15/6/2023–|آخر تحديث: 15/6/202311:27 AM (بتوقيت مكة المكرمة)
منذ منتصف أبريل/نيسان وبدء حربه مع الجيش السوداني، لم يسجل لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيس قوات الدعم السريع -الذي يقدم نفسه على أنه المدافع عن “المهمشين” ضد النخب العسكرية والسياسية التي حكمت السودان منذ استقلاله- حضورا يذكر على الساحة، عدا عدد قليل من المقابلات الهاتفية اللاذعة على بعض التلفزيونات العربية، وظهور قصير على رأس قافلة، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية، في تقرير بقلم مراسلها بالسودان إليوت براشيه، إن الشائعات تتكاثر حول إصابة محتملة أثناء القصف للواء حميدتي الذي جعل الجيش النظامي القبض عليه حيا أو ميتا هدفه الأول، مؤكدة أن آخر علامة على حياته كانت رسالة عبر “واتساب” أرسلها في نهاية شهر مايو/أيار يحث فيها جنوده على مواصلة القتال “حتى النصر أو الاستشهاد”.
ومع أن “حميدتي” غير مرئي في ساحة المعركة -حسب الكاتب- فإن دعايته تنتشر في جميع أنحاء العالم منذ سنوات، وقد انخرطت قواته منذ بداية الحرب في عملية علاقات عامة، طاف خلالها مستشارها السياسي يوسف عزت بعواصم أفريقية عدة، قبل أن يبحر إلى باريس حيث استقبلته في وزارة الخارجية، ثم إلى لندن وبرلين في مهمة هدفها تبييض صورة اللواء وتقديمه كزعيم محترم، وعلى أنه الضامن الوحيد لإعادة حكومة مدنية في السودان، والدرع الحصينة ضد “الإسلاموية” والهجرة غير الشرعية.
اعتقال واغتصاب
وأشار الكاتب إلى أن الهدن المتعددة التي حققتها الوساطة الدولية لم تساعد في توزيع المساعدات الإنسانية، بل سخرتها قوات الدعم السريع لتعزيز قواعدها في الخرطوم، إذ أُجبر خلال شهرين فقط أكثر من 700 ألف شخص على النزوح خارج العاصمة، في وقت تتزايد فيه قصص الانتهاكات والاعتقالات والاغتصاب التي تدين قوات الدعم السريع، وفقا لعشرات الشهادات التي جمعتها صحيفة لوموند.
وتقول خلود خير المؤسسة لمركز الأبحاث “مستشار ملتقى النهرين” (Confluence Advisory) إن “قوات حميدتي تدمر الخرطوم القديمة والأحياء الثرية التي تسكنها النخبة والعائلات الكبيرة والبرجوازية”، ويشهد على ذلك ما ينشره العديد من المراهقين الذين يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع على الشبكات الاجتماعية من مقاطع فيديو لجنود بأيديهم السلاح وهم يتباهون بمسروقاتهم ويستعرضون أثاث المنازل التي يشغلونها.
أمير حرب
ومع أن ضباط الجيش النظامي يعيبون على حميدتي افتقاره إلى التدريب العسكري ولهجته وضعف إجادته للغة العربية، فهو يقدم نفسه على أنه القائد السوداني الوحيد القادم من خارج المؤسسة العسكرية، ويظهر في خطاباته كمدافع عن “المهمشين” ضد “الجلابة”، تلك العشائر المرتبطة بالنخب العسكرية والسياسية التي حكمت البلاد منذ استقلالها.
ولقي خطاب حميدتي الانتقامي -حسب الكاتب- صدى في المناطق المهمشة من السودان، ساعده على تحصيل ولاءات قبلية في معقله بدارفور حيث يقدم نفسه على أنه “ابن الصحراء” الراسخ في الهوية العربية البدوية، كما أن لقب “أمير حرب” الذي يطلق عليه بعض رجاله تجاوز حدود السودان، ومكّنه من حشد المقاتلين من منطقة الساحل في تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وخلص الكاتب إلى أن “حميدتي” وإن تمكن خلال سعيه للسلطة من إظهار عدة وجوه، خاصة في الخرطوم والصالونات الدبلوماسية حيث أظهر نفسه نصيرا للديمقراطية ضد إسلاميي نظام البشير -حسب الكاتب- فإنه لم يستطع إخفاء ماضي مليشياته الدموي، إذ تقول الباحثة المستقلة سلمى الأبيض إن “الرياح تجري ضده، لأن قواته لا يُنظر إليها بصفتها مدافعة عن المهمشين، بل على أنها قوة قمعية ومدمرة، خدمت نظام البشير بإخلاص وتريد الآن الاستيلاء على السلطة”.
وختم المراسل تقريره بالقول إن حميدتي ينظر إليه اليوم كزعيم تمرد إجرامي وأمير حرب في دارفور، كما أنه إنما يقاتل من أجل بقائه وبقاء عشيرته، حتى لو كان ذلك يعني تدمير الوطن برمته، على حد تعبير المراسل.