قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن السنة النبوية وحي من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي يتبع ما يوحى إليه في جميع أفعاله وأقواله, قال تعالى في أصل رسالة نبيه: (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الأحقاف:9].
التفسير النبوي للقرآن الكريم
وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: فكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من فعل أو قول هو شرح وتوضيح لما أنزله الله عز وجل, قال الرازي في تفسيره: إن الرسول هو المبين لكل ما أنزله الله تعالى على المكلفين (مفاتيح الغيب).
وأضاف: قد كان الصحابة إذا أشكل عليهم شيء من كتاب الله عز وجل يرجعون إليه صلى الله عليه وسلم فيبين لهم ما خفي عنهم, ويفصل لهم ما أجمل فيه, لذلك أضحت السنة ضرورية للوصول إلى الفهم الصحيح والتدبر السليم لآيات القرآن الحكيم.
وبين علي جمعة، أن هذه الشروح والأحكام التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي من وحي الله عز وجل كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل:44], ولذلك قال الإمام الشافعي: كل ما حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.
وقال السيوطي: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن, فما أجمل منه في مكان فقد فسر في موضع آخر, وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه, ثم قال: فإن أعياه ذلك طلبه من السنة, فإنها شارحة للقرآن وموضحة له (الإتقان في علوم القرآن).
وتابع علي جمعة: من هنا أيضا أكد الإمام الشاطبي رحمه الله أن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هي بيان للكتاب, قال: لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه وهو السنة, لأنه إذا كان كليا، وفيه أمور كلية, كما في شأن الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحوها فلا محيص من النظر في بيانه (الموافقات).
ولفت إلى أن التفسير النبوي للقرآن الكريم هو كل ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرًا وافيًا لما في القرآن; من بيان لمجمل, أو توضيح لمشكل, أو تقييد لمطلق, أو إفهام لمعنى كلمة أو شرح جملة, أو زيادة حكم فهمه من القرآن; قال القرطبي: البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين: بيان لمجمل في الكتاب كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها, وكبيانه مقدار الزكاة ووقتها, أما النوع الآخر فهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها, وتحريم الحمر الأهلية (الجامع لأحكام القرآن ).
وشدد علي جمعة أن من الأمثلة الواضحة لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما نزلت آية (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) [البقرة:187] عمد عدي بن حاتم رضي الله عنه إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض, فجعلهما تحت وسادته, فجعل ينظر في الليل فلا يستبين له, فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك, فقال: «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار» (البخاري)