تحت شعار “من القلب إلى القلب نحو المستقبل”، افتتح الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم السبت النسخة الأكبر من دورة الألعاب الآسيوية في مدينة هانغتشو، بعيدًا عن ألعاب نارية أعلن المنظّمون عدم استخدامها التزامًا بالفلسفة الخضراء.
بعد تأجيلها لمدة عام بسبب النظام الصارم الذي فرضته الصين للقضاء على فيروس كوفيد19، انطلقت الدورة التي أقيمت لأول مرة في نيودلهي عام 1951، بمشاركة تفوق الألعاب الأولمبية، إذ يتنافس 12417 رياضي ورياضية، يمثلون 45 دولة على مدى أسبوعين.
وافتتح شي الذي حظي باستقبال حاشد من المتفرجين الذين لوّحوا بالأعلام الصينية الصغيرة، الدورة الثالثة في الصين بعد بكين 1990 وغوانزو 2010، في واحدة من أكثر المدن ازدهارًا في البلاد، أمام الضيوف المدعوين.
وشُدّدت الاجراءات الأمنية في المنطقة المحيطة بالملعب في الساعات التي سبقت الحفل، فأغلقت الطرق وتمركزت الشرطة على زوايا الشوارع.
خضع المتفرجون لفحوص أمنية شاملة قبل الدخول وصادر الموظفون الطعام والمظلات، مع توقف هطول الأمطار الخفيفة.
وجسّد حفل الافتتاح التراث الثقافي للصين والصور الرومانسية من خلال الدمج بين حضارتها العريقة والتكنولوجيا الحديثة، كما أبرز الحفل أطلال مدينة ليان غجو القديمة بوصفها موقعًا مقدسًا ومعلمًا بارزًا في الصين وحضارة عمرها 5 آلاف سنة.
ومن خلال التقنيات الحديثة المبتكرة، تمركزت فكرة الحفل حول المياه والتاريخ القديم لهانغتشو ومناظرها الطبيعية، مع الإشارة أيضاً إلى سمعة المدينة باعتبارها الموطن غير الرسمي لصناعة التكنولوجيا في الصين.
يروي غيوزي (31 عامًا) لوكالة فرانس برس كيف كان خريجًا للتو من الجامعة عندما فازت مدينته بشرف الاستضافة “وقتذاك لم أكن أتخيل أنني سأتواجد في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية”.
ولم تُستخدم الألعاب النارية في حفل الافتتاح في الملعب الأولمبي “بيغ لوتوس” المستوحى بشكله المعماري من الأمواج المتصاعدة لنهر تشيانتانغ، تماشيًا مع نهج الألعاب الصديق للبيئة.
حظي 50 ألف متفرج بـ”وليمة بصرية” باستخدام الألعاب النارية الإلكترونية الرائعة من خلال الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا الواقع المعزّز.
يقول وونغ ريغ (32 عامًا) إن المدينة انتظرت لحظة الافتتاح ثماني سنوات، “هانغجو تغيرت كثيرًا بسبب الألعاب، والناس هنا يعيشون حياة سعيدة”.
يضيف “والدي ووالدتي ينتظرون الافتتاح أيضًا في المنزل، فالمشاهدة عبر التلفاز لن تقل شأنًا بسبب التقنيات المستخدمة”.
ورأى جونغ وو لي خبير السياسة الرياضية في جامعة إدنبره لوكالة فرانس برس إن الألعاب “من المرجّح أن تكون تمريناً للقوة الناعمة للصين بعد الوباء في استاد مكتظ بحضور قادة سياسيين ورجال أعمال في آسيا”.
وتعرّضت مكانة الصين كوجهة رياضية لضربة شديدة خلال السنوات الثلاث الأولى من الوباء، عندما أدت عمليات الإغلاق المفاجئة وقواعد السفر إلى إلغاء جميع الأحداث الدولية تقريبًا.
ويُعدّ البلد المضيف المرشّح الأوفر حظًا لتصدر جدول الميداليات، حيث يضم وفدًا ضخمًا يبلغ قوامه نحو 800 رياضي، بينما تتنافس اليابان وكوريا الجنوبية على الوصافة.
وأرسلت كوريا الشمالية نحو 200 رياضي، منهية ما يقرب من ثلاث سنوات من العزلة عن الساحة الرياضية العالمية.
ويتنافس المشاركون بينهم أبطال عالم وأولمبياد، من أجل الحصول على ميداليات في 40 رياضة، من ألعاب القوى والسباحة وكرة القدم إلى الرياضات الإلكترونية والبريدج.
وستكون تسع رياضات، من بينها الملاكمة والبريك دانس وكرة المضرب، مؤهلة إلى دورة الألعاب الأولمبية المقرّرة في باريس العام المقبل.
تصدرّت الصين المضيفة جدول الميداليات في كل دورة ألعاب آسيوية منذ عام 1982، ومن المتوقع أن تفعل ذلك مرة أخرى بحلول موعد إسدال الستارة عن الألعاب في الثامن من أكتوبر المقبل.
وتبدو الصين مرشحة للسيطرة على منافسات السباحة عن طريق تشين هايانغ الذي أعلن نفسه ملكاً جديداً وبلا منازع في سباقات السباحة على الصدر في بطولة العالم.
كسب السباح البالغ من العمر 24 عامًا جميع السباقات السباقات الثلاثة (50 م و100 م و200 م) وسجل رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا في سباق 200 م.
في ألعاب القوى، وهي إحدى الرياضات الأكثر متابعة عن كثب، سيدافع البطل الأولمبي والعالمي الهندي نيراج شوبرا عن لقبه في رمي الرمح في دورة الألعاب الآسيوية، فيما يبحث النجم القطري المخضرم معتز برشم عن ذهبية ثالثة في الوثب العالي بعد 2010 و2014.
وستكون منافسة الرياضات الإلكترونية التي يُنظر إليها على أنها خطوة نحو الإدماج الأولمبي يومًا ما، رسمية لأول مرة في الألعاب الآسيوية، بعد أن كانت رياضة استعراضية قبل خمس سنوات.
وستُقام الألعاب في 54 موقعاً رياضياً، بينها 14 شُيّدت حديثًا، معظمها في هانغجو ولكنها تمتد أيضًا إلى مدن بعيدة مثل ونجو، على بعد 300 كلم جنوبًا.
وتشتهر مدينة هانغتشو البالغ عدد سكانها 12 مليون نسمة وتبعد مسافة ساعة بالقطار السريع من شنغهاي، بمعابدها القديمة وحدائقها وبحيرتها الغربية المحبوبة، وسخرت لنجاح الدورة، 37600 متطوعًا ومتطوعة من 46 جامعة ومؤسسة اختيروا من حوالي 324 ألف طلب.
وهي أيضًا الموطن غير الرسمي لصناعة التكنولوجيا في الصين، ولا سيما مسقط رأس شركة علي بابا التابعة لجاك ما.
وستعرض الألعاب بعضًا من أحدث التقنيات القادمة من المدينة بينها الحافلات بدون سائق والكلاب الآلية.