16/6/2023–|آخر تحديث: 16/6/202304:11 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
طالت حملة التحقيقات بتهمة التآمر على أمن الدولة زعيم جبهة الخلاص المعارضة والناشط السياسي المعارض المخضرم نجيب الشابي، في وقت تستعد فيه الجبهة لتنفيذ تحرك احتجاجي وسط العاصمة بعد غد الأحد.
ومثل نجيب الشابي صباح اليوم الجمعة أمام قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة للتحقيق معه بتهمة التآمر على أمن الدولة، وهي تهمة يصل حكمها للإعدام وطالت عشرات السياسيين.
وقد نفذ أنصار من جبهة الخلاص اليوم وقفة تضامنية مع الشابي تعبيرا عن رفضهم لاستنطاقه في قضية يعتبرونها “مسيسة وباطلة”، وقد رفع المحتجون شعارات تطالب بالكف عن ملاحقة المعارضين.
وقال كريم مرزوق، أحد محامي الدفاع عن زعيم جبهة الخلاص للجزيرة نت، إن الشابي “محال من أجل مجموعة من التهم في قضية التآمر على أمن الدولة، وتتعلق بجرائم موجودة بقانون مكافحة الإرهاب وبالمجدلة الجزائية تتعلق بتكوين وفاق إرهابي والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.
ويؤكد مرزوق أنه لا توجد أي مؤيدات قانونية ضد النشطاء السياسيين المحالين بتهمة التآمر على أمن الدولة، مبينا أن ملف نجيب الشابي يتضمن عديدا من قرائن البراءة، وأن ملاحقته تمت على أساس ممارسته للحقوق والحريات منها حرية الرأي والتعبير وحرية الاجتماع والتنظيم.
وأضاف “اليوم المعارضون أصبحوا أصواتا مزعجة للسلطة وتبين بوضوح أنها تذهب نحو توجه سلطوي قمعي للتضييق على الحقوق والحريات، وفي هذا الإطار استهدفت المعارضين عبر محاكمات سياسية في ظل غياب ضمانات المحاكمة العادلة”.
أشرس المعارضين
وقبل الثورة كان الشابي يعتبر أحد أبرز وجوه المعارضة وكان يترأس الحزب الديمقراطي التقدمي، أحد أشرس الأحزاب معارضةً للرئيس السابق زين العابدين بن علي. وبعد الثورة عارض حركة النهضة الصاعدة للحكم.
وبعد إعلان الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 عن تدابيره الاستثنائية التي عزل بموجبها الحكومة السابقة وأطاح بالبرلمان السابق وحكم البلاد بمراسيم رئاسية مطلقة، تحالف الشابي مع حركة النهضة ضده.
وأعلن الشابي عن تشكيل جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وهي ائتلاف لعدد من الأحزاب والمجموعات السياسية والشخصيات وتضم أساسا حركة النهضة، وتعتبر الفصيل السياسي والمعارض الأبرز على الساحة.
ومنذ فبراير/شباط الماضي، أي قبل 120 يوما، أطلقت السلطات التونسية حملة توقيفات واسعة شملت عشرات النشطاء السياسيين من الصف الأمامي لأحزابهم من مختلف التيارات السياسية والفكرية.
وكان من بين الموقوفين رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي يواجه 5 تهم؛ منها التآمر على أمن الدولة، وضمت التوقيفات الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي وهو شقيق نجيب الشابي.
وكان القاسم المشترك للتهم الموجهة لكل هؤلاء الموقوفين قضية التآمر على أمن الدولة ومحاولة قلب النظام، لكن هيئات الدفاع عن السياسيين الموقوفين يؤكدون خلو ملفاتهم من أي قرائن أو مؤيدات قانونية.
تهمة مفبركة
وقال نجيب الشابي -في تصريح للجزيرة نت عبر الهاتف- إنه قرر المثول أمام قاضي التحقيق، لكنه أكد في المقابل أنه لن يدلي بأي أقوال بسبب ما اعتبرها “تهمة سياسية مفبركة”، مضيفا قوله “لن أكون طرفا في هذه المسرحية”.
وسيستغرق التحقيق مع الشابي اليوم الجمعة بضع ساعات لكنه لا يعلم إن كان قاضي التحقيق سيبقيه بحالة سراح أم سيودعه للسجن.
وقال الشابي “أنا مستعد لجميع الاحتمالات بما في ذلك التوقيف”.
وكان الشابي، وهو محام في الأصل، توقع توقيفه بتهمة التآمر على أمن الدولة منذ الرابع من مايو/أيار الماضي، معتبرا أن المعارضة أصبحت جريمة في فترة حكم الرئيس قيس سعيد الذي اتهم مرارا المعارضة بالخيانة والتآمر.
ويقول الأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي للجزيرة نت إن السلطة أثارت قضايا سياسية مفبركة ضد المعارضين من مختلف التوجهات بسبب ممارستهم لحريتهم.
ممارسات قمعية
ويضيف المكي أن المحاكمات التي تسلط على النشطاء الحقوقيين بسبب تصريحاتهم وأرائهم في قضايا تهم الرأي العام هي من قبيل الممارسات القمعية التي تهدف إلى انتهاك حرية الرأي والتعبير.
ويقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي محمد الحمادي للجزيرة نت إن “استنطاق زعيم جبهة المعارضة نجيب الشابي يأتي في سياق استمرار استهداف السلطة للمعارضين وكل الأصوات الرافضة لانقلاب 25 يوليو/تموز”.
وأضاف “هذا لا يدخل في باب التآمر على أمن الدولة بقدر ما يدخل في باب تآمر السلطة على المعارضة بتلفيق الملفات في إطار محاكات سياسية جائرة”.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في تونس من توقيفات وملاحقات في حق سياسيين وحقوقيين وصحفيين ونقابيين ليس سوى خطة محكمة للتنكيل بكل مخالفي الرأي وللتوجهات التابعة للرئيس قيس سعيد.
ويرون أن السلطات تتعمد توجيه تهمة التآمر على أمن الدولة في حق المعارضين دون مؤيدات قانونية للزج بهم في السجن والتنكيل بهم والضغط على محاميهم وعلى القضاة للحيلولة دون إطلاق سراحهم.
وأصبحت الساحة السياسية في تونس تعيش حالة من الضعف بسبب تصاعد حملة التوقيفات والملاحقات في الصفوف الأولى من القيادات الحزبية، فضلا عن إغلاق مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص.
في المقابل، يرى أنصار الرئيس أن السلطات لم تقم بحملة عشواء لتوقيف النشطاء السياسيين وأن التوقيفات شملت عددا محددا من الشخصيات السياسية المثارة ضدهم شبهات فساد أو تآمر.
ويؤكد هؤلاء أن حملة التوقيفات لا تهدف إلى ضرب الحريات السياسية أو إقصاء الأحزاب وإنما إلى إرساء مبدأ العدالة والمحاسبة لكل الذين اقترفوا جرائم سياسية.