سجود السهو عبارة عن سجدتين، ونقول فيهم مثل ما في السجود للصلاة، ولكن اختلف العلماء في موضع هاتين سجود السهو، من حيث كان سجود السهو في آخر الصلاة أم بعدها، سجود السهو يحل ليسد الخلل الذي يغفل عنه المصلي أو النقص الذي حدث بالصلاة، في حالة كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا، وسبب ذلك ثلاثة أخطاء: إما أن تكون زيادة في الصلاة، أو النقص منها، أو أن يشك المصلي في أنه زاد أو نقص في الصلاة.
في حالة أن المصلي سهى في صلاته، عليه أن يسجد سجود السهو، ونفس الأدعية التي تقال في السجود المعتاد تقال في سجود السهو، وقد قيل إنه من السنن قوله تعالى (سبحان من لا ينام ولا يسهو)، كما يستلزم سجود السهو النية بمعنى أن ينوي السجود ولكن بدون أن يتلفظ بها كي لا تفسد الصلاة، إما إذا كان المصلي في صلاة جماعة فعليه اتباع المصلي.
ما هي أسباب سجود السهو
يعد سجود السهو بمثابة سد للخلل الذي يغفل عنه المصلي في الصلاة، لذلك هناك أسباب تستدعي من أجلها سجود السهو وهي:
-الشك في الصلاة: أي أن يشك المصلي في صلاته وعليه يجب أن يصحح المصلي خطأة، واختلف العلماء في هذه الحالة ، قال الأحناف أنه إذا شك المصلي في صلاته، فإنه يتم صلاته على غلبة ظنة أي الاعتقاد الأكبر له، فإذا لم يكن لديه غلبة ظن، فإنه يتم الصلاة بناء على ما يتيقن به في نفسه، واستدلوا بحديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين).
ذهب المالكية والأحناف أنه إذا شك المصلي في صلاته فلا يعلم هل سجد مرة أم مرتين، ففي هذه الحالة يتم المصلي صلاته بناءً على يقينه، ثم يأتي بما شك فيه وبعد ذلك يسجد للسهو، واستدلوا بحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلي أو اثنتين؟ فليبن على واحدة فإن لم يدر اثنتين صلى أو ثلاثًا فليبن على اثنتين فأن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعًا؟ فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم) ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: (إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك، وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة له والسجدتان، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تمامًا لصلاته والسجدتان ترغمان أنف الشيطان).
ذهب الحنابلة إلى التفريق بين الأمام والمنفرد، فإذا كان الشخص يصلي منفردًا بنى صلاته بناءً على يقينه، وإذا كان إمامًا فيذكره المصلون خلفه بالخطأ، وفي حالة أن المصلي راوده شك بعد انتهاء الصلاة فلا أثر له، أما في حالة شكه بالزيادة أو النقصان حين أداء الصلاة فإنه يسجد للسهو.
-الزيادة في الصلاة: ولها حالتين وهما كالآتي:
الزيادة في أفعال الصلاة: في حالة زاد المصلي في الصلاة يتوجب عليه سجود السهو، كما جاء في السنة النبوية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما زاد أو نقص، قال إبراهيم: وايم الله ما جاء ذلك إلا من قبلي، قال فقلنا سيا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ فقال: لا قال فقلنا له الذي صنع، فقال: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين قال: ثم سجد سجدتين)، ومن أمثلة الزيادة في الأفعال: زيادة نفس الفعل أو تبديل فعل مكان آخر مثل السجود محل الركوع، أو زيادة ركعة على العدد المطلوب، وفي حالة أن المصلي علم بأنه زاد ركعة فعليه أن يجلس فورًا ويتشهد ثم يسجد سجود السهو ثم يسلم، أما في الجماعة فينبغي على المأموم أن ينبه الإمام بأي زيادة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني).
الزيادة في أقوال الصلاة: وهو أن يأتي المصلي بقول مشروع في الصلاة في غير محله مثل القراءة في السجود أو التسبيح في موضع القراءة وكان ذلك من غير قصد، فهنا يستحب سجود السهو، إما إذا كان الكلام الصادر من غير جنس الصلاة وعن قصد فقد بطلت الصلاة.
النقص في الصلاة: ويكون ذلك على حالتين، الحالة الأولى وهي ترك ركن من أركان الصلاة: مثل السجود أو الركوع فتبطل الصلاة بترك هذا الركن عمدًا، أما إذا كان سهوًا الترك سهوًا ماعدا تكبيرة الإحرام، فإذا تذكر المصلي النقص قبل وصوله إلى موضعه، فعليه أن يرجع ويأتي بالركن الناقص ويكمل صلاته، أما إذا كان الذكر بعد وصوله ففي هذه الحالة عليه أن يجعل الركعة التي هو قائم بها عوضًا عن الركعة التي حدث فيها النقص، وفي حالة تذكره بعد السلام من الصلاة فإنه يكمل ما نقصه من صلاته، وما يليه منها، الحالة الثانية وتكون بترك واجب من واجبات الصلاة مثل التسبيح في السجود أو تكبيرات الانتقال في الركعات، فإذا كان عن عمد تبطل الصلاة، أما إذا كان سهوًا ففيه حالات: إذا تذكر المصلي الركن اقبل أداء الركن الذي يليه، يترتب عليه سجود السهو.
كيفية سجود السهو
اختلف الأئمة الأربعة في كيفية سجود السهو، فتعددت الآراء في موضعه، من ناحية إذا ما كان سجود السهو قبل السلام من الصلاة أم بعده والآتي بيان بآراء الأئمة الأربعة: الإمام أبو حنيفة: ذكر عن مذهب الأحناف أن موضع سجود السهو بعد السلام من الصلاة نهائيًا، مع شرط النية للسجود، لأنهم اعتبروا سجود السهو صلاة، فإذا لا بد أن يتحقق فيها شرك النية، كما أخذوا ذلك علة نفس مقياس سجدة التلاوة وسجدة الشكر واللتان يشترطان فيهما النية.
والإمام الشافعي: اوضخ المذهب الشافعي أن موضع سجود السهو بعد التشهد الأخير وقبل السلام من الصلاة، ويستلزم فيه النية، سواء كان المصلي منفرًا أو كونه إمامًا، لكن في حالة كان المصلي مأمومًا فلا يشترط النية، ويكتفي بنية الإمام.
والأمام أحمد بن حنبل: بين المذهب الحنبلي أن موضع سجود السهو قبل السلام من الصلاة نهائيًا، ويكون ذلك في جميع حالات السهو فيما دون حالتين فقط وهما: أن ينقص المصلي ركعة أو أكثر، ففي هذه الحالة يأتي المصلي بالركعة الناقصة، ثم بعد ذلك يسجد سجود السهو، والحالة الثانية وهي أن يشك المصلي في شيء من الصلاة، ففي هذه الحالة يتم المصلي الصلاة ويسجد سجود السهو بعد السلام، واشترط الحنابلة إذا كان سجود السهو بعد الصلاة فيكون التشهد بعد سجود السهو وقبل السلام.
والإمام المالكي: ذهب المالكية أن سجود السهو يكون قبل السلام في حالة كون سبب السهو نقصًا، ويكون بعد السلام في حالة كون سبب السهو زيادة، ولا يشترط النية في حالة كون سجود السهو قبل السلام، ففي هذه الحالة تكفي نية الصلاة كون السجود جزءًا منها، ولكن في حالة أن السجود بعد الصلاة فإن النية هنا مشروطة لأن المصلي خرج عن الصلاة.