تمر الأعوام، وتتعاقب الأجيال، ولايزال السكان الأصليون يعانون داخل البرازيل، فمنذ قدوم المستعمر الغربي لتلك البقة بأمريكا اللاتينية، وهو دائم ما يبحث عن كيفية التخلص من تلك الجماعات، ووصل الأمر إلى إحداث مجازر بشرية بحقهم، ورغم محاولة دستور البرازيل الأخير في ثمانيات القرن الماضي، إلا أن حقوقهم مازال مستباحة، وآخر تلك المعارك كان حول قانون جديد يهدف لسحب أراضيهم فيما يرفض تلك القبائل التنازل عن أي حقوق أخرى.
وقد قام سكان جواراني الأصليون بالبرازيل بإغلاق طريق Bandeirantes السريع للاحتجاج على التشريع المقترح الذي من شأنه تغيير السياسة التي ترسم حدود أراضي السكان الأصليين في ضواحي ساو باولو، وقد وافق المشرعون في البرازيل على اقتراح يجادل المعارضون بأنه سيؤثر على حقوق أراضي السكان الأصليين وحماية البيئة.
قانون جديد يتسبب في اشتباكات مع الشرطة
وتسلط الموافقة السريعة الضوء على قوة صناعة الزراعة البرازيلية القوية، حيث تعهد زعماء السكان الأصليين بمزيد من الاحتجاجات، وقد تم تمرير القانون عبر مجلس النواب البرازيلي في وقت متأخر من يوم الثلاثاء ومن المتوقع أن يوافق عليه مجلس الشيوخ، وذلك وفقا لما نشرته صحيفة npr الأمريكية.
ومن بين أحكامه، أنه سيحد من إنشاء محميات جديدة للسكان الأصليين في الأراضي التي احتلها السكان الأصليون فقط في عام 1988، وهذا هو تاريخ إصدار الدستور البرازيلي الأخير، وقد أغلق زعماء السكان الأصليين طريقًا سريعًا رئيسيًا احتجاجًا على التشريع المقترح، ورفع كثيرون لافتات تقول “كنا موجودين قبل عام 1988″، وقد اشتبكوا مع الشرطة مستخدمين الأقواس والسهام على قوات الأمن التي فرقت الحشد بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع.
إطارات محترقة وغرق طرق والاستشهاد بالتاريخ لحفظ الحقوق
ولم تتوقف الأزمة على اشتباكات فقط، فقد قام سكان جواراني الأصليون بغلق طريق بانديرانتس السريع بإطارات محترقة احتجاجًا على التشريع المقترح الذي من شأنه تغيير السياسة التي ترسم حدود أراضي السكان الأصليين في ضواحي ساو باولو بالبرازيل، فيما يقول معارضو القانون إن العديد من القبائل طردوا من أراضيهم خلال الديكتاتورية العسكرية البرازيلية ، التي انتهت في عام 1985 ، ولم يعودوا إلى أراضيهم إلا بعد سنوات.
وهناك 764 إقليمًا للسكان الأصليين في البرازيل ، لكن أكثر من 300 منها لم يتم ترسيمها رسميًا ولا تزال في مأزق قانوني، حيث يقع معظمها في منطقة الأمازون وتعتبر بمثابة مخازن رئيسية ضد إزالة الغابات، وقد اعترف الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بستة أقاليم جديدة في أبريل، وتعهد بحماية حقوق السكان الأصليين وعكس سنوات من تدمير الغابات المطيرة، وفي ظل الإدارة اليمينية المتطرفة السابقة للرئيس جايير بولسونارو، توقف ترسيم حدود أراضي السكان الأصليين.
وزيرة حكومة الرئيس تصف القانون بـالإبادة الجماعية
وقد أنشأ لولا وزارة جديدة للشعوب الأصلية، وعن موقفها من تلك الأزمة، وصفت وزيرة الحكومة، سونيا غواجارارا ، مشروع القانون الجديد بأنه “إبادة جماعية ضد السكان الأصليين” وكذلك “هجوم على البيئة”، وهو أشد هجوم تجاه هذا القانون المثير للجدل، ومازال مستقبله غامض في ظل الأجواء الحالية.
