تحسنت معاملات الاقتصاد المصري مع العالم بتحقيق فائض بميزان المدفوعات إذ انعكست الإصلاحات العديدة التي تبنتها الحكومة، مؤخرًا على الاقتصاد المصري وتوقعاته لعام 2024.
وضع مصر الاقتصادي أفضل بـ2024
وأبدت المؤسسات الدولية رؤية إيجابية لمسار الإصلاح الاقتصادي في مصر، والذي يبين تعزيز قدرة وصلابة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات والمزيد من تمكين القطاع الخاص، وتوقعت تقارير المؤسسات الدولية أداء إيجابي للاقتصاد الوطني خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه، أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الاقتصاد المصري أبدى تماسكًا وصمودًا أمام الأزمات العالمية بتداعياتها وآثارها القاسية خلال السنوات الماضية بدءًا من جائحة كورونا، وحتى التوترات الجيوسياسية، واستطاع التعامل الإيجابي والمرن مع هذه التحديات الخارجية والداخلية، على نحو يجعلنا نتوقع أن يكون الوضع الاقتصادي لمصر أفضل خلال العام المالي 2024/2025، خاصة فى ظل البنية التحتية المتطورة، ومع استمرار الإصلاحات الهيكلية القوية، التى تُحفِّز مسار الاستقرار الاقتصادي.
ومن خلال فتح آفاق أرحب للقطاع الخاص؛ باعتباره قاطرة التنمية والتعافي والنمو الاقتصادي التى نراهن عليها بشكل أكبر فى عام «٢٠٢٤»؛ حيث تبذل الدولة جهودًا ملموسة لتهيئة بيئة مواتية للاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية، من أجل تشجيع المستثمرين المصريين والشركاء الدوليين على الاستفادة بما يمتلكه الاقتصاد المصري من محفزات تنافسية، دافعة للتوسعات الإنتاجية والتصديرية، تجعله أكثر قدرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، لافتًا إلى تبني الحكومة لبرامج وطنية داعمة للاستثمارات الخضراء بحزمٍ من المزايا النقدية والحوافز الضريبية والجمركية؛ بما يتسق مع جهود مكافحة التغيرات المناخية، ويُسهم فى تعزيز المسيرة التنموية، وإرساء دعائم حياة كريمة، تُلبي تطلعات المواطنين فى «الجمهورية الجديدة».
وأضاف الوزير، أن الوضع الاقتصادي لمصر فى ٤٣ سنة، يشير إلى إصلاحات جوهرية، أسهمت فى ضبط المالية العامة للدولة، وانعكست فى مؤشرات إيجابية لأداء الاقتصاد الكلى خلال التسع سنوات الماضية، بمقارنتها بنظيرتها على مدار ٣٤ عامًا السابقة لها، موضحًا أنه لأول مرة منذ أكثر من ٣٧ عامًا استطاعت الدولة تغطية مصروفاتها بمواردها، وتحقيق فائض أولي فى العام المالي ٢٠١٧/ ٢٠١٨، والحفاظ على ذلك خلال ٦ سنوات ليبلغ ١,٦٪ من الناتج المحلي فى العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، ونستهدف خلال العام المالي الحالي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، تحقيق أكبر فائض أولي فى تاريخ مصر ٢,٥٪ رغم الأزمات العالمية القاسية، فضلًا على خفض معدل عجز الموازنة للناتج المحلى من ١٣,٨٪ في العام المالي ١٩٨١/ ١٩٨٢ إلى ٦٪ في يونيه ٢٠٢٣، ونتوقع انخفاضه إلى ٥٪ في يونيه ٢٠٢٧، وتراجع معدل الدين للناتج المحلى الإجمالي من ١٥٩٪ في العام المالي ١٩٨٠/ ١٩٨١ إلى ٩٥,٧٪ في يونيه ٢٠٢٣ ونستهدف نزوله إلى ٧٥٪ في ٢٠٢٧، من خلال الاستمرار فى سياسات الانضباط المالي، وتعظيم الإيرادات العامة.
وقال الوزير، إننا مستمرون فى رفع كفاءة الإنفاق الاجتماعى لتعزيز التنمية البشرية، وزيادة مخصصات القطاعات الحيوية ببرامج ومبادرات أكثر تأثيرًا فى حياة الناس؛ لتخفيف الأعباء عن كاهلهم بقدر الإمكان، حيث ارتفع الإنفاق الفعلي على بند الدعم بنسبة نمو ٥٠,٩٪ خلال العام المالى الماضى وتخصيص ٥٣٠ مليار جنيه في العام المالي الحالي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو ٢٤٤,٥ مليار جنيه في العام المالي ٢٠١٤/ ٢٠١٥، وزيادة مخصصات معاش «الضمان الاجتماعي» وبرنامج «تكافل وكرامة» من ١٢,١ مليارات جنيه في ٢٠١٤/ ٢٠١٥ إلى ٣٥,٥ مليار جنيه، وارتفاع مخصصات تمويل الإسكان الاجتماعي من ١٥٠ مليون جنيه في العام المالي ٢٠١٤/ ٢٠١٥ إلى ١٢,١ مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي، وارتفع دعم السلع التموينية إلى ١٢٨ مليار جنيه مقارنة بـ ٣٢ مليار جنيه في ٢٠١٤/ ٢٠١٥>
وأشار الوزير، إلى أنه تم استيفاء الاستحقاقات الدستورية المقررة للصحة والتعليم في الموازنة الحالية رغم التحديات الاقتصادية العالمية، وما يرتبط بها من ضغوط تمويلية ضخمة، حيث تمت زيادة المخصصات المالية للقطاع الصحي بنسبة ٣٠,٤٪ لتصل إلى نحو ٣٩٧ مليار جنيه مقارنة بـ ٣٠٤,٥ مليار جنيه خلال العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣؛ بما يسهم في تطوير مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتقليل الأعباء المالية والنفسية الناتجة عن المرض، لافتًا إلى أنه تمت زيادة المخصصات المالية للتعليم قبل الجامعي والجامعي بنسبة ٢٤,٣٪ لتصل إلى نحو ٥٩١,٩ مليار جنيه في العام المالي الحالي، مقارنة بـ ٤٧٦,١ مليار جنيه خلال العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، ورفع المخصصات المالية للبحث العلمي بنسبة ١٧,٥٪ لتصل إلى نحو ٩٩,٦ مليار جنيه، مقارنة بـ ٨٤,٨ مليار جنيه خلال العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣
الاستثمارات الخضراء والحوافز الضريبية
وبدأت الدولة مشروعات الطاقة الخضراء والتحول إلى الاستثمارات الخضراء منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية المصرية لتغير المناخ 2050، التي تم إطلاقها في فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ “COP26 “، بمدينة بجلاسكو الاسكتلندية، وفي كل يوم نشهد مبادرات هادفة وإيجابية، لزيادة المشروعات الخضراء الذكية، وفقاً لرؤية مصر 2030، وتنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى.
