بدأ حجاج بيت الله الحرام في أعمال يوم عرفة ، حيث بدأوا في التجمع أمام مسجد نمرة ، استعدادا لحضور خطبة عرفة في الصباح الباكر ، ويردد ضيوف الرحمن ، التلبية بقولهم “لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك”.
وعندما يقف الحجيج ليؤدوا ركن الحج الأكبر على صعيد عرفة يظهر أمامهم مسجد (نمرة)، ونمرة: جبل نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا جمع تقديم، وانصرف منها إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
أعمال يوم عرفة
وتبدأ أعمال يوم عرفة ، بالمبيت في منى ليلة عرفة ، ثم التفويج إلى مشعر عرفات ، بعد طلوع شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، سيرا من منى إلى جبل عرفات مرددين تلبية الحج وهي “لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك”.
وبعد وصول الحجا إلى جبل عرفات فإنه يستحب له النزول بنمرة إلى زوال الشمس إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر نزل بأي مكان داخل حدود جبل عرفات.
فإذا زالت الشمس ودخل وقت صلاة الظهر ، سن له أن يستمع خطبة إمام مسجد نمرة ، ويصلي معه الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، يصليهما قصرا ، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين ، ويجمع بين الصلاتين في وقت الظهر.
وبعد أداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا ، يقضي الحاج وقته كله في الذكر، والدعاء، والتسبيح، والتحميد والتهليل، والتوبة ، والاستغفار، إلى غروب الشمس.
وقت الوقوف على جبل عرفات
قالت دار الإفتاء المصرية، متحدثة عن آخر وقت للوقوف بعرفة، إن الوقوف بعرفة يكون في اليوم التاسع من ذي الحجة، ويبدأ بعد الزوال -الظهر- هو وقتٌ صحيحٌ للوقوف بعرفة.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها، أن آخر وقت للوقوف بعرفة ينتهي بطلوع فجر يوم النحر أول أيام عيد الأضحي، وأن مَن جمع في وقوفه بعرفة بين الليل والنهار من بعد الزوال فوقوفه تام ولا شيء عليه، وأن من وقف بعرفة ليلة النحر فحجه صحيح.
وذكرت أن جمهور العلماء ذهب إلى أن الوقوف بعرفة يبتدئ من الزوال -بعد الظهر-، وأن الوقوف قبل الزوال غير مُجزئ، ومَن لم يقف بعد الزوال فقد فاته الحج، والحنابلة يرون أن مَن وقف ونفر بعد الفجر وقبل الزوال فحجُّه صحيحٌ وعليه دمٌ».
الوقوف على عرفات
وقالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إنه فيما ورد بالكتاب العزيز وسُنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم للحج.
وأوضحت «البحوث الإسلامية» عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابتها عن سؤال: «ما محل الوقوف بعرفة؟» ، أنه يجوز للحاج أن يقف بأي موضع تيسر له من عرفة إلا بطن عُرَنَةَ -وادي عرنة-.
واستشهدت بقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ»، مشيرة إلى أنه وضعت الآن علامات تبين حدود عرفة فيجب على الحاج ألا يتجاوز هذه الحدود، ومن وقف خارج حدود عرفة ــ ولم يقف بها ــ فسد حجه بالاتفاق.
ووادي عرنة هو أحد أودية مكة المكرمة الكبيرة، حيث يخترق أرض المغمس، ويمر بطرف عرفة من جهة الغرب عند مسجد نمرة، ثم يجتمع مع وادي نعمان غير البعيد عن عرفة، ويمر جنوب مكة على حدود الحرم، ثم يغرب حتى يفيض في البحر جنوب جدة على قرابة 30 كيلومترًا منه.
ويعد وادي عرنة من الأودية ذات السيول الجارفة، أما الزراعة فيه فهي قليلة، والوادي يفصل مشعر مزدلفة ومشعر عرفة، حيث نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحاج عن الوقوف به لأنه ليس جزءًا من عرفة.
فضل يوم عرفة
يوم عرفات هو يوم عظيم شريف يجتمع فيه الحجيج من كل أرجاء الدنيا في التاسع من ذي الحجة كل عام، رافعين أيديهم بالتضرع والدعاء لله عز وجل، على جبل عرفات المسمى (جبل الرحمة).
ويوم عرفة يوم عظيم، أقسم الله تعالي به، فقال الله تَعَالَى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ» أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات.
ويوم عرفة أكمل الله لنا فيه ديننا، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ. أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات.
كما أنه يوم المغفرة والعتق من النيران، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ ». أخرجه مُسلم.
وهو يوم تنزُّل الرحمات، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ، مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ» قِيلَ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ». أخرجه مالك في موطئه.
صيام يوم عرفة
وصيام يوم عرفة له فضل عظيم، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مُسلم، فصومه رفعة في الدرجات، وتكثير للحسنات، وتكفير للسيئات.
ويشرع صوم عرفة لغير الحاج ممن لا يقف بعرفة؛ لفعل سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها: «أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا (أي اختلفوا) عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي صِيَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ » متفق عليه.