ومازال الأمل قائما لوقف المشروع، وإع كان هناك جهود لتخطى فيتو الرئيس البرازيلي، حيث حققت الصناعة الزراعية البرازيلية الحيوية مكاسب كبيرة في انتخابات العام الماضي بدعم المشرعون المحافظون المتحالفون في القطاع الاقتراح، ومن المنتظر أن يحال مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ للتصويت حيث يحظى اللوبي الزراعي بدعم قوي ويمكن أن يتجاوز الفيتو الرئاسي.
من هم السكان الأصليون للبرازيل؟
البرازيليين الأصليين أو الشعوب الأصلية في البرازيل، يتألفون من عدد كبير من المجموعات العرقية مختلفة التي سكنت ما يعرف الآن البرازيل منذ ما قبل الاتصال الأوروبي بالقارة الأمريكية، من قبل كريستوفر كولومبوس، والذي اعتقد أنه وصل إلى جزر الهند الشرقية، وقد كان البرتغاليون، وأبرزهم فاسكو دا جاما، قد وصلوا بالفعل إلى الهند عبر طريق المحيط الهندي عندما وصلوا إلى البرازيل.
وينحدر البرازيلي الأصليين عن الهنود الأصليين، الذين وصلوا من جزر بالاو إلى الأمريكيتين واستقروا منذ فترة طويلة في البرازيل، وهناك نظريات أخرى أن مواطني البرازيل وأمازون يأتون من أوقيانوسيا أو إفريقيا عبر البحر أو لديهم أصل بولينيزي يؤكد نظرية الاتصال مع القارة الأمريكية قبل كريستوفر كولومبوس.
وفي وقت الاتصال الأوروبي، كان بعض السكان الأصليين تقليدياً معظمهم من قبائل شبه بدوية عاشت على صيد الأسماك والزراعة، كما عانى الكثير من القبائل التي كانت موجودة في القرن السادس عشر من الانقراض نتيجة التسوية الأوروبية وتم دمج العديد منهم في السكان البرازيليين.
الإبادة الجماعية للشعوب الأصلية في البرازيل
بدأت الإبادة الجماعية للشعوب الأصلية في البرازيل مع الاستعمار البرتغالي للأمريكتين، عندما وصل بيدرو ألفاريز كابرال في عام 1500 إلى اليابسة فيما يعرف الآن بدولة البرازيل، وقد بدأ بيدرو ألفاريس كابرال العملية التي أدت إلى هجرة السكان الأصليين في البرازيل، نتيجة المرض والعلاج العنيف من قبل المستوطنين الأوروبيين، واستبدالهم التدريجي بمستعمرين من أوروبا وأفريقيا. وُصفت هذه العملية بأنها إبادة جماعية ما زالت تستمر حتى العصر الحديث مع التدمير المستمر للشعوب الأصلية في منطقة الأمازون.
دُمرت أكثر من ثمانين قبيلة أصلية بين عامي 1900 و1957، وانخفض إجمالي عدد السكان الأصليين بأكثر من ثمانين بالمائة، من أكثر من مليون إلى حوالي مائتي ألف نسمة فقط. يعترف الدستور البرازيلي لعام 1988 بحق الشعوب الأصلية في متابعة أساليب حياتهم التقليدية وفي الحيازة الدائمة والحصرية لـ «أراضيهم التقليدية»، التي عُينت حدودها على أنها أقاليم للشعوب الأصلية. ومع ذلك، من الناحية العملية، ما يزال السكان الأصليون في البرازيل يواجهون عددًا من التهديدات والتحديات الخارجية لاستمرار وجودهم وتراثهم الثقافي. تُعد عملية ترسيم الحدود بطيئةً، وغالبًا ما تنطوي على معارك قانونية مطولة، ولا تملك المؤسسة الهندية الوطنية الموارد الكافية لفرض الحماية القانونية على أراضي السكان الأصليين.