ظهر عدد من الثقوب الزرقاء في مياه البحر الأحمر، الذي يعد الأول من نوعه في سواحل السعودية البحرية، وهي من الظواهر الجيولوجية النادرة في العالم، وتأتي على شكل كهوف عمودية الشكل تكون أعمق بكثير من المياه المحيطة بها.
وعرف عن الثقب الأزرق في البحار والمحيطات أنه ظاهرة طبيعية عبارة عن منخفض بحري عميق، مقارنة بالمناطق الضحلة من حوله، ويقع أعمق ثقب أزرق في بحر الصين الجنوبي، وهو الثقب يونجلي العميق الذي يصل عمقه إلى 300 متر، ومن بين الثقوب الزرقاء الأخرى المشهورة عالمياً الحفرة الزرقاء الكبرى في بليز، وثقب قوزو الأزرق في مالطا، والثقب الأزرق في دهب في مصر، وثقب دين الأزرق في جزر البهاما.
ويشمل البحر الأحمر أخدودًا ذا مجرى ضيق يمتد بطول 2000 كم، ويعد واحدًا من أعظم البحار الثانوية غير العادية في العالم، ويزداد أقصى عمق له على 2500م، وهو يتصل في الجنوب بالمحيط الهندي عبر مضيق باب المندب، ويمتد إلى الشمال الشرقي مكونًا خليج العقبة، وإلى الشمال الغربي مكونًا خليج السويس الذي يتصل بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس.
ويختلف البحر الأحمر عن غيره من البحار في كون مياهه جيدة الاختلاط بشكل يجعل درجة حرارته متساوية على مدى عمقه، ويُعدّ أحد أعظم مستودعات التنوع الأحيائي البحري في العالم، ويسبح في مياهه أكثر من 1280 نوعاً من الأسماك.
رحلة اكتشاف الثقوب الزرقاء
وفي تفسير البروفيسور كارلوس دورتي، المتميز في علوم البحار، أن رحلة اكتشاف الثقوب الزرقاء تعد فريدة من نوعها وبمثابة مفاجأة في عالم اكتشافات المحيط، واسترسل مشيرًا إلى أن رحلة المركز المنوعاتي للحياة الفطرية من جنوب البحر الأحمر إلى شماله كانت بمثابة فرصة رائعة للتنقيب عن هذا الاكتشاف الرائع.
وتعد الثقوب الزرقاء حلقات من الشعاب المرجانية التي يمكن رؤيتها من سطح البحر لكن تحت السطح تظهر لنا بشكل اسطواني يشق طريقه للأعلى من عمق يصل إلى 700 إلى 900 متر تحت سطح البحر.
وأوضح أن الثقوب الزرقاء هي إحدى عجائب البحر التي احتفظت بغموضها وخبأت أسرارها لتكشف لنا في هذه الرحلة ثراءً أحيائياً وتكوينات جيولوجية فريدة.
وكان وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة المركز المنوعاتي لتنمية الحياة الفطرية المهندس عبد الرحمن الفضلي قد أعلن عن أحد أهم اكتشافات رحلة البحر المتمثلة بالثقوب الزرقاء وأطلق برنامج لدراستها والمحافظة عليها باعتبارها نظامًا بيئيًا جديدًا في المملكة، وذلك في ورشة العمل التي عقدها المركز المنوعاتي لتنمية الحياة الفطرية اليوم بعنوان “الثقوب الزرقاء في السعودية” بمشاركة عدد من الجهات العلمية المتخصصة والخبراء المحليين والدوليين.
وكان المركز المنوعاتي لتنمية الحياة الفطرية قد أطلق في وقت سابق من العام الماضي رحلة العقد لاستكشاف البحر الأحمر لإجراء أول مسح شامل لبيئات المياه السعودية في البحر الأحمر، وامتدت الرحلة على مدى 19 أسبوعاً من منطقة عفيفي جنوباً حتى خليج العقبة شمالاً، لجمع بيانات وإجراء دراسات عن بيئات البحر الأحمر وتنوعها الأحيائي وخصائصها البيئية.
وكانت الثقوب الزرقاء إحدى الاكتشافات المهمة حيث تم اكتشاف أكثر من 20 ثقباً أزرق على طول السواحل السعودية الجنوبية للبحر الأحمر، وهي عبارة عن نظام بيئي وتكوين جيولوجي فريد وثري بتنوعه الأحيائي جعلها ملاذًا لطيفاً واسعاً من الكائنات البحرية كالسلاحف البحرية، والأسماك، والثديات البحرية، واللافقاريات.
البيئات المهمة في المياه السعودية
وقال الرئيس التنفيذي للمركز المنوعاتي لتنمية الحياة الفطرية إن الورشة تسلط الضوء على الثقوب الزرقاء وهي إحدى عجائب البحر التي احتفظت بغموضها وخبأت أسرارها لتكشف لنا في هذه الرحلة ثراء أحيائيًا وتكوينات جيولوجية فريدة.
وأوضح أنه في عام 2022، تم اكتشاف أكثر من 20 ثقب أزرق على طول السواحل السعودية الجنوبية للبحر الأحمر، وأضاف “نعمل مع زملائنا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على دراسات وأبحاث تتناول التنوع البيولوجي والمخاطر والتهديدات على هذه البيئات المهمة في المياه السعودية للبحر الأحمر التي تحتاج إلى الحماية وتتطلب الكثير من الأنشطة البحثية”.
وأشار إلى أن حماية هذه البيئات ودراستها يتماشى مع أهداف مبادرات السعودية الخضراء المتمثلة في مبادرة رفع نسبة المناطق المحمية لتصل إلى 30 في المئة من مساحة المملكة بحلول 2030، إضافة إلى مبادرة تقييم ودراسة بيئاتنا البحرية وإعادة تأهيل المتضرر منها.
ونوه إلى أن أهمية هذا الكشف لا تتوقف عند العوائد البيئية، فجمال وجاذبية هذه البيئات يجعلها وجهة سياحية مهمة تدعم الاقتصاد المحلي وتسهم في تنوعه إضافة إلى الخبرات الكبيرة التي اكتسبها عشرات الباحثين المنوعاتيين من منسوبي المركز ومن الجهات المنوعاتية المشاركة في الرحلة واحتكوا بنخبة من الخبراء العالميين وبأفضل الممارسات العلمية.