أدرجت منظمة اليونسكو “جبل عكمة” الواقع شمال محافظة العلا السعودية، ضمن سجلّ “ذاكرة العالم”، بحسب ما أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
يأتي هذا الإنجاز، بعد إدراج مدينة الحِجر التاريخية في العلا عام 2008 ضمن قائمة التراث العالمي، كأوّل موقع سعودي في القائمة، وتسجيل محمية “حرة عويرض” في برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (الماب) عام 2022.
هذا البعد الثقافي الجديد الذي تضعه الهيئة الملكية لمحافظة العلا ضمن أهدافها الرئيسة، سيفتح الباب أمام “العلا” كي تصبح “أكبر متحف مفتوح في العالم، ومرصداً لتاريخ الحضارات شمال غرب السعودية، ضمن تجربة ثقافية تستهدف الباحثين وعلماء الآثار والمتخصصين والزائرين من كافة أنحاء العالم”.
أكبر المكتبات القديمة
يقع الجبل على بعد خمسة كيلومترات شمال العلا، ويُعدّ أحد أبرز المواقع التاريخية في العلا، إذ يضمّ آلاف النقوش القديمة المنحوتة في المنحدرات، ويصنّف كأكبر المكتبات المفتوحة في الجزيرة العربية، لما يحويه من نقوش أثرية تمّ تدوينها منذ آلاف السنين، وعلى امتداد عصور وحضارات مختلفة.
تتجاوز نقوش “جبل عكمة” 300 نقش ورمز، تعود إلى النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد، وتعود أقدم النقوش إلى عام 644 قبل الميلاد، كما يحتوي الجبل على 450 نقشاً للغات العربية ما قبل النبطية القديمة، وهي الآرامية والداديانية والتمودية والمينائية.
كما يضم رموزاً ذات دلالات تاريخية، تكشف عن تطوّر اللغات واللهجات، مثل الكلمات والطقوس الدينية والأنشطة والممارسات الثقافية التي سادت خلال حضارات عدّة عاشت في العلا.
تكتسب هذه النقوش أهمية من حيث الأصالة وسلامة المعلومات المحفوظة فيها، وترتبط بالحضارات والممالك العربية القديمة، فضلاً عن القيمة المعرفية لهذه النقوش المنحوتة في الجبل، التي تبرز أهمية العلا التاريخية كملتقى للتبادل الثقافي عبر الزمن، خلال الحضارتين الدادانية واللحيانية.
وغرّد وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان قائلاً: “تمّ تسجيل جبل عكمة في ذاكرة العالم التابع لمنظمة اليونسكو، ضمن رؤية السعودية 2030”.
ويُعدّ “جبل عكمة” أحد المراكز الخمسة الرئيسة ضمن “مخطط رحلة عبر الزمن”، ويجسّد من خلال موقع الجبل، تلاقي الطبيعة والتاريخ معاً على أرض العلا، وفق مشروعات تطوير البيئة الطبيعية، وإبراز العمق الثقافي.
ويشكّل إدراج هذا الجبل ضمن “ذاكرة العالم”، نموذجاً للتعاون في تطوير العلا، لتصبح وجهة عالمية رائدة للتراث الثقافي والطبيعي، الذي يربط الهيئة الملكية مع منظمة “اليونسكو”، وشبكة الشركاء العالميين للهيئة، مثل “الآيكوموس السعودي”، ومتحف “اللوفر” الفرنسي، و”الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا”.