيع العربي، يؤكد الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس ستيفان لاكروا أن السلفية الجهادية لم يكن لها دور في المظاهرات التي اندلعت في دول عربية وخاصة مصر وتونس، لأن مشروع الجهاديين كان يركز على التغيير العنيف والمسلح، وهو عكس ما كان يريده المتظاهرون.
ويشير لاكروا -في مداخلته ضمن برنامج “موازين”- إلى أن الجهاديين كانوا مرتبكين في بداية الربيع العربي، إذ رفض بعضهم الانضمام لمسار الثورات لقناعتهم بأن الديمقراطية كفر، لكن قلة منهم التحقت بالمسار مثل السلفية الثورية في مصر.
وفي سوريا كان الأمر مختلفا -كما يقول المتحدث نفسه- فبسبب تحوّل الثورة السورية من سلمية إلى مسلحة، لعب الجهاديون أدورا، واستغلهم النظام السوري الذي قام عام 2011 مع اندلاع الأحداث بإطلاق سراح بعض القيادات الجهادية من السجون ليصبح الكثير منهم لاحقا من القيادات.
صراع السلفية والإخوان
ومن وجهة نظر الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، فقد كان التيار السلفي السائد قبل الربيع العربي في منافسة وصراع مع جماعة الإخوان المسلمين على أساس فكري وعقائدي وتنظيمي وأحيانا شخصي، واستمر هذا الصراع بعد الربيع العربي، وخاصة في مصر، حيث كان هناك تنافس شديد بين حزب النور الذي أنشأه تيار الدعوة السلفية وبين جماعة الإخوان المسلمين، بدليل أن حزب النور تحالف مع حركات أخرى بعضها علماني، مما أدى إلى إسقاط نظام الرئيس الراحل محمد مرسي.
لكن الرئيس السابق لحزب النور السلفي عماد عبد الغفور أكد أن الاتجاه السلفي في مصر لم ينافس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2012، وحزب النور كان يؤيد عبد المنعم أبو الفتوح، وفي المرحلة الثانية دعم ترشيح محمد مرسي.
ويقر المتحدث نفسه بحصول تراجع في دور التيار السلفي بعد الربيع العربي، ولكن ليس بسبب عزوف الشعب عنه، بل نتيجة الضغوط السياسية التي تمارس على جميع التيارات الإسلامية والتيارات المجتمعية، معربا عن اعتقاده بأن هذا التيار لا يزال موجودا في الساحة المصرية، والدليل على ذلك الحجاب والنقاب والتردد على المساجد وحفظ القرآن، كما يضيف عبد الغفور.
وعبر الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسن هنية عن قناعته بأن السلفية ستبقى ممتدة في الساحة حتى لو تم التضييق عليها وإقصاؤها، لأنها حركة تعمل من خلال نظام الشبكة الاجتماعية.