ومن جانبه، قال الباحث والمحلل الاقتصادي، أحمد أبوعلي، إن جميع اقتصاديات العالم، يتم توجيهها حاليًا لتحقيق فكرة الاستدامة الاقتصادية، والاقتصاد الأخضر، خاصة وأن هذا التواجه هو الرابح في ظل التحديات والتغيرات المناخية، موضحًا أن غالبية الاستثمارات الدولية في مجال الاقتصاد الأخضر، والاستثمارات التي تحقيق فكرة الاستدامة، ومصر استطاعت استقطاب هذا النوع من الاستثمارات، وبالفعل مصر لديها ما يمكنها من أن تكون حاضنة لذلك مثل المناطق الاستثمارية والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأضاف أبوعلي، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن بيئة العمل ومجتمع العمل في مصر، أصبح سامحا لدخول هذه الاستثمارات، خاصة وأن مصر تعمل في مجالات الاقتصاد الأخضر والاستدامة، مثل مشروعات الطاقة النظيفة والتي تعد ضمن الأكبر عالميا مثل: محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، ومحطة الرياح في جبل الزيت والزعفرانة والسخنة، ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
واختتم قائلًا إن مصر واقتصادها لديها القدرة على استقطاب هذا النوع من الاستثمارات، من كل أنحاء العالم، إلى جانب المحفزات التي تعطيها، للقطاع الخاص.
ومن بين مؤسسات الائتمان الدولية التي توقعت للاقتصاد المصري ازدهارًا هي:
- صندوق النقد الدولي يتوقع أن تحقق مصر رابع أعلى معدل نمو وسط أهم الاقتصادات العالمية لعام 2023 (صندوق النقد الدولي، يوليو 2022).
- الاقتصاد المصر ي يواصل تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومؤشرات تواصل التحسن لأعوام قادمة، مع توقعات إيجابية لأبرز مؤشرات الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة رغم استمرار التحديات العالمية، وحققت مصر واحدة من أعلى معدلات النمو عالميًا لعام 2022. (صندوق النقد الدولي، أكتوبر 2022).
- ترى وكالة ستاندر آند بورز آفاق نمو مناسبة لمصر خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مدعومة بالتنفيذ المستمر للإصلاحات المالية والاقتصادية إلى جانب الالتزام بتحقيق فائض أولي طموح.
- تعكس النظرة المستقبلية المستقرة توقعات الصندوق بالتزام مصر بالإصلاحات الاقتصادية واستقرارها إلى جانب آفاق النمو المستقبلية المناسبة وانحسار الضغوط التضخمية تدريجيًا.
- توقع الصندوق تعافيًا كبيرًا لقطاع السياحة المصري خلال عام 2023 مع زيادة عوائد السياحة خاصة بعد استضافة مصر مؤتمر المناخ COP27 إلى جانب المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه خلال العام الجاري.
- حافظت وكالة ستاندر آند بورز على النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، نظرًا لقدرة مصر على تلبية التزاماتها الخارجية من خلال الدعم المالي متعدد الأطراف من الشركاء الدوليين، وفي إطار برنامج صندوق النقد الدولي الذي من شأنه أن يقلل من الاختلالات الهيكلية للاقتصاد، وسيسهم مستقبلًا في تخفيف الضغوط التضخمية بصورة تدريجية إلى جانب توفير سيولة للعملات الأجنبية.
- سيكون قطاعا الطاقة والبناء محركين رئيسيين للنمو، إلى جانب قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتجارة الجملة والتجزئة والزراعة والصحة، كما سيسهم برنامج حياة كريمة الذي يهدف إلى تحسين مستويات المعيشة في المجتمعات الريفية في تطوير جودة البنية التحتية.
- رغم التأثير الإيجابي طويل المدى لتحرير سعر الصرف، فإنه يضيف إلى مستوى التضخم المرتفع حاليًا في مصر جراء تداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية وتأثيراتها على الارتفاع الحاد لأسعار القمح والوقود، ومع ذلك توقعت الوكالة اعتدال مستويات التضخم المستقبلية مع دعم الحكومة للفئات الأكثر احتياجًا لتخفيف آثار تلك الأزمة (وكالة ستاندر أند بورز، يناير 2023).