موجة عالية من التضخم ضربت الأسواق العالمية تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية وحدث معها اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد والتوريد، نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب ضد روسيا، وبالتالي ارتفعت أسعار الحبوب والغذاء خاصة في الدول النامية، ما سلط الضوء عالميا على أهمية الأمن الغذائي للبلدان.
وزادت أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في العديد من الدول، كنتيجة طبيعية للتغيرات التي حدثت في العالم الفترة الأخيرة.
ارتفاع أسعار الغذاء
وأظهر أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان أمن غذائي بارتفاع معدلات التضخم للسلع الغذائية عالمياً، لكن التقرير كشف أن مصر من بين أكثر الدول عالمياً تأثراً بموجة التضخم في أسعار السلع الغذائية، مع تحقيقها معدل 37.3 % تضخم (زيادة) في أسعار السلع الغذائية خلال عام 2022، وتحقيق نسبة 16% تضخم حقيقي لأسعار الغذاء جعلها سادس أعلى دولة في العالم.
ووفق تقرير البنك الدولي سجلت أغلب دول العالم نسبة تخطت الـ 10 % تضخما في أسعار السلع الغذائية، وسجلت دول مثل زيمبابوي وفنزويلا ولبنان نسب تضخم (اسمي) في أسعار الغذاء قياسية بلغت 285% و158 % و143 % على التوالي، ما يجعلها أعلى ثلاث دول، ووفق معيار معدل التضخم الاسمي للسلع الغذائية فإن مصر من بين أول 20 دولة عالمية في ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
لكن البنك الدولي أشار إلى نقطة أخرى في تقريره وهو حساب معدل التضخم الحقيقي للسلع الغذائية، بعد طرح معدلات التضخم في كل بلد- أي انخفاض القيمة الشرائية للعملة -، ووفق هذا المعيار جاءت مصر في المرتبة السادسة عالمياً في ارتفاع أسعار الغذاء كما هو موضح بالجدول التالي.
واحتلت مصر المركز السادس ضمن أعلى عشر دول بالعالم في تضخم وارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية وذلك وفق أحدث تصنيف لـ البنك الدولي حيث بلغت نسبة تضخم أسعار المواد الغذائية في مصر 66%.
وجاءت دولة فنزويلا في المركز الأول بنسبة تضخم بلغت 414% بينما بلغت نسبة تضخم أسعار المواد الغذائية في لبنان 280% لتحتل بذلك المركز الثاني.
وحصلت دولة زيمبابوي على المركز الثالث في نسب تضخم أسعار المواد الغذائية بنسبة بلغت 256% في حين جاءت الأرجنتين في المركز الرابع بنسبة تضخم لأسعار السلع الغذائية بلغت 117%.
وتصدرت جمهورية سورينام بقارة أمريكا الجنوبية المركز الخامس بنسبة تضخم بلغت 71% في حين جاءت مصر في المركز السادس بنسبة تضخم بلغت 66% وجاءت دولة سيراليون في المركز السابع بنسبة تضخم في أسعار المواد الغذائية بلغت 58% وجاءت غانا في المركز الثامن بنسبة تضخم لأسعار المواد الغذائية بلغت 54%.
أسعار السلع العالمية
واحتلت تركيا المركز التاسع بنسبة تضخم مشابهة لدولة غانا، حيث بلغت نسبة تضخم أسعار المواد الغذائية أيضا 54% وجاءت دولة هايتي بأمريكا اللاتينية في المركز العاشر، وتعد هايتي من أفقر الدول في قارة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حسب البنك الدولي، إذ يعيش نحو ستين بالمئة من سكانها تحت خط الفقر، وتم تصنيفها في المرتبة 170 من 189 من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمؤشر التنمية البشرية الخاص بها.
من جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن هناك عدة أسباب خلف أزمة الغذاء العالمية، من تلك الأسباب ارتفاع تكلفة توفير الطاقة التي تعد من أهم متطلبات الإنتاج بشكل كبير على أسعار السلع العالمية، مشيراً إلى أن ارتفاع معدلات التضخم بشكل عام هو ثاني اسباب أزمة الغذاء وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وأضاف الإدريسي، خلال تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن الأزمة الغذائية العالمية أثرت على معظم الدول وأصبحت تعاني بشكل واضح من تدني مؤشرات الأمن الغذائي، وهو مرتبط بارتفاع تكلفة استيراد السلع الغذائية، موضحا أن الوضع يختلف من دولة لأخرى، لكن المؤشرات بشكل عام تؤكد أن العالم كله يتأثر بالسلب نتيجة ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، واستمرار الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن حظر الدول تصدير القمح والحبوب يؤثر على انخفاض حجم المعروض، في ظل زيادة الطلب بما يرفع أسعار الحبوب عالميا، خاصة في ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وهما دولتان تسيطران على كمية كبيرة من صادرات الحبوب عالميا.
وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في يونيو الماضي إلى 41%، نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والسلع الغذائية الأساسية الأخرى، فيما انخفضت أسعار الخضروات والأرز.
وتراجعت قيمة الجنيه المصري إلى النصف منذ مارس 2022 بعد أن أظهرت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تأثيرات كبيرة على اقتصادات الدول.
وتوصلت الحكومة المصرية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر للحصول على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وتضرر الأمن الغذائي العالمي بشكل مبالغ فيه الفترات الأخيرة؛ بسبب التأثيرات الضارة التي سبّبتها التغيرات المناخية على إنتاجية المحاصيل داخل الدول المختلفة، فقد نتج عن موجة الحر التي اجتاحت القارة الأوروبية موجة جفاف متفاقمة أدت إلى انخفاض منسوب المياه بالأنهار والبحيرات.
كما تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة التي أصابت الهند في اتخاذ نيودلهي قرارًا بحظر تصدير الأرز الأبيض، بالإضافة إلى أعاصير “النينو” الموسمية وما تسببه من ارتفاع كبير في درجات الحرارة والأمطار الغزيرة في جنوب آسيا وأمريكا الوسطي، فكل هذه التغيرات تسببت في ارتفاع كبير بأسعار الغذاء؛ بسبب تأثير التغيرات المناخية على المعروض من السلع الغذائية.