في ظل التوجهات الحالية نحو تنمية الصناعات المحلية والاعتماد على الموارد الطبيعية المتوفرة، أعاد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، تسليط الضوء على مشروع طالما كان جزءًا من تراث مصر الزراعي والصناعي.. زراعة شجرة التوت وتربية دودة القز لإنتاج الحرير الطبيعي، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يمكن أن يكون مصدرًا اقتصاديًا واعدًا ويوفر فرص عمل حقيقية لمختلف الفئات، خاصة في الريف والمناطق الفقيرة.
شجرة التوت.. أساس صناعة الحرير
يؤكد أبو صدام أن شجرة التوت ليست مجرد شجرة تقليدية تزين الترع والطرقات، بل هي العمود الفقري لصناعة الحرير، حيث تتغذى دودة القز وهي أساس إنتاج الحرير الطبيعي على أوراقها. ورغم أهمية الشجرة، إلا أن زراعتها في مصر لا تزال غير منظمة، وتقتصر غالبًا على مناطق غير مستغلة أو بشكل عشوائي.
ويأمل نقيب الفلاحين في أن تنتشر زراعة شجرة التوت على نطاق واسع، مؤكدًا أن زراعتها لا تتطلب كميات كبيرة من المياه، ويمكن استغلال الترع والمناطق ذات المياه الجوفية، خاصة في محافظات مثل الدلتا والفيوم، لتوسيع زراعتها.
طرق الزراعة وأهمية العقل
يوضح أبو صدام أن شجرة التوت يمكن زراعتها بالعقل أو بالبذور، لكن الأفضل زراعتها بالعقل، لأنها تبدأ في الإثمار خلال ثلاث سنوات فقط، بينما تستغرق ما لا يقل عن ست سنوات إذا زُرعت بالبذور. وهذا يعني أن اعتماد الطرق الحديثة في الزراعة يمكن أن يُسرّع العائد الاقتصادي للمزارعين ويشجعهم على الدخول في هذا المجال.
دعوة لتخفيف الأعباء الجمركية ودعم التوعية
وشدد أبو صدام على ضرورة تخفيف الضرائب والجمارك على بيض دودة القز، الذي يُعد الأساس في إنتاج الحرير، إضافة إلى تكثيف حملات التوعية والإرشاد الزراعي لتعريف المزارعين بكيفية تربية دودة القز والعناية بها، مؤكدًا أن هذا المشروع يُعد من المشاريع متناهية الصغر، ويمكن لأي أسرة تملك شجرة توت أن تدخل في منظومة إنتاج الحرير.
من الزراعة إلى الصناعة.. الحلم الكبير
وأوضح نقيب الفلاحين أن مشروع الحرير يجب أن يُقسم إلى ثلاث مراحل مترابطة: أولاً، التوسع في زراعة شجر التوت، ثانيًا، نشر ثقافة تربية دودة القز، وثالثًا، دعم الصناعة التحويلية القائمة على الحرير.
وأشار إلى أن الحرير لا يستخدم فقط في صناعة الملابس الفاخرة، بل يدخل في الصناعات الطبية والدوائية، كخيوط الجراحة، ويُعد من الخامات المتينة وذات النعومة العالية. ولذلك، يرى أن التحدي الأكبر هو في إنشاء مصانع متخصصة في تصنيع الحرير محليًا، بدلًا من تصديره خامًا بأسعار زهيدة.
دعم الدولة.. فرصة لا تعوّض
واختتم أبو صدام حديثه بالإشارة إلى اهتمام الدولة المتزايد، وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء، بملف إنتاج الحرير، داعيًا إلى توجيه القطاع الزراعي بشكل استراتيجي نحو زراعة التوت وتربية دودة القز. ولفت إلى إمكانية إنشاء مزارع مخصصة للدودة، ما يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي ثم التصدير لاحقًا، خاصة وأن إنتاج مصر الحالي يتراوح بين طن ونصف إلى طنين فقط، رغم تصنيفها رقم 23 عالميًا في هذا المجال.
الحرير… مشروع لكل بيت
مشروع الحرير الطبيعي لا يقتصر على الفلاحين أو المستثمرين الكبار، بل هو فرصة ذهبية لمشاريع صغيرة وشبه منزلية في القرى، بسعر شجرة منخفض وعائد اقتصادي كبير. إنها دعوة لإحياء تراث قديم بروح جديدة، تمزج بين الزراعة والصناعة وتفتح آفاقًا تنموية حقيقية لمصر.