رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم، الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة، إحدى رواد الشعر العربي الحديث في العراق، وتمر اليوم الذكرى الثانية لوفاتها حيث توفيت يوم 18 يونيو عام 2021.
وُلدت لميعة عباس عمارة في عام 1929 في منطقة الكريمات ببغداد، وهي تنتمي لعائلة مندائية عريقة اشتهرت بصياغة الذهب،، وكان عمها زهرون عمارة أحد أشهر صاغة بغداد. جاء لقب عائلتها «عمارة» من مدينة العمارة حيث ولد والدها.
وتخرجت “لميعة” من الثانوية العامة في بغداد، ودرست هناك في دار المعلمين العالية، وهي الدار التي تحولت في ما بعد إلى كلية التربية التابعة لجامعة بغداد. حصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950، وعينت مدرسة في دار المعلمات.
بداية مبكرة.. دعم إيليا أبو ماضي
بدأت لميعة عباس عمارة الكتابة منذ أن كانت في الثانية عشرة من العمر، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي، صديق والدها، ونشرت لها مجلة «السمير» قصيدتها الأولى وهي في الرابعة عشر من عمرها، وقد عززها إيليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة إذ قال:
«إن كان في العراق مثل هؤلاء الأطفال؛ فعلى أية نهضة شعرية مقبل العراق».
كتبت لميعة الشعر الفصيح فأجادت فيه، كما كتبت الشعر الشعبي العراقي، أحبت لغتها العربية وتخصصت بها ومارست تدريسها، وقد نشرت ديوانها الأول في العام 1960 بعنوان «الزاوية الخالية».
وكانت ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع محيطها العربي الكبير، وقد وجدت في لهجتها العراقية ما يقربها من جمهورها العراقي الذي استعذب قصائدها، فتحولت بعض منها إلى أغنيات يرددها الناس.
ومن قصائدها المعروفة «أنا عراقية»، التي كتبت مطلعها حين حاول أحد الشعراء العرب مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في ثمانينيات القرن العشرين، حيث قال لها: «أتدخنين؟ لا!، أتشربين؟ لا!، أترقصين؟ لا!، ما أنتِ جمع من الـ «لا»، فقالت: أنا عراقية».
ميلاد الشعر الحر
اجتمع مع لميعة في سنوات الدراسة في المعهد، عدد من الشعراء، منهم بدر شاكر السياب و نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم، وكان التنافس الشعري بينهم شديدًا؛ تمخض عنه ولادة الشعر الحر.
نشاطها الثقافي
كانت لميعة عمارة عضوًا في الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد ما بين الأعوام 1963 و1975، وعضوًا في الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد، ونائبًا لممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس ما بين عامي 1973 و1975، ومدير الثقافة والفنون في الجامعة التكنولوجية في بغداد.
أعمالها الشعرية
للشاعرة لميعة العديد من الأعمال الإبداعية في الشعر والكتابة، منها: الزاوية الخالية عام 1960، عودة الربيع عام 1963، أغانى عشتار عام 1969، يسمونه الحب عام 1972، لو أنبأني العراف عام 1980، البعد الأخير عام 1988.
تكريم لميعة عباس عمارة في لبنان
كُرمت لميعة عباس عمارة من قبل الدولة اللبنانية بوسام الأرز من رتبة فارس عام 1974، لكنها لم تستلم الوسام بسبب الحرب الأهلية اللبنانية حينها، وكتبت:
«على أي صدر أحط الوسام ولبنان جرح بقلبي ينام». ولم تستلم الوسام حتى العام 1980.
وفاتها
عاشت لميعة عباس عمارة أغلب أيام غربتها في الولايات المتحدة على أثر هجرتها من العراق خلال حكم صدام حسين، وتوفيت بمهجرها يوم 18 يونيو 2021، عن عمرٍ ناهز 92 عامًا.