قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه يجوز إفراد يوم الجمعة بالصَّوم إذا وافق يوم عاشوراء بغير كراهة، وكذلك كافة الأيام التي يُستحب صيامها، إذا وافقت صومًا مُعتادًا للمسلم.
صوم الجمعة إذا وافق يوم عاشوراء
يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ». [أخرجه مسلم]
ويقول الإمام شمس الدين الرملي: (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ … وَإِفْرَادُ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ بِالصَّوْمِ كَذَلِكَ … وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ). [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 209)]
صوم يوم العاشر من شهر الله المحرم منفردًا
يجوز صوم يوم عاشوراء منفردًا، ولا حرج في ذلك شرعًا؛ لأنه لم يرد نهي عن صومه منفردًا، بل ورد ثبوت الثواب لمن صامه ولو منفردًا؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري في “صحيحه”.
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» أخرجه مسلم في “صحيحه”.
وعاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر الله الحرام المحرم، وصيامه ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسنَّة الفعلية والقولية، ويثاب فاعل هذه السنة بتكفير ذنوب سنة قبله كما مر من الأحاديث.
ولكن يستحب صوم يوم التاسع من شهر المحرم مع يوم عاشوراء؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ. أخرجه مسلم في “صحيحه”.
قال الإمام النووي في “المجموع” (6/ 383، ط. دار الفكر): [وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في “الكشاف القناع عن متن الإقناع” (2/ 339، ط. دار الكتب العلمية): [وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ، قَالَ فِي “الْمُبْدِعِ”: وَهُوَ الْمَذْهَبُ] اهـ.
وذهب الحنفية إلى أن إفراد يوم عاشوراء بالصوم مكروهٌ كراهة تنزيه؛ جاء في “حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح” (ص: 640، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) القسم السادس وهو المكروه فهو قسمان: مكروه تنزيهًا، ومكروه تحريمًا، الأول الذي كُره تنزيهًا كصوم يوم عاشوراء منفردًا عن التاسع أو الحادي عشر] اهـ.
وبناءً عليه: فيجوز صوم يوم العاشر من شهر الله المحرم منفردًا، ويستحب مع ذلك صوم يوم قبله أو يوم بعده خروجًا من الخلاف.